-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
التفكير في حماية المركبة قبل شرائها بات ضروريا

لصوص يبتكرون طرقا لتعطيل أنظمة الحماية بالسيارات

سمير مخربش
  • 1401
  • 0
لصوص يبتكرون طرقا لتعطيل أنظمة الحماية بالسيارات
أرشيف

تستمر ظاهرة سرقة السيارات، عبر مختلف ولايات الوطن، سواء في جنح الليل أم في وضح النهار وبدهاء كبير، مع استهداف احترافي للمركبات التي تتميز بنظام حماية ضعيف. فقد طور اللصوص طرق السرقة، واستغلوا التكنولوجيا لإفشال أجهزة حماية السيارات، ونجحوا في حرمان بعض الجزائريين من أغلى ما يملكون بطريقة احترافية.

هذا النوع من السرقة تختص فيه عصابات محترفة لها دراية بتركيبة السيارات وأنظمتها، ولها القدرة على الاستيلاء على مختلف المركبات واستغلال غفلة أصحابها. ولم يعد الأمر يقتصر على المركبات القديمة، بل امتد إلى السيارات الفارهة، وتبين أن هذه السيارات تسرق بطريقة احترافية دون الحاجة إلى تكسير، وذلك من خلال الاستيلاء على المفاتيح أو التشويش على نظام غلق الأبواب أو التغيير في نظام الذاكرة.

ويستعين بعض اللصوص بالخبرة في الإلكترونيات التي تمكنهم من التحكم في ذاكرة السيارة والاستيلاء عليها في رمشة عين. وتزداد سهولة العملية عندما يتعلق الأمر بالسيارات الآسيوية، وتلك التي تشتغل بمفاتيح غير مشفرة وغير مزودة بنظام الإنذار. وأما في ما يخص السيارات الحديثة، فمن الصعب أن يُشغل محركها دون مفاتيحها المشفرة، ولذلك، اهتدى اللصوص إلى فنيات جديدة في الاستيلاء عليها، وذلك بترصد أصحابها وملاحقتهم في المحلات والمخابز والأماكن العمومية التي يكثر فيها الناس، فيقترب اللص من الضحية، ويسرق منه المفتاح ليستولي بعدها مباشرة على السيارة.

كما تتعمد العصابات المحترفة استهداف سكان العمارات، أين اعتاد أهلها على ركن مركباتهم في المساحات المجاورة، فيطوف عليها اللصوص ليلا ويحركونها من مواقعها بشتى الطرق، ويستهدفون خاصة المركبات غير المزودة بجهاز الإنذار، ويتمكنون من تشغيل محرك العديد من الماركات سهلة المنال.

وفي آخر عملية تمت منذ يومين، تمكنت فرقة الدرك التابعة للمجموعة الإقليمية بسطيف، من استرجاع سيارة سياحية سرقت من صاحبها الذي تقدم بشكواه، وتمكنت الفرقة المختصة من استرجاعها دون التعرف على الطريقة التي سرقت بها. وقبلها نجحت عناصر أمن ولاية سطيف في توقيف عصابة متكونة من ثلاثة أشخاص زرعوا الرعب وسط سكان مدينة سطيف، باستهدافهم المركبات عبر مختلف الأحياء. وفي آخر عملية، تمكنت العصابة من الاستيلاء على سيارة من نوع “كيا”، رفع صاحبها شكوى لدى مصالح الأمن، لتتولى فرقة مكافحة سرقة السيارات بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية سطيف مهمة التحري في القضية مستغلة وسائل تقنية حديثة. وساهمت كاميرات المراقبة في التعرف على هوية المشتبه فيهم، وإلقاء القبض عليهم مع استرجاع المركبة المسروقة، التي تعرضت لتغييرات في نظام الذاكرة.

