-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا نصوم؟

سلطان بركاني
  • 2248
  • 0
لماذا نصوم؟

سؤال مهمّ ينبغي لكلّ واحد منّا أن يطرحه على نفسه، وهو يكابد الجوع والعطش والوهن في أيام رمضان: لماذا أصوم؟ إنّ للإجابة على هذا السّؤال لأثرًا كبيرا على حال الصّائم الذي يُفترض أنّه يصوم ليس لأنّ النّاس من حوله كلّهم يصومون، وليس لأنّه يخشى الفضيحة إن هو لم يصم، وليس فقط لأنّ الله فرض عليه الصّيام، وإنّما لأنّه يريد من خالقه ومولاه أن يتوب عليه ويُجزل له الثّواب، ويعتقه من النّار ويكتب له رضوانه وجنّته.

يقول جلّ مِن قائل كما في الحديث القدسيّ: (كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّيام فإنّه لي وأنا أجزي به)، فهل صيامك  _أخيلله؟ هل تحسّ في داخلة نفسك أنّك تنشد رضا الله وتطلب ثوابه وعطاءه؟ لماذا لا تخلو بنفسك في مكان لا يطلّع عليك فيه أحد من خلق الله فتأكل وتشرب؟ ربّما تدخل البيت في نهار رمضان وتفتح الثّلاّجة فترى ألوانا وأصنافا شتّى من الملاذّ، ولا تجرؤ على مدّ يدك إلى إحداها رغم أنّه لا يراك إلاّ الله. المرأة في نهار رمضان في المطبخ، كلّ ما لذّ وطاب بين يديها، روائح الأطعمة اللّذيذة تداعب أنفها، ولا تجرؤ على ذوق واحد منها مع أنّه لا يراها ويطّلع عليها إلاّ الله. ما الذي يردّك أيّها المؤمن؟ ما الذي يردّك أيّتها المؤمنة؟ إنّه الإحساس باطّلاع الله واستشعار رقابته جلّ في علاه؛ شعور يجده كلّ مسلم في داخله يمنعه من انتهاك حرمة رمضان، ويجعله يتحرّز من دخول قطرات الماء وذرات الغبار إلى حلقه.

إنّ العبد المؤمن متى ما تأمّل هذا الشّعور وذاك الإحساس، فإنّه سيجد في نفسه رقة وفي قلبه خشوعا طالما حاول البحث عنه، وسيجد للصّيام حلاوة لا يعلم مداها إلاّ من جرّب وعرف، ولنفسه إقبالا على طاعة الله وتقواه، ولهذا يقول الحنّان المنّان سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“.. فما أحوجنا إلى استثمار هذا الشّعور الذي نجده ونحن نمتنع عن الحلال، ما أحوجنا إلى استثماره في الامتناع عن الحرام، وما أحرانا بسؤال أنفسنا: لماذا نستشعر رقابة الله فيما يدخل أجوافنا من حلال في أيام رمضان، ولا نستشعرها فيما يدخلها من حرام في سائر أيام العام؟، لماذا نهتمّ بما يدخل أجوافنا في أيام رمضان، ولا نهتمّ بما يخرج منها من كلام فاحش وغيبة ونميمة؟أسئلة ينبغي لكلّ واحد منّا أن يطرحها على نفسه، حتى يستفيد من مدرسة رمضان، ويتعلّم كيف يجعل شعارا لحياته: “إنّ الله يراني“.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    عندك الحق

  • قادة

    اني اصوم لان الله امرني. لو لم يامرني الله لما صمت. اما الجزاء فلا قدرة لي لمجابهته فانا تحت رحمته.

  • بدون اسم

    أحسن الله إليك بما هو أهله.

  • بدون اسم

    شكرا استاذ بركاني..................... وَصَل

  • بدون اسم

    أحسنت........أحسنت........أحسنت.........

  • Marjolaine

    ذلك الجوع والعطش بحد ذاته شعور جميل لامثيل له، لما يتضور بطنك جوعا إقرار بعبودية خالقك وامتثالا لأمره ،تحس بقوة عارمة تسري بجسدك.. أنت أقوى من نفسك وتقهرها لتمتثل لخالقها... سبحان الله من النقيض يولد النقيض: من ضعف الجوع تولد قوة الروح. تماما كالسعادة والراحة التي تحسها وأنت تمرغ وجهك في الأرض تذللا للخالق القهار الجبار .
    كلما أحسست بالعبودية الحقة لمالكي ومولاي كلما أحسست بوجودي وقيمتي في هذه الدنيا ، فسبحان المتفرد في خلقه.

  • salim

    ما اجده غريبا في هذا المقال هو كون صاحبه يحشر نفسه بين العبد الصائم و خالقه . أليس الأفضل ان نترك العبد لخالقه و يجزيه عما يفعل ؟

  • ناقدك الوفي في الخير

    لو عنونت نقالك "لأن الله يراني..." لكان النقال أعمق، لكن أحسن من سابقيه، فيه اجتهاد خالص بالكاتب ودرس جميل، أثابك الله عنه