الرأي

لا تعكّروا صفونا بفضائحكم

محمد سليم قلالة
  • 3034
  • 12

من باب الأخلاق أيضا، ونحن على مقربة من الحملة الانتخابية أن يكون هناك تنافس بين المترشحين وليس تنابزا أو كشفا للعورات، المواطن لا يهمه فضح الناس داخل بيوتهم بقدر ما يهمه الكشف عن أخطائهم في التسيير التي انعكست على السير الحسن للمشاريع، وتسببت في هدر المال العام.

لا نريد حملة انتخابية تبدأ من الآن بالبحث عن خصوصيات هذا أو ذاك، تلهينا عن النظر إلى حقيقة المشاريع المقدمة، وتبعدنا عن فهم حقيقة ما حدث أو ما سيحدث.

ما يروج هذه الأيام بأن الحملة الانتخابية القادمة ستكون شرسة بين المتنافسين، بحيث تستخدم فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، يجعلنا نخشى على المستقبل السياسي لبلادنا لأننا لا نريد سوى استخدام الوسائل المشروعة قانونيا وأخلاقيا، أما تلك غير المشروعة فدعوها بينكم، لا نريد أن تعكّروا صفو حياتنا بفضائحكم، ولا أن تَحطوا من قدر الحملة الانتخابية قبل أن تبدأ، فتزيدوا الناس إحباطا على إحباطهم، وتدفعونهم إلى الجزم بأن مرشحينا هم دون المستوى وأكثر، لأنهم لا يفلحون إلا في تجاوز حدود الأخلاق وآداب المجتمع عند محاولة نقد خصومهم. وبهذا بدل أن يرفعوا من مستوى النقاش ويطوروا الأداء السياسي في المجتمع يُكرهون الناس في كل ما له علاقة بالسياسةو ويجعلون الناخب يعزف عن المشاركة في مثل هذه الحملات لأنها ستصبح لا أخلاقية بالضرورة إن أخذت هذا المنحى.

الجميع يعرف أن هناك فسادا ماليا وسياسيا وأخلاقيا لكثير من المسؤولين، ويعرف بأن هذا الفساد هو الذي يدفعهم في بعض الأحيان للتشبث بالكرسي، والسعي باستمرار لأجل البقاء فيه، إلا أننا لا نريد أن ينشروا غسيلهم وأوساخهم على الملأ فيكدّروا صفو حياتنا، ويشوشوا على  سلامة التفكير لدينا  بأن نتقزز أكثر ونمل أكثر ونيأس أكثر، بل يزيدوا عن ذلك فيؤججوا في القلوب الضغائن  والأحقاد وحب الانتقام ويعمّقوا الفرقة، ناهيك عن تعميم الفاحشة على من لم يرد السماع بها، ونحن لا نريد سوى الأمل والسلم.

وكل هذه من أساليب ممارسات الضغط السياسي على الخصوم في البلدان الغربية، التي لها ثقافتها ونمط معيشتها وتعتبر ذلك من الحرية، أما نحن فديننا يمنعنا من التجسس، ومن الجهر بالسوء ومن اعتماد الفضيحة أو تتبع عورات الآخرين أو غيبتهم إلا المجاهرين، ولحد الآن لعل بعض المسؤولين جاهروا بالفساد المالي والإداري إلا أنهم لم يصلوا بعد إلى أن يجاهروا بالفساد الأخلاقي، وإن حدث، فلا نجعل من فتح هذا الباب أولوية بالنسبة إلينا، إننا نريد للنقاش أن يرتقي، وللتنافس السياسي أن يكون في مستوى تطلعاتنا كشعب تقوده القيم السامية، ويقوده رجال ونساء يترفعون عن الخوض في مسائل لا يخوض فيها إلا الفاسدون.

مقالات ذات صلة