-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا يساوَم ولا يُهادِن

حسين لقرع
  • 2866
  • 0
لا يساوَم ولا يُهادِن

أخيراً اعترفت السلطة بفضائل آيت أحمد وخصاله، ووصفته بأنه كان محبا لوطنه، حريصا على وحدة شعبه، شريفاً في معارضته لها، جريئاً في مواقفه، لا يساوَم ولا يهادِن…

ومع أن هذا الاعتراف جاء متأخرا وبعد رحيل الرجل بعيداً عن وطنه، إلا أنه نوعٌ من إعادة الاعتبار له بعد أن أمعنت في شنّ حملات تشويهٍ ظالمة ضده، وأطلقت أبواقها الإعلامية للتشنيع عليه، وأخرجت الأطفال من مدارسهم في 1995 ونظمت لهم مسيراتٍ شتموه فيها رفقة بن بلة ومهري وبقية المشاركين في سانت إيجيديو ووصفوهم بـ”الخونة” من دون أن يعرفوا، ببراءتهم، أنهم من زعماء الثورة ومجاهديها الكبار..

لقد ظُلم الرجل ظلما عظيماً بسبب معارضته الشرسة للسلطة، وعدم استسلامه للاستبداد بين 1962 و1989، ورفضِه مهادنتها ومسايرتها في إجهاض المسار الانتخابي في 11 جانفي 1992، والعودة إلى الشمولية مجددا تحت غطاءٍ تعددي زائف هذه المرة.. فكان السجن وحكم الإعدام في البداية، ثم المنفى سنوات طوال، فحملاتُ التشويه والتخوين والشتم… لكن الرجل بقي ثابتا كالجبل، لا ينحني ولا يداهن، ولا يقبل بالأمر الواقع، ولا يرضى إلا بإرساء الديمقراطية الحقيقية في البلد مهما كان الثمن الذي سيدفعه..

حتى حينما حاول النظامُ تدجينه وإغراءه بمنصب رئيس دولة في جانفي 1992، خلفاً للشاذلي، رفض ذلك قطعاً واستنكر على نزّار ورفاقه أن ينصّبوا أنفسهم أوصياء على الشعب ويختاروا له حاكماً لم ينتخبه.. لو كان آيت أحمد انتهازياً، لقبل المنصب من دون تردد، ولما اكترث بالديمقراطية والإرادة الشعبية، لكنه كان واعياً وصادقاً مع نفسه وشعبه، وأدرك منذ الوهلة الأولى أن القوم بصدد رفض نتائج الصندوق، فرفض المنصب المغري، وقضى ستة أشهر يعرض على نزار ورفاقه مخرجاً سلمياً مشرِّفاً للأزمة السياسية الأمنية وهي في بدايتها قبل أن تستفحل وتأتي على الأخضر واليابس، ورافع خلالها بضراوة عن العودة إلى المسار الديمقراطي واحترام إرادة الشعب، ولكنه أدرك في جوان 1992 أن ديمقراطية الواجهة قد كُرّست، فعاد إلى المنفى مجدداً يناضل من هناك من أجل الديمقراطية الحقيقية القائمة على الانتخابات الحرّة وتداول الحكم… وبقي يناضل لتحقيق هذه الأهداف السامية من دون هوادة أو يأس، إلى أن وافته المنيّة.

ولئن مات آيت أحمد بدون أن يتحقق حلمه في إنهاء الشمولية وإقامة ديمقراطية حقيقية، فإن هذه الأهداف التي ناضل من أجلها طيلة 53 سنة كاملة، ستبقى نبراساً يضيء طريق كل التواقين إلى انعتاق بلدهم.. نضالُ الرجل التاريخي في سبيل الديمقراطية والحريات يجب أن يستلهم منه كل معارض شريف في الجزائر، وأن يتعلّم منه معنى التضحية، ورفضِ المساومات والإغراءات والتدجين، والثباتِ على المواقف، والنضال السياسي من أجل إنهاء الاستبداد وإقامة الديمقراطية الحقيقية القائمة على تداول الحكم مهما كان حجم التضحيات…

رحمك الله يا آيت أحمد، ناضلتَ من أجل تحرير وطنك من الاستعمار، ثم من الشمولية، ولم تضعف ولم تهُن، ولم تستسلم ولم تتراجع طيلة حياتك، لذلك ينبغي أن تكون رمزاً عظيماً من رموز الوطن وأن توقّرك الأجيال قروناً طوال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • nourredine

    كلّ من هو نكرة و سيظل كذلك إلى آخر أنفاسه فهاهي جزائر الدا الحسين و رفقائه تفسح لهم المجال ليعيثوا فسادا فيها .

