-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نجمة الدراما السورية سوسن أرشيد لمجلة الشروق العربي

لا أرى أهمية الدور بعدد المشاهد وإنما الدور اللافت بخطه الدرامي

طارق معوش
  • 620
  • 0
لا أرى أهمية الدور بعدد المشاهد وإنما الدور اللافت بخطه الدرامي
تصوير : عبد الكريم شنيڨ

يظلل الخجل وجهها، وتطل الطيبة من عينيها، وكأنها طالبة مازالت على مقاعد الدراسة، رغم أنها تخطت الأربعين. جميلة الطلة، تنبئ ضحكتها عن روح ندية وقلب طيب. تعددت أدوارها ومشاركاتها، وإن غلب عليها طابع الفتاة والسيدة البسيطة الطيبة المغلوبة على أمرها. سوسن أرشيد، استطاعت أن تفسح لها بمجال التمثيل مكاناً، أثبتت فيه موهبتها وحضورها عبر فترة ليست بالطويلة، فأكدت وجودها في الوسط الفني رغم المنافسة القوية، ورغم أنها مقلة في أعمالها، نتيجة شروطها الخاصة التي تنقي وتصطفي عبرها الأفضل والأكثر تميزاً من الأعمال والأدوار، التي تبعدها عن التكرار.. وهاهي حاضرة عبر أعمال سورية ناجحة بامتياز، بدءا من «خلف القضبان»، «أنا وأربع بنات»، «بقعة ضوء»، «كسر الخواطر»، وغيرها… حول أدوارها وأعمالها وحياتها الأسرية، كان لنا هذا اللقاء مع الفنانة سوسن أرشيد.

لا أرى أهمية الدور بعدد المشاهد وإنما الدور اللافت بخطه الدرامي

الشروق: أعمالك قليلة قياساً ببقية الفنانات من بنات جيلك، هل شروطك صعبة في اختيار أدوارك؟

– شروطي ليست صعبة لكن يهمني أن تستفز تلك الأدوار ما بداخلي، وتقدمني بالشكل الذي أريده كفنانة تترك ملامحها الخاصة على أدوارها. لذلك، أكون مقلة في بعض الأحيان. وقد لاحظت في الفترة الأخيرة أنني أكاد أكون محاصرة بأدوار البنت الطيبة، التي تتكرر دوماً معي إلى حد بات يزعجني، إذ أسعى إلى أدوار مختلفة تقدم شيئاً نوعياً، لذلك أعتذر في أحيان كثيرة عن أعمال تضعني في الإطار نفسه.

الشروق: من هو المخرج الذي استطاع أن يخرج ما بداخل سوسن من موهبة وإبداع؟

– تختلف أساليب المخرجين الذين عملت معهم، فكل مخرج كان له أسلوبه الخاص، وقد استفدت من كل التجارب والأساليب، وإن كنت أرغب في أدوار نوعية تستفز ما بداخلي.

الشروق: هل تتوقين إلى أدوار البطولة المطلقة، ولماذا لم تحظين بالدور الأول حتى الآن؟

– أتوق إلى أدوار متميزة لافتة، تحقق البصمة الخاصة والأداء المتجدد الذي يقدم الجديد، ويضيف القيمة الفنية إلى أعمالي، لأني لا أرى أهمية الدور بعدد المشاهد، وإنما الدور اللافت بخطه الدرامي وفاعليته الدرامية وخصوصيته، خاصة أن غالبية الأعمال السورية تبتعد عن البطولة الفردية المطلقة.

الشروق: أفهم من كلامك أنك تطمحين إلى دور خاص ترغبين في تجسيده؟

– كما سبق أن صرحت لك، أحب أن أجسد الأدوار المركبة، كما أنني أجد أن أدوار الإعاقة تعطي الفنان فرصة فنية للإبداع، لما تختزنه من عوالم خاصة وشخصيات لها صعوبتها الحياتية والأدائية. هذا، عدا أهمية المعالجة التي تهتم بفئات كهذه.

المرأة الضعيفة ضحيّة نفسها أولاً.. قبل أن تكون ضحيّة المجتمع

الشروق: كيف ترين مكانتك بين نجمات بلدك؟

– لا أستطيع الحكم على نفسي.

