الرأي

.. لا أحد يمثلنا!

انتصاب قادة العالم فوق منبر الأمم المتحدة، لا يكشف عن عالم موحد في رؤاه، هو عالم مجزأ مقسم، لا يرتقي إلى إدراك قيمة وحدة المصير البشري، وما يهدد وجودا بشريا يفتقر إلى العدل والتكافؤ والأمن.

عالم مجزأ، تعبث به الصراعات، والأطماع، شعوب فقدت حقها في الحياة، ودول انهارت وتشتت مجتمعاها بين لاجئ ونازح ومشرد وقتيل، ومجتمعات يقتلها الفقر في ظل دول انتزع صندوق النقد الدولي سيادتها، فوارق طبقية، جعلت فئات بشرية في الدرك الأسفل من الحياة، تبحث في يومها عن رغيف خبز حاف لا يرتق فتق الجوع المطبق.

زمن رديء، رداءة خطاب قادة العالم، المرفهين في بروج عاجية، لا تلفح وجوههم نسمة هواء ملوثة بعوادم حياة رديئة، برزوا لنا في محفل دولي، متباهون، متفاخرون، بما حققوه في صفحات صحف لم يطالعها أحد.

كان السلام مفردتهم المشترَكة، سلام لا نرى غير التباكي عليه، أمام إرهاب صار أقوى من نظم سياسة عظيمة، قادرة على محو الكرة الأرضية، عندما تشاء.

الرئيس دونالد ترامب يدعو العالم إلى التخندق معه في خندق محاربة الإرهاب، ورموزه، ويأبى محو إرهاب قادة سبقوه، ويستخف بحقوق الشعب الفلسطيني المشرد، ويضع نظام “الملالي” في إيران في خانة العدو الأول.

ويأتي الرئيس الإيراني حسن روحاني، حاملا في جعبته أثقال اتهام من يراهم في خندق “الإرهاب” ويشكو ما يراه عقابا ظالما فرض على شعبه، معتبرا تدخله في دول العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان، حماية لشعوبها من الإرهاب، متناسيا إرهاب المليشيات الشيعية التي أذاقت شعوب المنطقة الأمرين!

ولا تخفي المملكة العربية السعودية شكواها، من إرهاب إيراني يستهدفها عبر جماعة الحوثي، وإيران تبادل الاتهام باتهام مماثل، حين تضع الرياض في قائمة الراعي الأول للإرهاب.

اليمن يئنُّ شعبها تحت وطأة حرب لا يبدو لها نهاية، هي حرب سعودية – إيرانية في جوهرها، لم يقو المجتمع الدولي على ضبط مساراتها، حتى باتت خارج نطاق السيطرة.

سوريا تفتح ملف الإعمار لمدنها المهدَّمة، والإرهاب مازال يسري فيها سريان النار في الهشيم.

أما دولة قطر فتشكو عزلة وحصارا، لا ترى له مبررا في محيطها الخليجي الواقع في دائرة صراع إقليمي، بينما يتباهى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمشروع القضاء على الفقر، وانتصاره على بؤر الإرهاب “الإسلامي”.

الصين تتحدى حربا تجارية، تشنُّها واشنطن، وروسيا لا تأبه بعقوبات اقتصادية صادق الرئيس ترامب على تنفيذها، وهي تخوض ما تعتقده حربا على الإرهاب في سوريا، بينما فرنسا وكأن همها الأول، هو الالتزام باتفاقية باريس للمناخ، إنقاذا للعالم من خطر إرهاب بيئي يهدد وجوده.

العالم فوق فوهة بركان، تجلت انفجاراته فوق منبر الأمم المتحدة، المعزول عن شعوب الأرض التي لم ترَ في هذا الموسم الخريفي، من يمثلها حقا، فمن تنادى باسمها هو منبع الفقر والتردي والإرهاب.

مقالات ذات صلة