-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لكل عهد دليل، ودليل هذا العهد خليل

عابد شارف
  • 6412
  • 17
لكل عهد دليل، ودليل هذا العهد خليل

الحرب سجال، يوم لصالح شكيب خليل، ويوم لصالح عمار سعيداني…. وقد التقى الرجلان في مرحلة ما، ليصبحا رموزا لمرحلة من تاريخ الجزائر… ثم افترقا من جديد…

وصل كل من شكيب خليل وعمار سعيداني إلى أعلى المسؤوليات في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لكن طريقهما افترق منذ سنوات. فبينما انطفأ نجم عمار سعيداني، الذي شغل منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني خلال العهدة الأولى للرئيس بوتفليقة، بقي نجم السيد شكيب خليل يلمع، وأصبح الرجل من أكثر الناس تأثيرا على الاقتصاد الوطني، كما كان أكثر الجزائريين تأثيرا على الاقتصاد العالمي، بفضل سلطته على قطاع المحروقات، وقدرته على التأثير على الصفقات، وقدرته على تغيير القوانين، إلى جانب نفوذه كعنصر بارز في المجموعة التي تحكم البلاد.

وفجأة، تغيرت الأوضاع، وانطفأ نجم شكيب خليل، وأصبح الرجل يشكل رمزا سلبيا في البلاد، واعتبر الكثير أنه يكون قد سافر إلى الخارج وأنه لن يعود أبدا إلى الجزائر. وفي نفس الوقت، يتردد كلام عن عودة عمار سعيداني إلى الواجهة السياسية، ليفرض نفسه كأمين عام لحزب جبهة التحرير الوطني، مما سيفتح له بابا ليبدأ حياة سياسية جديدة.

وما أغرب مسار هذين الرجلين، لأنهما مختلفان جذريا، وكان من المفروض ألا يلتقيا أبدا. وشكيب خليل ينتمي إلى الجيل الأول، من أولئك الذي تجاوزوا سن العشرين قبل الاستقلال. وقد كان من المحظوظين حيث تكفلت الدولة الجزائرية بتكوينه قبل الاستقلال، ليكون ضمن إطارات الدولة الجزائرية التي كان يحلم بها ذلك الجيل. وشكيب خليل تقني، متكون في المدرسة الغربية. وهو من المقربين من الرئيس بوتفليقة، وصديق له، وتوصل إلى السلطة بفضل علاقته هذه لا أكثر ولا أقل. ويعيش السيد خليل في عالم خاص، يجول بين العواصم، ويتكلم مع المختصين في الاقتصاد ومن يتحكمون في بوصات العالم، وكان مقيما في أمريكا، ويحمل الجنسية الأمريكية.

قضية عامل سعيداني أخطر من قضية شكيب خليل، لأن خليل هرب لما انفضح أمره، أما سعيداني، فإنه يتعامل مع الأوضاع وكأن كل شيء عادي، أي أن الفساد شيء عادي جدا، يجب قبوله في حياتنا السياسية والاقتصادية، بل وفي أخلاقنا.

أما السيد سعيداني، فإنه من الجيل الثاني، ودخل السياسة من باب النقابة، ويقال عنه إهن لم يكن يتردد على المواجهات والمعارك، ويفضل “الدبزة” على النقاش. وأدى به هذا المشوار إلى مواجهة الإسلاميين، فحمل السلاح ضد الإرهاب في مرحلة صعبة، وبرهن أنه قادر على التصدي، وأنه لا يخشى الحرب، ولا المعارك الصعبة.

ولم يدخل الرجل أبواب الجامعة إلا بعد أن دخل المجلس الشعبي الوطني وأصبح رئيسا له، ويمكن القول أنه مارس السياسة “بالمقلوب”، حيث ترأس المجلس الشعبي الوطني قبل أن يعرف دوره الحقيقي، ودخل في حروب قبل أن يتضح له جيدا ما هي الأطراف التي كانت تشارك في المواجهة وما هي القضايا الكبرى المطروحة. وسيكتب التاريخ لهذا الرجل أنه ذهب إلى الجامعة وبذل مجهودا حقيقيا ليواصل دراسته في العلوم السياسية في سن كان آخرون يعتبرون أنهم وصلوا سن التقاعد.

