جواهر
فضفضة

لا أستطيع الصبر على فراق ابنتي

نادية شريف
  • 17063
  • 20
ح.م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أدام الله عليكم نعمة الصحة والعافية وبعد:

أنا يحي من الشرق الجزائري، متزوج وأب لثلاث أطفال ذكور، رزقت بعدهم ببنت ولكنها توفيت بعمر ثمانية أشهر وهو الأمر الذي لم أستطع تجاوزه للآن لا أنا ولا والدتها..

حياتنا صارت عذابا ودموعا من يوم فقدنا فلذة كبدنا التي انتظرناها كثيرا.. كانت فرحتنا لا توصف حين حملت زوجتي وعرفنا بأن جنس المولود أنثى.. جهزنا كل شيء بالوردي لاستقبالها بفرح واخترنا لها اسم هبة الرحمان لأنها كانت أروع هدية لكلينا بعد 3 ذكور..

مرت شهور الحمل على خير ما يرام ورأت هبة النور واحتفلنا بها كالملكة وكنا نستمتع برؤيتها تكبر أمام ناظرينا، وسبحان الله كانت كالملاك هادئة من يوم ولادتها عكس إخوتها.. لم تتعبنا أبدا وكانت توزع الابتسامات علينا وهي بعمر الثمانية أشهر ثم في لحظة أصيبت بنزلة برد فقدت على إثرها القدرة على التنفس وتوفيت في حضن والدتها ونحن في الطريق إلى المستشفى ولكم أن تتخيلوا حجم الألم وكبر الجرح..

مرت الآن سنة بأكملها على رحيل هبة ولكن حالنا لم يتغير.. البيت صار مظلما ولا رغبة لنا في شيء، كل في زاوية منعزل عن الآخر يبكي بحرقة.. أولادنا أيضا فقدوا القدرة على الابتسام.. لا طعام يحلو ولا مناسبات ولا أفراح ولا ندري كيف نخرج من هذا الاكتئاب الحاد الذي حولنا بيتنا إلى شبه مقبرة..

كتبت لكم إخوتي لأني أبحث عن المواساة وأرجوا ممن مر بمثل حالتي أن يدلني على سبيل النجاة لأني أكاد أهلك أو أفقد عقلي، خاصة حينما أرى صورها وأغراضها وسريرها وكل الفيديوهات التي صورناها من يوم ولادتها.

أخوكم يحي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد:

تحية طيبة سيدي الفاضل والله أسأل أن يوفقك ويريح بالك ويهبك الصبر والسلوان أنت ووالدتها وبعد:

“تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يغضب الرب”.. هذا نهجه صلى الله عليه وسلم، معلم البشرية أصول استقبال المصائب والأحزان، كي لا نغضب الرحمان الذي له ما أعطى وله ما أخذ والحمد له كثيرا على جزيل النعم التي نغفل عنها في غمرة بكائنا على ما فقدنا، وعليه يلزمك أخي أن تستغفر كثيرا وأن توطد علاقتك بربك أكثر كي تتمكن من تجاوز محنتك ولتبكي على نفسك وما قدمت لاستقبال الموت لأن ابنتك طير من طيور الجنة وبإذنه سبحانه وتعالى ستكون شفيعة لك ولوالدتها فأبشر..

صحيح أن حرقة فقدان الولد لا تضاهيها حرقة ولكن الدموع لن تفيدك شيئا ولتنظر لحال أطفالك الآخرين الذين تكاد تقتلهم وهم على قيد الحياة.. انظر إليهم كم يوما عاشوه في هم وغم ونكد في الوقت الذي من المفروض أن يعيشوا طفولتهم على أكمل وجه.. أنظر إلى زوجتك التي ما وجدت معينا لها على الصبر ولو وجدتك ثابتا ناصحا لخرجت من عزلتها وتغيرت الأوضاع للأحسن..

سيدي مصيرنا جميعا إلى زوال، والحي أبقى من الميت، لذلك امسح دموعك وخذ بيد زوجتك واطلب منها أن تهتم بالأطفال.. غيرا جو المنزل وأخرجا في نزهة ودعا أبناءكما يعيشون حياتهم وينطلقوا ليثبتوا ذواتهم فمن حقهم العيش.. الطفلة توفيت وهي في ضيافة خالقها ولا شيء ينقصها فاهتم أنت بمن هم في ضيافتك قبل أن تفرقكم سبل الحياة..

أخيرا سيدي لست الوحيد الذي فقد فلذة كبده فأناس كثيرون يتألمون في صمت ومع ذلك يواصلون حياتهم من أجل صغارهم، فدع عنك الهم والحزن والنكد وكن قويا في مواجهة الظروف ومستعدا لتقبل أي شيء لأن الحياة لم تصفو ولن تصفو لأحد والله المستعان.

لمراسلتنا بالاستشارات:
fadhfadhajawahir@gmail.com

مقالات ذات صلة