السيطرة على المفتاح طريق الاستيلاء على السيارة

اللجوء إلى عملية كسر زجاج السيارة أضحى من الطرق التقليدية، ولا تكفي لسرقة سيارة جديدة خاصة المزودة بنظام مضاد للسرقة، فربط الخيوط وتوصيلها لتشغيل المحرك طريقة بدائية لا تصلح إلا مع بعض السيارات القديمة، وقد انقرضت مع سيارة بيجو 404 وأخواتها، ورونو 5 وما شابهها، لذلك، فإن الطرق الحديثة في السرقة تكون بالاستيلاء على المفاتيح الأصلية أو استهداف نظام الغلق والوقاية. وبالنسبة للمفاتيح، هناك طريقتان تكون الأولى بسرقة المفتاح مباشرة، ويحدث ذلك بالاقتراب من صاحب السيارة، ويكون عادة في الطابور أمام المحلات أو المؤسسات. وأما الطريقة الثانية، فتكون بتواطؤ أصحاب محلات غسل السيارات، أين يترك الضحية سيارته ويغادر المكان، فيقوم العامل باستغلال الظرف لاستنساخ مفاتيح جديدة وترصد السيارة، مثلما حدث سابقا بسطيف أين تم الاستيلاء على سيارة رباعية الدفع بهذه الطريقة، حيث اختفت فجأة من قرب مقر سكن الضحية دون أن تتعرض للتكسير، وبعد فتح تحقيق في القضية، تذكر صاحب المركبة أنه ترك سيارته عند محل لغسل السيارات، ومع تتبع هذا الخيط، اتضح أن العامل الجديد الذي قام بغسل السيارة مارس هذه الحرفة خصيصا للاستيلاء على المفاتيح، واستنساخها بهدف السرقة دون علم صاحب المحل.

وبالمقابل، لوحظ توافد العديد من الأشخاص على محلات استنساخ المفاتيح، أين يمكنهم الحصول على نسخة جديدة دون أي رقابة أو شكوك، إن كان الأمر يتعلق بصاحب السيارة أو بلص محترف. وبحسب السيد علاوة، صاحب محل لاستنساخ المفاتيح، الذي تحدثنا إليه، يؤكد أن “هناك طلبا متزايدا لنسخ المفاتيح، وأحيانا يتقدم أمامنا أشخاص محل شكوك، تبدو على وجوههم نية مبيتة، ولذلك أصبحنا نشترط على أصحاب المفاتيح استظهار البطاقة الرمادية”.

هناك سرقات تتم في محيطات المساجد، والهدف من هذه العملية هو سرقة ملحقات سيارات المصلين في أثناء أدائهم الصلاة، وخاصة وقت صلاة العشاء. فكلما جنّ الليل ورُفع صوت الأذان، يتوجه المصلون إلى بيوت الله ويتركون سياراتهم مركونة في محيط المسجد. وبمجرد أن يدعو الإمام إلى إقامة الصلاة يبدأ نشاط هذه العصابات التي تستهدف في ظرف قصير عددا من السيارات، فيقومون بفتحها والاستيلاء على كل ما بداخلها من لوازم. ويقومون كذلك بانتزاع بعض الأجزاء منها مثل شاشات العرض، وذراع التحكم في أضواء السيارة والمرآة، وماسحات الزجاج، وكل اللواحق القابلة للبيع. وإن استدعى الأمر تقوم العناصر الإجرامية بكسر زجاج السيارات، والاستيلاء بكل جرأة على محتويات المركبة ولواحقها. وتعد العميلة كبديل عن سرقة السيارة بكاملها، التي أضحت من المهام الصعبة مع النوع الحديث للمركبات. ويتعمد هؤلاء اللصوص القيام بجرائمهم في الليل ويختارون خاصة الأحياء المظلمة.

أجهزة متطورة تشتغل كالفيروسات لتعطيل أنظمة الوقاية

وأما العصابة التي اعتمدت طريقة غير تقليدية في السطو على السيارات، فقد استعانت بجهاز حديث صنع في الصين وظيفته تعطيل نظام غلق المركبة، ويتعلق الأمر بعصابة محترفة تستعمل جهازا متطورا جدا يشوش على السيارات، ويمنع أصحابها من غلقها عن بعد. ويختار أفرادها المناطق التي توجد بها البنوك ويقصدها عادة رجال الأعمال والتجار لسحب وإيداع الأموال، حيث يقوم عناصرها بترصد الخارج من البنك، وهو يحمل كيسا من المال فيظل تحت المراقبة، وبمجرد أن ينزل من السيارة ويحاول غلقها بالمفتاح عن بعد يقوم أحد العناصر بتشغيل الجهاز فيعطل عملية الغلق، وحين يبتعد صاحبها عن المكان يتم اقتحام السيارة والاستيلاء على الأموال الموجودة بداخلها. وهو الفخ الذي وقع فيه أكثر من ضحية بالجزائر العاصمة وبمدينة سطيف وغيرهما من المدن.