  • زكرياء

    أنا حسب معلوماتي المعارضة هي أن تعارض من أجل شيء حسن فان توفر تنعدم المعارضة يا سبحان الله كل ما قام به بن بلة بومدين حتى نصل الى بوتفليقة كل شيء أسود هذا لا يقبله العقل هاته ليست معارضة هاته دعوة الى اليأس والاحباط وما يجرانهما من عنف أنا لا أنقص من قيمته لكن فليتقبل أنصاره الذين يدعون الديمقراطية و احترام الرأي الآخر وينتقدون بومدين الموسطاش في أي وقت ينتقدون سياسته ويتهمونه ببعض التهم فليتقبلوا هم أيضا انتقادنا لزعيمهم أم حلال عليهم حرام علينا
    الهم ارحمه واجعل نضاله لبلده سببا في مغفرتك له.

  • زكرياء

    أنا أترحم على هذا الرجل لأنني عربي مسلم جزائري وهو رجل ثوري بأتم معنى الكلمة وقدم الكثير لبلده خلال الثورة ولكن عندي تحفظات حول مسيرته بعد الاستقلال كيف يحمل السلاح في وجه رئيس دولة لم تقم بعد ولم تنهض بعد كان يمكن أن تحدث حرب أهلية ونغرق في فوضى كبيرة ربما لن تقوم دولة أصلا وأنا أعتقد أنه تهور كبير و حب للزعامة ثم لماذا خلال حكم بومدين عارض أيضا وفر متنكرا () وخلال سنوات الدم لم يستنكر على فرنسا و الأجانب سؤال "من يقتل من" الذي كان حقا أريد به باطل وأخيرا كان يعارض أي شيء من النظام أي شيء

  • حسين

    اننا و الله شعب غوغائي عشوائي نسير بالعاطفة و فقط تتهم العرب بأنهم أسباب الفتنة في الجزائر وفلسطين لقد دوختني وأعييتني و تسمي نفسك باسم من يكره المسلمين وهذا يدل على توجهك(البربرية الفرانكوفيلية الصهيونية)هل من تتهمهم هم من سيروا البلاد منذ وفاة الموسطاش رحمه الله وخلال الأزمة أم من تواليهم؟وهل ترك أمر الجزائر وفلسطين للجزائريين وللفلسطينيين والعرب وحدهم بدون أي تدخل أجنبي و مؤامرات دنيئة وخبيثة عالمية وتفتخر بمن كان برنامج حزبه أولاش أولاش أولاش معارضة أي شيء يأتي من النظام حتى ولو أتوا بالجنة؟

  • ترامب

    قرنوا بين افعال واهداف الدا الحسين الجزائري الشامخ وعرب الجبهة الاسلامية للانقاذ
    اعراب الجزائر اشعلوا البلاد في التسعينات وهاهم الان عند القطريين وببريطانيا ينشرون سمومهم
    سوف يخرجون علينا بنفاقهم يتغنون بحبهم للدا الحو والجزائر وو
    وهل العرب يحبون الجزائر اكثر من الامازيغ
    فلسطين دولة عربية ماذا فعلو كيف يمكن ان يدافعو عن الجزائر

  • Sarah

    بارك الله فيك. كلمة حق

  • شوشناق

    شكرا سيدى على هذا المقال على السيد ايت احمد الوطنى الجزائرى الحر واتمنى من كل النخبة الوطنية الحرة وكل صحافى شريف وطنى ان ياخد باخر و صية المرحوم و هى خرجوا الجزائر من "الغرقة"

    الجزائر ملك كل الجزائريين