جواهر

لا تجعليها عشر”البقلاوة”!

سمية سعادة
  • 6856
  • 53
ح.م

لا تفتشي كثيرا في أوراقك القديمة بحثا عن كيفية اقتصادية ولذيذة تحضرينها للعيد، ولا تحتاري في نوع الحلوى المناسبة التي تقدمينها لضيوف “أجلاء” مثل أهل خطيبك الذين تنتظرين زيارتهم بعد انقضاء هذا الشهر، لأنك أينما توجهين بصرك ستصادفك أنواع وأشكال مختلفة من الحلويات الراقية والبسيطة، في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المحطات التلفزيونية الخاصة بالطبخ، والعامة التي تخصص ربع برامجها لما تشتهيه البطون، وفي الجرائد التي قد تستغني عن الأخبار الساخنة، ولكنها لا تستغني عن صفحات الطبخ في رمضان..

إنها الأيام التي تتسابق فيها وسائل الاعلام والوسائط الاجتماعية لتوفير أكبر عدد من كيفيات الحلوى بما يشبع حاجة المرأة إليها ويكفيها “شر” سؤال الجارات والقريبات والزميلات في العمل، وخلال الانهماك في تحضير حلويات ترفع الرأس وتملأ العين وتطيب لها الخواطر، تكون الساعات الغالية من العشر الأواخر قد جمعت خيامها ومضت تاركة خلفها نفوسا تئن من الذنوب والمعاصي وكان يمكنها أن تقف على باب خالقها في ليال فاضلة، فيها ليلة خير من ألف شهر، وتسأله المغفرة والعتق من النار، وترجوه أن يفتح لها أبواب رحمته، وتبثه حزنها الذي طال، وخطبها الذي اشتد..

ولكنها الغفلة تنتزعنا من أعظم اللحظات التي لا تتكرر إلا كل عام، ولسنا ندري إذا كنا سوف ندركها إذا حلت من جديد، أو تجدنا قد صرنا تحت الثرى، لذلك من الحكمة أن لا تمنحي جلّ وقتك لترتيبات العيد، ولا تخصصي الساعات الثمينة التي تمتد إلى الفجر في تحضير حلويات تحتاج إلى وقت طويل مثل “البقلاوة”و”أخواتها”، وأنت تعلمين أن ما تعدينه من حلوى كثيرة ومتنوعة ستنتهي بعد أيام قليلة، وأنه بإمكانك تحضيرها في مناسبات أخرى، وفي أيام عادية..

ولعلك تدركين بحكم التجربة أن عبارات الثناء التي تسمعينها من الأهل والأقارب بما صنعته يداك ستزول حلاوتها بعد حين، ولكن الذي يبقى ويدوم هي تلك الأعمال الصالحة التي قدمتها خلال الشهر العظيم، ولذلك إن لم يسعفك الوقت لإدراك العشر الأوائل والعشر الوسطى، فلا تضيعي العشر الأواخر، فلست تدري إن كنت ستعيشين للعام المقبل.

مقالات ذات صلة