العالم
جدل كبير اثر تصريحات مرشح للرئاسة في تونس يهين فيه السواح

لا حاجة لنا بمليون جائع يأكلون قوت التونسيين

ح.م

وصف مترشح بارز للرئاسيات التونسية المزمع تنظيمها الشهر الجاري السياح، بـ”الجياع”، وكان الصافي سعيد، يتحدث خلال حوار تلفزيوني بث مساء الأربعاء على قناة “التاسعة”، عارضا برنامجه الانتخابي، الذي ضمّنه مشروعا لإنشاء ميدان سباق سيارات بالمقاييس الدولية، حيث اعتبر المترشح أن الميدان سيجذب السياح الأكثر إنفاقا، وقال “هذه هي السياحة الثقيلة، وليست سياحة المليون جائع الذين يأكلون أكل التونسيين”.

وإن كان سعيد لم يذكر الجزائريين بالاسم، فإن تصريحه فهم على أنه كان يقصدهم، باعتبارهم، الجنسية المعنية برقم المليون، في تعداد السياح الأجانب الوافدين على تونس، إذ بلغ عددهم حسب الإحصائيات الرسمية 1.357 مليون وهذا في الفترة من جانفي 2019 إلى منتصف جويلية، ويليهم الليبيون برقم مقارب، وإن كان من غير الممكن وصف جميع الليبيين المشمولين بهذا الإحصاء سياحا، بفعل الظروف التي يمر بها بلدهم، والتي تحتم على الكثير منهم التنقل إلى تونس، للإقامة الدائمة أو المؤقتة، فضلا عن كونهم مصنفين من بين “الأكثر إنفاقا” ما ينأى بهم عن وصف “الجياع”.

ووجب التذكير أن السياح الجزائريين، كانوا محل ضريبة الثلاثين دينار، التي فرضتها عليهم السلطات التونسية، وضُمنت في قانون المالية التكميلي للعام 2014، وكان مبرر فرض الضريبة، هو استهلاك الجزائريين مواد غذائية مدعمة خلال التواجد على التراب التونسي!، وهو ما أشار إليه سعيد بحديثه عن “أكلهم أكل التونسيين”، لتتراجع تونس عن الضريبة بعد نحو سنتين، بسبب رد الفعل القوي الرسمي والشعبي في الجزائر، وتوجه سلطاتها إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل. وسرعان ما تدارك سعيد خرجته، في فيديو نشره على “فايسبوك”، لينفي استهدافه الجزائريين بتصريحه، حيث ذكر أنه كان يقصد سياح أوروبا الشرقية، مضيفا أنه يعتبر الجزائريين “مواطنين وليس سياحا!”

ومعروف عن السلطات التونسية والمتدخلين في قطاع السياحة بها، الاستنجاد بالجزائريين في مواسم الجدب السياحي، مقابل توجههم إلى السياحة الانتقائية، في حال وجود تدفق كبير للسياح الغربيين، الأكثر إنفاقا، ففي هذه الحال، تتغير معاملة الجزائريين، ويتعرضون للتضييق لاسيما في الفنادق، أين تفرض عليهم قيود تخص الهندام وأمور أخرى كان يتم التساهل معها، ويبلغ الأمر أحيانا إلغاء حجوزات مؤكدة ومدفوعة الثمن، للجزائريين بالفنادق، لإتاحة شغلها من طرف سياح غربيين.

ولم تمنع إقامة الصحفي والسياسي الصافي سعيد بالجزائر في مطلع شبابه (من مواليد1953)، من مهاجمة مواطنيها بتلك الطريقة المستفزة، حيث إنه تابع دراسته في جامعة الجزائر، وأسس بها رفقة عدد من الطلبة العرب والأجانب حركة “فولونتاريا” ذات التوجه اليساري، التي كانت تؤدي أعمالا تطوعية في مناطق مختلفة من العالم، وبعد مغادرته الجزائر تنقل سعيد عبر عدد من العواصم، مشتغلا بالصحافة والتأليف، ولم تنته علاقته مع الجزائر بمغادرتها، إذ تمكن خلال عمله في “السفير” اللبنانية من إقناع الرئيس الراحل بن بلة بكتابة مذكراته، عقب مغادرته السجن في العام 1980، حيث نشرت على صفحات الجريدة اللبنانية، قبل أن يجمعها الصحفي الملقب بـ”مكيافيلي تونس” في كتاب “بن بلة يتكلم .. المذكرات السياسية والثقافية” الذي نشر في 1981.

وكان الصافي سعيد قد خاض في الشأن الجزائري، غداة انطلاق الحراك الشعبي الأخير، إذ أشاد خلال استضافته في حصة “وحش الشاشة” التي بثتها قناة “التاسعة” يوم 10 مارس الماضي، بالرئيس السابق بوتفليقة، الذي قال إنه كان يلتقيه خلال فترة الثمانينات في مسكن وزير الخارجية التونسي الأسبق محمد المصمودي بباريس، حيث لم يخف سعيد إعجابه ببوتفليقة “الذي كان رجلا أستطيع أن أشهد أنه كان نظيفا ومستقيما يرتدي ملابس السبعينيات في الثمانينيات، ويأخذ المترو” حسب قوله، واعتبر أن بوتفليقة “رهينة نظام آخر”، لكن هذا لم يمنعه من إعلان انحيازه إلى الشارع رغم إعجابه بشخص الرئيس السابق.

الصافي: لم أقصد الجزائريين وإنما سواح أوروبا الشرقية

ورد الصافي في بيان على الجدل الذي خلفه تصريحه بالتأكيد على أنه أخرج من “سياقه وزعموا أنه يهاجم السياح الجزائريين وهو ما لم يأتي على لسانه بتاتًا، بل هو يقصد سواح أوروبا الشرقية الذين يأتون بأبخس الأثمان للتمتع بخيرات هذا البلد على حساب شعبه”.
وأوضح “تونس والجزائر شعب واحد والجزائريين ليسوا سائحين بل هم أهلنا وجيراننا وشركائنا في المقاومة والنضال لتحرير أرض المغرب العربي الطيّبة من كل أشكل الاستعمار”.
وحسبه “من يريد أن يعرف الموقف الحقيقي للصافي سعيد من الجزائريين والثورة الجزائرية العظيمة فليشاهد هذا الفيديو ويساعد في نشره حتى نضع حد لخادمي الأجندات الأجنبية وصانعي التفرقة والفتن”.

مقالات ذات صلة