ولكن رغم كل هذا الاختلاف، اجتمع شكيب خليل وعمار سعيداني في تعاملهم مع المال، حسب ما جاءت به الصحافة. وحسب ما تم نشره لحد الساعة، فإن السيد شكيب خليل قد يكون متورطا في قضايا بلغت إحداها 257 مليون دولار. والواضح أن الرجل يتعامل بالعملة الصعبة التي يتداولها مع أصدقاء آخرين بين نيويورك ودبي وهونغ كونغ وغيرها من عواصم المال في العالم. أما السيد عمار سعيداني، الذي جاء من الجنوب، وزحف نحو العاصمة، فإن القضايا التي ذكر اسمه فيها متعلقة بأراضي فلاحية، وبأموال كانت موجهة لاستصلاح الأراضي، وقيل إن هذه المبالغ قد تصل 32 مليار دينار، أي حوالي 220 مليون دولار، وهو رقم يقترب من القضية التي تورط فيها السيد شكيب خليل.

ونصل إلى بيت القصيد، وهو أن الرجلين، ورغم كل ما يفرقهما، فقد التقيا في قضية الاستيلاء على المال العام بطريقة غير قانونية، مع وجود مبالغ هائلة. وسيشترك الرجلان، مهما كان مصيرهما، في مساهمة لا مثيل لها في انتشار الفساد، حيث قال أحدهم على الأنترنات أنه يعتبر من أن اللغة العربية قد عرفت دخول مصطلح جديد، وهو فعل “شكب”، أي استولى على مبالغ هائلة بطريقة غير قانونية.

وإذا كان السيد خليل قد أصبح أسطورة ستدخل تاريخ الفساد، فإن السيد سعيداني سيكون الرجل الذي جعل من الفساد شيء عاديا. فرغم كل ما قيل وكتب عنه، فقد عاد الرجل اليوم، وهو ينوي أن يترشح ليقود أشهر حزب في البلاد، وكأن شيئا لم يحدث. وأقول صراحة: هذا أخطر من قضية شكيب خليل، لأن خليل هرب لما انفضح أمره، أما سعيداني، فإنه يتعامل مع الأوضاع وكأن كل شيء عادي، أي أن الفساد شيء عادي جدا يجب قبوله في حياتنا السياسية والاقتصادية، وحتى في أخلاقنا، وأنه لا مانع من وصول رجال متهمين في قضابا الفساد إلى أعلى المناصب… أيوجد رمز أخطر من أن يصبح رجل متهم في قضية فساد قائدا منتخبا لأول وأشهر وأعرق حزب في البلاد؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
17
  • جيلالي

    موضوع مهم

  • hocine blida

    قال التونسي هرمنا من أجل هذه اللحظة و ها نحن نهرم لنرى ما برع فيه ....... و هو الفساد (حسبنا الله و نعم الوكيل ) إن شاء الله كل دينار يتحاسبوا عليه

  • ahmed

    السيد بوتفليقة هو المسؤول

  • ahmed

    الشخص الوحيد الذي يوجه له هذا السؤال هو
    عبد العزيز بوتفليقة هل هذا هو الحكم الراشد ام ماذا؟؟؟

  • بدون اسم

    الفساد موضوع مثير جدا و الفساد كان موجودا منذ الاستقلال لكن
    بأقل درجة اليوم انتشر فى ادنئ المستويات فوصل الى البلديات
    فتصوروا ان كل المساحات و الفضاءات و ساحات لعب الاطفال حتى الحدائق العمومية اللتي خصصتها الدولة في التجزيئات السكنية المنجزة قد تم الاستلاء عليها من قبل مافيا العقار منتخبين و اخرون واصبحت هذه التجزيئات في مدينة عين ازال عبارة عن مراقد لا اقل ولا اكثر و كثر فيها الإجرام .

  • Islam

    La presse Algérienne avait totalement oublié Chakib Khalil , mais par hasard ce sujet revient en surface après l'assaut donné pas les forces de l'ANP à In Aménas , un succès pour le Président Bouteflika et un grande gifle pour l'autre clan. e

  • الدقدوق

    يعطيك الف و الف صحة يا عابد شارف

  • hichemmoncef

    C'est bien dit M; ABED

  • بدون اسم

    شكرًا لمقالك الشيق سيدي عابد شارف ,و لو أني اود لو تكون صريحا بلا لف او دوران !!
    أتذكر ان السيد سعيداني قد أزيح بأمر من رئيس الجمهورية عندما علم العام و الخاص اختلاسه لأموال الدعم الموجهة لاستصلاح الاراضي .اما الان و قد وقع نفس الشيء لصديق و من منطقة رئيس الجمهورية اي السيد ''شكاب الخلى''عفوا شكيب خليل,فلم يبقى لسعيداني ما يستحي به و يعود للساحة السياسية .
    و ما قضية الخليفة ما هي الا من صنع بوتفليقة نفسه حتى يقول :من يريد الضغط عني فساعيد قضية الخليفة للواجهة اي ,حرب أجنحة في السلطة لا غير!!