الشروق: احتفلت منذ فترة بعيد ميلادك الأربعين. من هي سوسن أرشيد اليوم؟ هل تغيّرت مع السنين؟

– لم أفكّر يوماً في هذا السؤال… هو سؤال معقّد، لأنه يدخل إلى عمق الذات الإنسانية. ليس من السهل على المرء أن يغور في أعماق ذاته، ليجيب عن أسئلة وجودية. أعتقد أنني أصبحت امرأة تعيش يومها، وتتمتّع به إلى أقصى الحدود. صرت أقدّر الوقت أكثر، ولا أحبّ أن أضيّعه مع أشخاص لا يضيفون إليّ شيئاً. أحبّ الوقت الذي أمضيه مع زوجي مكسيم. كما أن النضج حوّلني إلى امرأة أكثر تفهّماً وتسامحاً. صرت امرأة تتفهّم ظروف الآخر وتعذره، بعدما كنتُ أحكم عليه وأدينه وأتّخذ موقفاً منه. كذلك، أصبحت أتجنّب إبداء الرأي في أيّ شيء، إلا عندما يوجّه إليّ السؤال، لأنني بتُّ على قناعة بأنّ أحداً لا يستمع إلا عندما يكون مستعدّا لذلك، وكلّ ما عدا ذلك كلام في الهواء، ومضيعة للوقت.

الشروق: هل من دور ترفضين تقديمه لأنه يسيء إلى المرأة؟

– طبعاً، لا أحب دور المرأة الضعيفة، إلا في حال انتفضت هذه الأخيرة على واقعها، وانتصرت لذاتها، فليس هناك من امرأة ضعيفة. المرأة مخلوق ذكيّ وقويّ ومتمكّن، وأرفض أن أقدّمها بصورة لا تليق بإمكاناتها وذكائها وقوّتها وقدرتها على التحمّل والعطاء. المرأة الضعيفة هي ضحيّة نفسها أولاً، قبل أن تكون ضحيّة المجتمع.

الشروق: غالبية البطولات في الدراما العربية تُسند إلى الرجال، ثم تُعطى المرأة الصغيرة والجميلة دوراً مسانداً للرجل، ما رأيك في هذا؟

– يجب أن يُعاد النظر في هذا الوضع اللاسوي، لأن له تأثيره في المجتمع والأجيال القادمة. الدراما العربية اليوم تقدّم قصّة حبّ بين بطل ستيني وشابّة في العشرينيات، على أنها قصّة حبّ عاديّة وطبيعية، وهذا غير مقبول.. ثمّ تقدّم المرأة الخمسينية في قصّة حبّ مع شابّ يصغرها بثلاثين عاماً!!! لا أفهم لماذا لا تقدّم الدراما العربية قصّة حبّ بين رجل ستيني وامرأة خمسينية، وبين شاب ثلاثيني وفتاة عشرينية. هذا ما يقوله المنطق والعقل، وعلى المنتجين والكتّاب أن يتنبّهوا إلى ما يقدّمونه وآثاره المشوّهة للمجتمع.

هجرة بعض الفنانين السوريين أثّرت سلباً على الدراما في وجودها وفي كيانها

الشروق: ما أهمّ ما تعلّمته من التمثيل؟

– تعلّمت ألاّ أُعجب بنفسي عندما أشاهد الدور الذي قدّمته على الشاشة، بل تراني أبحث عن أخطائي كي أصحّحها ولا أعود إليها. في التمثيل، كما في كلّ مهنة أخرى، عندما تنتشي بنجاحك وتعتبر أنك بلغت القمّة، يتراجع أداؤك من حيث لا تدري.

الشروق: أيّ خبرة تحبّين أن تنقلي إلى الأجيال الجديدة من الممثلين؟

– أقول لهم: لا تركّزوا على المكياج والثياب والإطلالة، بل على الأحاسيس والمشاعر وردود الفعل. شغّلوا كاميراتكم الشخصية وراقبوا أنفسكم ومَن حولكم في مواقف معيّنة، لأنكم ستحتاجون إلى ذلك في الأدوار التي ستُسند إليكم. فأنتم ستُخرجون في أدواركم ردود الفعل التي خزّنتموها في ذاكرتكم ذات يوم. ولا تنسوا أن لكلّ شخصيّة طبقة صوت معيّنة، وأسلوباً معيّناً في الكلام، وانفعالات ومِشية ولغة جسد خاصّة بها. والأهم من كلّ هذا، أنصح الجيل الجديد بالتواضع وعدم التفاخر بأول نجاح يحققه ومتابعة المسيرة كما لو أن نجاحاً لم يكن، والبحث دائماً عن دور جديد ونجاح أكبر من النجاح الذي كان.

الشروق: سنوات مرت والدراما السورية تعيش بين المد والجزر.. كيف تقيّمينها؟

– لا يمكنني تقييمها الآن، فسوريا لم تتعافَ بعد، ولا تزال في أجواء الحرب، وفي قلب الأزمة، لكن المهم أنها استطاعت أن تحافظ إلى حد ما على وجودها رغم هذه الحرب الكونية، وطبعاً هجرة بعض الفنانين خارج سورية وظهور نجومها في مسلسلات درامية عربية مشتركة، أثّر سلباً في وجودها وفي كيانها. الفن لم يستطع أن يحمي أهله بسبب عدم التكاتف كمؤسسات وأفراد وجهّات فنية. وأتمنى من كل الفنانين أن يعودوا إلى سوريا، موالين ومعارضين، وأظنّ أن جميع الفنانين السوريين يحبّون بلدهم كلٌّ على طريقته.

