-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لعلّكم تتّقون

سلطان بركاني
  • 1382
  • 0
لعلّكم تتّقون

لعلّه يكون حريا بنا ونحن نعدّ ساعات اليوم السّادس من أيام رمضان، أن نتلمّس قلوبنا وأرواحنا، ونبحث بين جوانحها عن تقوى الله وخشيته واستشعار رقابته.. ما منّا من أحد إلا وهو يستحضر رقابة الله واطّلاعه -سبحانه- ويتحرّز من دخول أيّ شيء مهما كان يسيرا ولو كان قطرة ماء، إلى جوفه، مع أنّه لا أحد يطّلع عليه إلا الله.. لكن، هل ترانا نتحرّز أيضا ممّا يخرج من أجوافنا وتلفظه ألسنتنا؟ هل نتحرّز لما تراه أعيننا وتسمعه آذاننا وتسعى إليه أرجلنا؟… هل نستشعر رقابة الله في كلّ هذا ونستحي من نظره واطّلاعه؟.

إنّ الله جلّ وعلا ما فرض الصيام إلا لنربّي أنفسنا على الخوف منه -جلّ في علاه- وعلى تقواه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون))، والتقوى التي يريدها الله ويربّينا عليها رمضان، هي التي تجعل العبد المؤمن يستشعر رقابة الله –جلّ وعلا- في كلّ مكان وفي كلّ وقت، فيكون في الخلوة كما في الجلوة بل أفضل، يكون وهو وحيد في غرفته أفضل ممّا يكون عليه بين النّاس. يستحي من الخالق أكثر من حيائه من المخلوقين. إذا خلا بنفسه يبكي على ذنوبه وينكسر بين يدي خالقه ومولاه، ويطيل السّجود، ويبكي في الدّعاء. إذا حدّثته نفسه بمعصية الله، يتذكّر أنّ الله يراه، فيستحي منه جلّ في علاه، ويستغفره ويتعوّذ به من شرّ نفسه ومن شرّ الشّيطان وشَركه.

أخي المؤمن.. ربّما جرّبت من نفسك أنّك تستحي من أبيك وأمّك، وتستحي من أصدقائك، وتترك كثيرا من طبائعك وأعمالك السيّئة إذا شعرت بنظرهم إليك، لكنّك في المقابل تستهين بنظر الله، وربّما تجعل الله –جلّ شأنه- أهون النّاظرين إليك.. إذا خلوت بنفسك وأمنت اطّلاعَ المخلوقين عليك هتكت السّتور ووقعت في المحظور.

إنّ أفضل علاج لهذا الدّاء وهذا الخلل هو أن تتذكّر -أخي المؤمن- أنّك ستقف بين يدي الله يوم القيامة، فيقرّك بذنوبك التي كنت تستخفي بها من المخلوقين ولا تستخفي بها منه جلّ في علاه، ويقول لك: عبدي أجعلتني أهون النّاظرين إليك؟. إذا تذكّرت هذا فإنّك ستشعر بالحياء من الله، ويدعوك ذلك إلى استحضار رقابته واطّلاعه سبحانه وتعالى في كلّ وقت وفي كلّ مكان.

يُروى أنّ رجلا دخل على امرأة وأغلق الأبواب باباً تلو الآخر، حتى إذا وصل إليها قالت: أغلقتَ الأبواب؟ قال: أغلقتها، قالت: بقي باب، قال: أين هو؟ قالت: الذي بينك وبين الله. فارتعدت فرائص الرّجل، وخرج خائفاً يستغفر الله.

فعلى العبد المبتلى بالجرأة على الله في الخلوة، أن يتذكّر أنّ الله يراه، وأنّ الملائكة التي تحصي أعماله تراه، وأنّ من سنن الله الماضية في خلقه أنّه يلبس عبده الذي يعصيه في الخلوة لباس المعصية وذلّها في الجلوة، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: “ليتّق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر”، قيل: كيف ذلك؟ قال: يخلو بالمعاصي فيلقي   الله له البغض في قلوب الناس”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!