الرأي

لا سباحة ولا رماية ولا ركوب خيل!

عندما يشاهد الجزائريون نخبة رياضييهم في الألعاب الأولمبية الجارية حاليا في طوكيو وهم يخرجون تباعا من الأدوار الأولى في المراتب الأخيرة، يصابون بالخيبة ويشعرون بأنهم يهرولون إلى الخلف في كل سباق، ويسقطون بالضربة القاضية في كل نزاع، ولم يكن حالهم هكذا إلى غاية أولمبياد سيدني في سنة 2000، حيث كانت الميداليات – على قلتها – تزين بألوانها وفي رياضات عديدة أعناق بعض من المشاركين.

منظر الرياضيين الجزائريين وهم عائدون من طوكيو قبل نهاية المنافسات، وخلو جدول الترتيب العام من اسم الجزائر هو طعنة حقيقية للشباب الذي من حقه أن يسأل ومن واجب الوطن عليه أن يجيب أيضا عن سبب هذا الإخفاق الكبير، في الوقت الذي تتوج فيه بلدان وجزر صغيرة مثل فيجي وبرمودا لا نكاد نعرف لها جغرافيا ولا تاريخ.

سيكون من غير اللائق أن يختفي الرياضيون ومدربيهم الذين عادوا “مرصّعين” بالأصفار وبالمراتب الأخيرة خلف عدم دعم الدولة لهم وسوء التحضير. وظاهرة كشف الحقيقة بعد الإقصاء الجماعي في مطار العاصمة أمام العشرات من الصحافيين، جاء بعد نهاية الوقت بدل الضائع، وظهر وكأنه مرافعة فاشلة في محكمة بعد أن صدر الحكم النهائي، لأن آخر رياضي في بعثة الجزائر إلى طوكيو أمضى خمس سنوات في التحضير، ولم نسمع له جملة مفيدة واحدة عن دور السلطات غير المفيد، بل إن منهم من كان يشكر السلطات ويقول بأنه يسير في الطريق السليم ووعد بحصد ميدالية، وبعد الخسارة عاد ليجد وبسهولة المشجب المعروف لتعليق خيبته.. وأية خيبة عندما تكون في المركز الأخير وفي الدور الأول.

لسنا في حاجة كمثال للعبرة، لنقدم السباح التونسي الصغير أحمد حفناوي الذي فاز بالميدالية الذهبية في رياضة السباحة، وهو الذي لم ينعم بأية تربصات في الخارج ولم تقدم له الدولة التونسية المنهكة بالأزمات الصحية والاقتصادية أي دعم، ومع ذلك بقي برفقة مدربه التونسي جبران الطويلي، يجتهدان في مسابح تونس، ورفعا التحدي وحققا لبلدهما المعدن النفيس، فالأمثله كثيرة جدا من جمايكا وإثيوبيا وكينيا، وبلاد فقيرة كثيرة يتفوق رياضيوها في كل المنافسات بما في ذلك الرماية والسباحة وركوب الخيل التي لم نعلّم أبناءنا شيئا منها.

تُعرّف الرياضة على أنها مجهود بدني وتجسيد مهارة والهدف منها التميز بحصد الألقاب ضمن إطار جماعي مبني على القيم واحترام الآخر، لكن بعثة الجزائر إلى طوكيو أسقطت التعريف الحقيقي للرياضة، حيث اتضح بأن ربع التعداد مصاب بفيروس كورونا، مما يؤكد سقوط العقل السليم من الجسم السليم أثناء التحضير، فلا وقاية ولا تباعد ولا أدنى احتياط، ولا جماعية بدليل الاختلاف الكبير في وجهات النظر كما حدث في الجيدو في قضية انسحاب المصارع فتحي نورين، ولم نكد نلمس جماعية واتفاقا، إلا في اتجاه واحد وهو الخيبات والهزائم.

مقالات ذات صلة