-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لخضر بن خلوف.. الشاعر الذي ترك نخلة لا تموت

فاروق كداش
  • 2148
  • 0
لخضر بن خلوف.. الشاعر الذي ترك نخلة لا تموت

من أشهر شعراء الجزائر، عاش بين قرنين وهام أكثر من قرن يبحث عن الزهد، وارتقى في درجات الصوفية، حتى صار وليا صالحا بحسب الروايات.. ألف مئات القصائد، جلها في التصوف ومدح النبي.. الشروق العربي تبحث في سيرة شاعر لا يعرف الكثير منا قصة حياته ومشوار الألف قصيدة.

اسمه أبو محمد لكحل بن عبد الله بن خلوف المغراوي، عائلته من أشراف قبيلة الزعافرية، ولد سنة 1479 ميلادية، وتوفي في 1585 ميلادية، أي إنه عاش 125 سنة وستة أشهر، وقد دون عمره في إحدى قصائده.

ولد في الزعافرية ثم استقر مع عائلته في مزغران بمستعانم، وتزوج فيها من امرأة تدعى “غنو” سليلة الأشراف وابنة سيدي عفيف الشريف، وقد رزق بابنة سماها حفصة، وأربعة أولاد، هم أحمد ومحمد وأبو القاسم والحبيب، تيمنا بأسماء الرسول- صلى الله عليه وسلم.

قصة اسم

سمته أمه خولة لكحل، كي تبعد العين عنه، وهذا حين زيارتها ضريح ولي اسمه سيدي لكحل، غير أن الروايات اختلفت في سبب تغيير اسمه من لكحل إلى لخضر، فهناك من يقول إن أمه هي من غيرت اسمه، بعد أن رأته في المنام يلبس حزاما أخضر، وهناك من يقول إنه هو من غير اسمه بعد رؤيا رآها.

يعتبر أهل مستغانم سيدي لخضر بن خلوف وليا صالحا، وقد بنوا له ضريحا، وهو في الموروث الشعبي أحد حراس المدينة السبعة.

إلياذة مزغران

خلد الشاعر لخضر بن خلوف أشهر معركة في زمانه، وهي معركة مزغران، التي جرت في 26 أوت 1558، واجه فيها العثمانيون العدو الإسباني، وانتصروا عليه بقيادة حسن باشا، وقد أورد لخضر تفاصيل دقيقة عن المعركة، لا كصفته شاعرا فحسب، بل مقاتلا في الجيش.

لقاء فوق سحاب الزهد

بعد خمسين سنة من البحث، التقى الشاعر الصوفي سيدي لخضر بقطب الزمان وشيخ وقته، الشيخ محمد عبد الحق بن عبد الرحمان بن عبد الله، المعروف بسيدي بومدين شعيب، في مدينة تلمسان.. لقاء غير حياته، فأفرد قصيدة بأكملها، يصف مشاعره بعنوان “الأمانة”، وهي من أشهر قصائده، وقد كتبها بالدارجة الجزائرية، وكان عمره حين نظمها مائة سنة.

يقول الشاعر في مطلع القصيدة: “آه يا سعدي وفرحتي من بومدين المغيث جبت الأمانة بها وفّيت حاجتي”، ويقصد بالأمانة أنه ترقى إلى مقام الولاية، وأصبح وليا من أولياء الله الصالحين.

ترك الشاعر الروحي لخضر بن خلوف نحو 700 قصيدة كاملة، واراها في القبور التي كان يرتادها، وقد تحدث عنها في قصائده، حيث يقول: “عندي خزنة من القصايد مغبورة هي لبن خلوف تشهد”. جزء كبير من القصائد التي ألفها، ضاع، غير أن دواوينه الشعرية المتوارثة شفهيا بقيت تشهد على إبداعه، من بينها 110 قصيدة، يحتفظ بها الحاج بوفرمة، وهو واحد من سلالة سيدي لخضر بن خلوف، نشرها في “ديوان سيدي لخضر بن خلوف حياته وقصائده”، كما يملك الباحث، عبد القادر بن دعماش 150 قصيدة.

نخلة بعمر حضارات

مقام الولي الصالح، سيدي لخضر بن خلوف، تحفة معمارية، فهو مبني على الطراز الموريسكي الأندلسي، وهو مشهور بوجود أقدم نخلة في العالم بفنائه، التي يزيد عمرها عن ستة قرون، مازالت ثابتة وشامخة إلى يومنا هذا، حيث أشرف هو بنفسه على بنائها، إذ أوصى الولي الصالح أبناءه بدفنه أمام نخلته، حيث جاء في وصيته: “النخلة المثبتة من بعد اليبوس، حذاها يكون قبري يا مسلمين”.. توفي لخضر بن خلوف عن عمر يناهز قرنا وربعا، تاركا إرثا شعريا ثريا يشهد على حقبة من حقب الجزائر القوية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!