ففي عملية سابقة، تمكنت هذه العصابة من الاستيلاء على أموال 5 ضحايا بحي 600 مسكن بسطيف، وكلهم خرجوا من الوكالات البنكية، وسرقت منهم أموالهم بنفس الطريقة. وتمكنت العصابة من الاستيلاء على مبلغ مالي يفوق 4 ملايير سنتيم. لكن عملية الترصد التي قامت بها مصالح الأمن مكنتهم من إلقاء القبض على المتهم متلبسا بمنع ضحية من غلق سيارته باستعمال الجهاز السحري، ليتدخل رجال الأمن وألقوا عليه القبض في الوقت المناسب.

وبحسب مصادرنا، فإن الأمر يتعلق بجهاز حديث الصنع له القدرة على منع عملية غلق السيارة، ويمكن استعماله حتى في تشغيل محرك المركبة، ويتم ذلك بقرصنة المعطيات الموجودة في شيفرة المفتاح. وتشير مصادرنا إلى أن القيمة المالية لهذا الجهاز تفوق 300 مليون سنتيم. لكنه بالنسبة للعصابات بمثابة مصباح سحري صالح لجمع الملايير، والاستيلاء على السيارات الفارهة، فإن لم تسرق المركبة يمكن الاستيلاء على أجزاء منها، أو محتوياتها الثمينة.

ضرورة اعتماد أنظمة حديثة لحماية المركبات

لتجنب هذه السرقت، ينصح المختصون بتوخي الحيطة والحذر، وعدم ركن السيارة في الأماكن المشبوهة والأحياء المظلمة، ويفضل استعمال جهاز الإنذار لإفشال خطط اللصوص. ومن جهتنا، زرنا السيد حمدان عباوي بسطيف، وهو خبير مختص في تركيب أجهزة الإنذار للسيارات، فيقول في تصريح لـ”الشروق اليومي”، إن هناك إقبالا كبيرا، في الآونة الأخيرة، على تركيب هذه الأجهزة، بعد تنامي ظاهرة سرقة السيارات. ولم يعد الجهاز من الكماليات بل أصبح ضروريا ولا يمكن الاستغناء عنه، خاصة بعدما طور اللصوص طريقتهم في فتح السيارات، كما أن العديد من المركبات- يضيف محدثنا- يمكن تشغيل محركها دون الحاجة إلى مفتاح. وينصح السيد عباوي أصحاب المركبات باستعمال أجهزة إنذار متطورة، يمكنها أن تطفئ المحرك عن بُعد، ولا يتمكن اللصوص من تحريكها من مكانها، وهناك أجهزة إنذار تشتغل بشريحة هاتف تتصل بصاحبها مباشرة في حالة تحريكها أو فتح أبوابها، وهو أفضل نظام لحماية المركبة يقول محدثنا.

أما عمي عثمان، الذي يقطن بمدينة سطيف، وهو ضحية سرقت منه سيارته منذ 4 سنوات، فقد صرح لنا بأنه كان يملك سيارة ركنها ليلا قرب العمارة التي يقطن فيها، وفي الصباح لم يجدها في مكانها ولم يعرف لها أثرا، واليوم، بعدما اشترى سيارة جديدة، زودها بنظام إنذار ولم يكتف بذلك بل أضاف لها قفلا حديديا أو ما يعرف باسم “كادنا”، وهو عبارة قضيب ملتو يربط مقود السيارة بعد توصيله بالمكبح، فحتى في حال تشغيل المحرك لا يمكن تدوير مقود السيارة.

قمنا أيضا بزيارة مؤسسة لكراء السيارات بسطيف، وتحدثنا مع صاحبها عن طريقة حماية سياراته التي تكون دوما عرضة للسرقة، فأكد لنا أنه لا يعتمد فقط على أجهزة الإنذار، بل قام بتركيب نظام “جي بي آس”، الذي يسمح له بالتعرف على مكان تواجد سيارته ومتابعتها لحظة بلحظة، وهي في رأيه أفضل طريقة لحماية السرقة.. ويؤكد أن زميلا له استرجع سيارته المسروقة بفضل نظام “جي بي آس”، لكن هذا النظام لا يمكن تركيبه إلا من طرف شركة مختصة وبرخصة من الجهات المعنية.

وأمام تنامي ظاهرة سرقة السيارات، وتطوير اللصوص طرق استيلائهم على المركبات أو على أجزاء منها أو محتوياتها، ومع ارتفاع أسعار المركبات التي تعتبر أغلى ما يملك العديد من الجزائريين، فلم يعد المغزى يتوقف عند امتلاك سيارة، بل في حمايتها أيضا من السرّاق، الذين انتشروا في كل مكان وبطرق وأنظمة مستحدثة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!