الرأي

لأجل إسرائيل For ever

عمار يزلي
  • 1098
  • 5
ح.م

حكاية الصهيونية العالمية، والتغوُّل الإسرائيلي، كانت مجرد أحجية أطفال بحجم قصة “الغولة”، ولم يكن إلا القليل منا يأخذها على محمل الجد، رغم كل الدلائل على الأرض، التي قد تحوز الأجهزة الأمنية منها ما يؤكد تخوُّف الجزائر منذ نحو سنة من انطلاق الحَراك لإسقاط المؤامرة الكبرى، بل وحتى ما قبلها: والكل يتذكر الحركات الانفصالية والإرهاب الممول والمدعوم سياسيا وإعلاميا من طرف الكيان الغاصب لحق الشعب الفلسطيني.

اليوم، وبعد كشف المؤامرة لوجهها علنا في البيت الأبيض، ونزع القناع، ظهر الوجه الأبيض من الأسود، وظهرت الأطراف الداعمة لحياكة اللبوس الصهيوني الأمريكي في المنطقة: فهذا الثلاثي المحوري في منطقة الخليج، قد بدأ يتحوَّل شيئا فشيئا إلى رباعي الدفع، ثم خماسي ثم.. سداسي الشكل.. مشكِّلا نجمة مسدَّسة الأضلاع.. هي التي أخذت على عاتقها البيع والتطبيع والانصياع.

مصر، باتت الآن محيَّدة تماما، إن لم تكن منخرطة بالتمام في مشروع التطبيع العربي الشامل. فقد كانت اتفاقية كامب ديفيد، هي النقطة التي بدأت محتشمة، وبدت الدول العربية والإسلامية وقتها ضمن ما يُسمَّى بقوى الممانعة، رافضة ناقمة إلى درجة سحب الجامعة العربية من القاهرة وتحويلها إلى تونس سنوات قبل أن تعود مصر.. إلى أصولها التاريخية. عادت، وعاد الإخوة في مصر يقولون إن العرب هم من عادوا إلى مصر وليس مصر هي من عادت إلى الجامعة العربية!

وهاهي اليوم، دولٌ خليجية مؤثرة ماليا تدخل حلبة التطبيع دون أن تسمّيه تطبيعا.. هناك ثلاثيٌّ معروف يقود حملة التوسُّع الإسرائيلي في بلاد العرب والمسلمين، وقد عوَّل اليمين الصهيوني الأمريكي على تنامي- كما يسمونه- خطر إيران الشيعية ضد دول الخليج، لكي تحلب منهم المال والموقف، الذي تراه عينا نتن ياهو عبر عيني ترمب. زعيم اليمين الإسرائيلي وزعيم البرجوازية المحلية الأمريكية التي تنافس البرجوازية الأمريكية الدولية: جناحان أمريكيان يتنافسان، للتوسّع عالميا، ووجد ترمب في الصهيونية والإنجيلية الجديدة المتواطئة إيديولوجيا مع اليمين البورجوازي الأمريكي، الرافعة المعنوية الشعبوية التي تمثل الحد الثاني من حد السلاح الذي يشهره للبقاء “For ever”.. على حد تغريده بعد تبرئته حزبيا من محاولة عزله حزبيا أيضا.

لقد بدا واضحا الآن، مدى التخطيط المشترك من أجل تنفيذ مشترك أيضا ضمن حملتين انتخابيتين متزامنتين لمرشحين متهمين: سرقة القرن. وبات أمرُ تنفيذها مرتبطا بمن يسوّقها ويمرّرها عربيا وإسلاميا: ستّ دول عربية تبارك المشروع.. ثم هاهي بوادر أخرى تخرج من تحت ستار السر المدفون: قيادة السودان العسكرية بعد الإطاحة بالبشير الذي رفض التبشير والتطبيع مع المشير، بدا غير طيّع على التطبيع والبيع، يبدي “البرهان” قبول التطبيع مقابل الاعتراف الأمريكي ومزايا رفع العقوبات.. نفس ما يذهب إليه المغرب: اعتراف أمريكا بـ”مغربية؟” الصحراء الغربية مقابل التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني.

لكن، أين كل هذا منا؟ ومن الجيران على الشرق وفي الجنوب؟ إنه الامتداد: من مصر، إلى السودان، عما قريب، يجب أن تمتد أيادي البيع والتطبيع إلى ليبيا، بدءا من شرق ليبيا وقد حصل أن صارت في أيدي حفتر، الذي هو عراب البيع والتطبيع الليبي.. وعما قريب لو سقطت طرابلس، ستكون تونس والجزائر بين فم كماشة.. وهذا هو السيناريو الذي يُحضَّر له ضدَّ الجزائر.. وهو ما تعمل على مجابهته الجزائر متأخرة بفعل غياب رئيس قويّ سنوات.. لكن الوقت ليس متأخرا.. وإن غدا لناظره قريب.

مقالات ذات صلة