-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا ثقة

لا ثقة

تشرّف لودريان وزير خارجية فرنسا بزيارة الجزائر في يوم الأربعاء 8/12/2021، وهذه أول زيارة لوزير فرنسي إثر التوتّر الذي طبع العلاقة الجزائرية – الفرنسية بسبب تصريحات كبير الفرنسيين، وهي تصريحاتٌ أظهرت جهله، الذي أكدّه المؤرِّخ سطوره.

صرّح لودريان بأنه جاء لترميم ما أفسده رئيسُه بحمقه وعنجهيته، ولمحاولة “إعادة الثقة” بين الجزائر وفرنسا.

أعادتني هذه المقولة اللودريانية “إعادة الثقة” إلى قصَّةٍ حقيقية رواها لي المجاهد مصطفى بوغابة – رحمه الله – الذي كان من أساتذة معهد الإمام ابن باديس.

ملخّص ما رواه لي أنّ أحد كبار مجاهدي الولاية الثانية التاريخية انحاز في صائفة 1962 بعد أن نزغ الشيطانُ بين الإخوة، انحاز إلى طائفة ابن بلة، إذ كان يراه كما رأى أحد (…) بوتفليقة، وما كان الأول ولا كان الثاني كذلك… فغفر الله لهما، خاصّة لأوّلهما الذي يمكن أن يُلتَمس له العذر، لضعف مستواه العلمي وانعدام تجربته.

بعد أن استقرّ الأمرُ لابن بلة، واستوى على كرسيّ الجزائر، بدأ يوزّع “الغنائم” على من تحيّزوا إليه، وكان نصيب هذا المجاهد تعيينه ملحقا في إحدى سفارات الجزائر.. وما أن بدأ يستملح المنصب، ويستعذب امتيازاته، ويستلذّ شهواته، حتى بدا لابن بلة في صاحبه بَدَاءٌ فأعفاه من منصبه.. وكان من مقادير الله – عز وجل – أن رُزق هذا المجاهدُ مولودةً في تلك الأيام، وهو يكاد يتميّز من الغيظ لما فعله فيه ابن بلة، فسمّى تلك البُنيَّة البريئة “لا ثقة”.

لو كان لي من الأمر شيءٌ لكان جوابي لهذا الـ”لودريان” ما قاله مجاهدُنا – رحمه الله – “لا ثقة”، فتاريخُنا منذ قدَّر الله – عز وجل – أن يلتقي مع فرنسا، لم يصدر منها أيُّ فعل يدلّ على “الثقة” فيها… سواء “تدَكْتَرت فرنسا أو تجَمْهَرت” كما قال الإمام محمد البشير الإبراهيمي.

جاعت فرنسا فاستطعمتها فأطمعناها، لأنّ ديننا الحنيف ربّانا على أن نُطعم الطعام ونُفشي السلام، وأفلست فاستقرضتنا فأقرضناها وبدون فوائد.. واستنصرتنا على أبناء ملّتها فأنجدناها ثلاث مرات…

ثم كان اللؤمُ فهجمت علينا بخيلها ورَجْلها… وتعهّدت أن “تحرِّرنا” من “الاستعمار التركي”، ولم تمض إلا بضع سنين حتى قال حمدان خوجة لهول ما رأى: “اللهم ظلم التّرك ولا عدل الفرنسيين”. وفتحت بآبائنا الأمصار، وخاضت بهم الحروب، وردّت بصدورهم أعداءها، وطيلة قرن وثلث قرن وهي كالشيطان تعِدُنا وتُمنِّينا ولكنها كانت أكذبَ من عُرقوب..

كيف نثق في فرنسا وهي الآن تحتضن من يسعى – لا أنجح الله مسعاه ومسعاها – لتمزيق وحدة الجزائر، وفصل جزءٍ منها؟ كيف نثق في فرنسا وهي تأوي “لصوصنا”، وتستمتع بما سرقوه من أموالنا؟ كيف نثق في فرنسا وهي تشوِّه ذاكرتنا، وترفض إعادة أرشيفنا؟ فـ”لا ثقة في فرنسا”، ولو أطعمتنا المَنَّ والسلوى، وأعطت كل واحد منّا ما نوى، وحقّقت له ما هوى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!