  • حنظلة

    يا الشلوسي يبدوا أن أصلك الفينيقي أفسد لغتك...وعنوان مقال عابد شارف ياشلوسي كمحتواه لايقول شيئا فهو مبتذل ولاجديد فيه ولا يستحق منك كل هذا الثناء والشكر وكفانا من إعلام التأجيج والتموقع
    أين كانت هذه الأقلام التي تدعي العلم والادراك اليوم عندما كان الشكيب والسعداني يصولان ويجولان....إعلام الارتزاق والمناورات مثله مثل الشكيب والسعداني دمروا البلد وأحبطوا معنويات الأمة بكلام فاسد يشبه الفساد الذي يكتبون عنه...قالك البعير شاف حدبة صاحبو ضحك حتى تقطع شاربو...شوفو حدبكم وخليوكم من حدب الآخرين.....

  • salim

    شكب وازيد عليها سعدنا يسعدينو على فعل سرق يسرقو في المضارع قال الشابي اذا الشعب يوم اراد الحاية............

  • الشلوسي

    شكرا لك يا هذا ا لعنوان يغني عن قرأة الموضوع ...!!!

  • بوبكر بن الحاج علي

    كل شيء ممكن.
    لقد قلتها في مقالك بأن أمر الفساد عادي في بلادي، و لاشيء يمنع من وصول المفسدون إلى سدّة الحكم لأنها منهم و إليهم.
    لم تذكر في السيرة الذاتية لأحدهما أنه كان يعزف على "الغايطة" فذلك يفسّر الكثير من الأشياء، أهمها أن من يحكمنا يقومون بتنويمنا بوزن الغايطة (ألحان و شباب) ليعم الفساد.
    لا حول و لا قوّة إلا بالله

  • نور الايمان

    والله شئ غريب ما يحدث في الجزائر اليوم عيش تشوف لكن هذا آخر الزمان يصبح فيه اذلة القوم اعزة كما يقال ان لم تستح فافعل ما شئت وهذا ما نلاحظه اليوم من المسعورين حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم اتمنى ان لاتتاح لهم الفرصة للتوبة لكي يحترقوا وتشوى جلودهم في نار جهنم قولوا آآآآآآآآآآآآآمين انشر من فضلك قلبي فاض وتعمر

  • صالح

    ( تابع ) لم يعد الفساد والمفسدون في الجزائر ينعتون بالفساد ولابالفسدين ، وانما بالقفازة وبالقافزين . من الشائع ، جدا ، انه كلما زدت فسادا ، المعبر عنه باللغة الشعبية ( كول و وكل او وي وي ) كلما زدت ارتقاء في المناصب والدرجات وابتعدت عن سلم المحاسبة والعقوبات .
    الفاسدون/المفسدون ، مهما بلغت بشاعة الجرم ، لايسقطون بالقانون ، وانما بسقوط صاحب النعمة والحماية .
    القانون يطبق بكل صرامة على سراق الاحذية من المسجد ، لكنه ، نفس القانون ، لايسمع ولا يرى اذا تعلق الامر بسراق بقرة اليتامى .

  • صالح

    البيادق ، في لعبة الشطرنج ، لاتتحرك بذاتها وانما هناك لاعبان يقومان بتحريكها بالتناوب حسب استراتيجية ، مكر واهواء كل لاعب ، سعيا للفوز على الخصم ، وليس على البيادق . نحن نعرف ان لكل لاعب بيادقه الخاصة به تختلف في اللون وليس في المضمون . من المعروف انه عندما يكون الخصمان متكافئين ، في فن اللعب والتلاعب ، فان اللعب يطول . من المعروف كذالك انه ، عكس الرياضات الاخرى ، فان جمهور المتفرجين ، في هذه اللعبة ، قليل جدا ، ان لم يكن منعدما ، ولهذا فان الخصمين يلعبان بكل راحتهما وحريتهما دون ازعاج .

  • الحر

    ويبقى المشكل فينا نحن كأفراد وكمجتمع فوالله اننا لاتأمن على انفسنا أو أموالنا وكل أمورنا في الحل والترحال والزمرة الحاكمة