الشروق: برأيك، هل هناك أعمال لامست الواقع السوري المؤلم؟

– طبعاً، هناك أعمال لامست بعض أجزاء الواقع.. ودائماً الأعمال التي تظهر موازية للحرب والألم تكون أقل من الواقع، لأنها لا تستطيع أن ترضي وتجمع كل الآلام والآمال. هي تضيء على نواح معينة فقط.

الشروق: برأيك متى تكون الدراما انعكاسا للواقع؟

-عندما يكون هناك حرية في التعبير من دون شروط أو قيود ودون خوف، لأن الخوف يقتل الفن ويقتل كل شيء حي.

الشروق: سوسن أرشيد عاشت حالات إحباط؟

– طالما أنني وصلت إلى هذه المرحلة من عملي في التمثيل، فهذا بحد ذاته يؤكد أنني متفائلة وعندي طموح كبير لتحقيق نتائج أفضل. والإحباط بعيد عني.

لا أؤمن بالمثل: “الزواج مقبرة الحب”.. وهذه علاقاتي مع زوجي مكسيم خليل

الشروق: هل وضعت ثقتك في أحد ولم تكن هذه الثقة في مكانها؟

– نعم، وخاصة في مرحلة البداية، لم يكن لديّ خبرة في الحياة، فأخطأت كثيراً، عندما وضعت ثقتي في ناس لا يستحقونها، والمشكلة في هذا الزمان أن قلائل هم الأشخاص الذين تطمأن إليهم وتعطيهم ثقتك، ومن الأفضل أن يكون المرء حريصاً ولا يضع ثقته في الآخرين بسرعة.

الشروق: ما هو الشيء الذي ندمت عليه؟

– ربما يكون هذا الموضوع مرتبطا بالثقة التي وضعتها في أشخاص لا يستحقونها، وكنت طبيعية مع أشخاص تفكيرهم محدود، فلا يستحقون أن يكون المرء طبيعيا معهم، فيبدو أن على الإنسان أن يمثل حتى في الحياة، كي تشكل الناس عنه صورة مثالية، فمجرد أن يكون الإنسان على طبيعته تبدأ الناس تتحدث عنه يميناً وشمالاً.

الشروق: علاقتك مع زوجك النجم مكسيم خليل كيف تقيمينها؟

– سأختصر لك العلاقة بقولي: أنا لا أؤمن بالمثل “الزواج مقبرة الحب”. أعتقد أن هذا كاف لإيصال طبيعة العلاقة بيننا. علاقتنا مبنية على المحبة والاحترام والكثير الكثير من التقدير.

الشروق: هل يتدخل في عملك أو تأخذين رأيه في العمل؟

– دائماً نستأنس بآراء بعضنا قبل اتخاذ أي قرار في العمل وغير العمل. ولا أخفيك أن آراءنا متقاربة لكي لا أبالغ وأقول متطابقة.

سوسن أرشيد في سطور

ممثلة سورية، من مواليد 12 يوليو 1979بمدينة “سانت بطرسبرغ” بروسيا، لأب سوري وأم روسية. والدتها كانت كثيرة التشجيع لها على الانضمام إلى الأعمال الفنية التي كانت تقام في المدرسة، تخرجت من المدرسة الثانوية عام 1996، ثم درست العلوم التجارية، وتخصصت في علوم إدارة الشركات. وقبل الانتهاء من الدراسة في كلية التجارة، التحقت الفنانة سوسن أرشيد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخصصت في مجال الإخراج والتمثيل. كانت انطلاقتها الفنية عام 2004، حين شاركت بدور البطولة في فيلم قصير يدعى “عن الحب”، كما شاركت وهي في السنة الثالثة من المعهد في مسلسل “مرايا”. عقب تخرجها من المعهد العالي للفنون المسرحية، شاركت سوسن أرشيد في 4 مسلسلات درامية هي: (ملوك الطوائف، قرن الماعز، أحقاد خفية، خلف القضبان). ويعد (ملوك الطوائف) المسلسل التاريخي باشتراكها مع (جمال سليمان) و(تيم حسن) و(سوزان نجم الدين) محطة هامة في مشوارها الفني. وبرزت بدور (إيمان) في مسلسل (الراية) عام 2011، من المسلسلات الأخرى التي شاركت فيها المسلسل الكوميدي (هيك اتجوزنا) عام 2008 ذو الحلقات المنفصلة.. كما استمرت بإبداعها عندما أدت شخصية الأميرة (جشم هانم) في مسلسل (سرايا عابدين). وهي متزوجة من الفنان السوري (مكسيم خليل) ولديهما ولدان (جاد) و(لوكاس).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!