جواهر

لا تغطي نفاقك بالجلباب!

سمية سعادة
  • 8955
  • 85
ح.م

من أصعب ما ابتُلي به الجلباب الذي ينظر إليه كبار العلماء على أنه اللباس الشرعي للمرأة المسلمة، أن صنفا من الجزائريات لم يجدن أحسن منه للاختباء خلفه والتستر به كلما داهمهن شعور بأنهن بلغن أعلى مراتب النفاق، وأسوأ درجات الوضاعة، وهي محاولة يائسة بائسة لمسخ الحقيقة بطريقة لا شعورية للمحافظة على التوازن النفسي والتخلص من الإحساس بالذنب.

وبالنسبة لهذا الصنف من النساء، فإن الأمور محسومة، فالجلباب ما هو إلا قطعة من القماش تغطي أمراض النفوس وعورات القلوب، وعندهن الأمر أشبه بتلك الفتوى التي وضعها بعض المرضى لأنفسهم لاستباحة ما حرم الله من شرب الخمور عندما قالوا “بعد العشاء افعل ما تشاء”، ويقصدون بالعشاء “صلاة العشاء”.

ولعل هذا النوع من النساء هو المحصلة الطبيعية لما نعيشه من نفاق اجتماعي وأخلاقي، فلا يُعقل في ظل منظومة اجتماعية تُكرس لكل أشكال الغش وشتى أنواع الكذب المضمر منه والصريح، أن ينشأ المواطن السوي والمواطنة المنسجمة مع قناعاتها الفكرية والعقائدية والخلقية، فأنت “لا تجني من الشوك العنب”، على رأي ما يذهب إليه المثل الدارج.

غير أن هذا الكلام المثبت أعلاه، لا يعني بأي حال من الأحوال، تبرير تلك السلوكات الشاذة التي تتخذ منها بعض النسوة طريقا للحظوة الاجتماعية، ولو على حساب الفطرة السليمة والخلق القويم.

وعلى هذا الأساس، لا يُمكن وضع كل البيض في سلة واحدة، لأن هناك من النساء اللواتي اتخذن الجلباب سترا وتطبيقا لتعاليم الشريعة الإسلامية عن قناعة، وليس على سبيل الشكليات والنفاق الاجتماعي، وهن بالتأكيد يجدن أنفسهن غريبات في مجتمع كالذي نعيش بين ظهرانيه..

ألم يُخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الموحى إليه الذي لا ينطق عن هوى أبدا، بأن هذا الدين سيصير غريبا في آخر الزمان مثلما بدأ في بداية دعوته؟ حيث قال الصادق المصدوق في الحديث الشهير الذي رواه عدد من الصحابة، منهم أبو هريرة “بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء”..

ومعنى الحديث النبوي، مثلما شرح ذلك بعض المفسرين، أن الإسلام في بداية دعوته كان غريبا لقلة أهله، محاربا من أهل الشرك الفساد، وأصل الغريب البعيد عن الوطن، وكذلك يكون في آخر الزمان، سيعود غريبا لقلة من يقوم به ويعين عليه، وإن كان أهله كثيرا، فإن من تمسك به صار غريبا محاربا، فيصير المتمسك بالإسلام كالقابض على الجمر.

أليس هذا هو ما نعيشه اليوم واقعا ملموسا ينطق بالتفاصيل الدقيقة التي عبر عنها الحديث النبوي؟.

مقالات ذات صلة