جواهر
أمهات تعتقدن أن السبب هو السّحر

لماذا يتغيّر بعض الشباب بعد زواجهم إلى الأحسن؟

جواهر الشروق
  • 8029
  • 0
ح.م

” كان يعاملنا بفظاظة، يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا لم يعجبه الطعام، ويقاطعنا أياما إذا بحث عن قميص أو سروال ووجدنا لم نغسله بعد، لا يجتمع معنا على نفس طاولة الطعام، ولا نسمع منه تحية الصباح أو المساء، هكذا كان أخي قبل أن يتزوج، لكنه بعد زواجه أصبح شخصا آخر تماما، تحول من وحش إلى ملاك، لكن ليس معنا بالطبع بل مع زوجته.. لقد أصبح يعرف إتيكيت الطعام وأصبح لا يفوته إلقاء التحية عليها صباحا ومساء، والأغرب أنه تخلّى عن عاداته السيئة، تقيد بالنظام في المنزل، أصبح يدخن في الشرفة، يخلع حذاءه عند الباب، ويعين زوجته في ترتيب البيت ..فسبحان الله مغير الأحوال ” هذا الكلام ترويه إحدى الفتيات عن أخيها الذي تزوج من فترة قصيرة، هي ملاحظات تسجّلها العديد من الأسر على أبنائها بعد زواجهم، وتثار عليها الكثير من التساؤلات لماذا يتغير الشاب بعد زواجه ؟ لماذا يصبح أكثر لباقة وأدبا مع زوجته خلافا لما كان عليه مع أفراد عائلته سيما أخواته البنات؟

اِبني به سحر!

إذا كانت بعض الزوجات يشتكين من تغير معاملة أزواجهن بعد الزواج إلى الأسوء، فالمحظوظات عكس ذلك تماما، يحظين بمعاملات جد لطيفة من طرف أزواج طالما عرفوا بطباعهم الحادة، وسوء معاملاتهم مع أهاليهم، وانعدام المسؤولية قبل الزواج.

تطغى العاطفة على تفكير بعض الأمهات في تفسير هذه الظاهرة فتعتقد كل واحدة منهنّ أن حالة ابنها ليست طبيعية، وأن هذا التغير في طباعه لا يمكن أن يحصل من عدم، وتذهب بها الظّنون حد اِتهام زوجته أو أمّها مثلا بسحره لإخضاعه وطمس بصيرته، غير أن هذا التفسير في الواقع لا يعدو عن كونه ذاتيا تسطيحيا، لا يقف عند الأسباب الحقيقية للظّاهرة.

اِبنك ليس مسحورا

” اِبنك ليس مسحورا ”  تطمئن الأستاذة صونيا سدراتي الأخصائية في علم الاجتماع الأسري هؤلاء الأمهات، وتوضح السبب الحقيقي، من خلال تشريح الظاهرة وتفسيرها تقول :

” عادة عندما يكون الشاب لامسؤولا، فوضويا، أو فظّا في التعامل مع أهله يقولون أن طباعه ستتغير بعد أن يتزوج أو بالأحرى أن زوجته ستربيه وتغير طباعه، وبالفعل هذا الكلام يتحقق واقعا، لكن كثيرا من الناس يجهلون طبيعة هذا التحوّل وينظرون إليه من زوايا ضيقة لا تعدو على كونها مكملات ثانوية للسبب الحقيقي لذلك التغيير، إذا تجدهم يعزون السبب لضعف شخصية الشاب وخوفه من زوجته، خاصة إن كانت متسلّطة مستقوية بمالها أو بجمالها أو بمنصبها، فهي عوامل في نظرهم تجعله يرضخ لتعليماتها وليس أمامه سوى تغيير طباعه، فيما لا تجد بعض الأمهات تفسيرا لتغير أبنائهم بعد الزواج سوى بتعرضهم للسحر من طرف زوجاتهم أو حماواتهم، والأدهى أنّ هذا التفسير له صيته في مجتمعنا، فقد يكون أول ما يتبادر إلى أذهان الأمهات ”

السبب الحقيقي أعمق
لكن السبب الحقيقي أعمق تقول الأستاذة: ” لا يرجع الكثير من الناس إلى أصل التنشئة ووضعية الأسرة، فعائلات كثيرة في مجتمعنا تفتقد إلى نوع من الترابط الفعلي والضروري ليعيش كل أفرادها في ظلّ التفاهم والودّ والإحترام، إذ تجد غياب عنصر الحوار، غياب ثقافة التعبير عن المشاعر، غياب المشاركة، كلها عوامل تؤدي إلى نوع من الجفاء، والفظاظة في التعامل بين أفرادها، كما أنّ بعض العائلات مازالت تسود فيها النظرة التقليدية الذكورية، حيث ينشأ الذكر متسلطا على أخواته البنات، ويعاملهن بقسوة، وتزداد حدة تسلطه ابتداء من سن المراهقة وقد تستمر فترة طويلة “

تغيير البيئة يفضي إلى تغير السلوك

وترى الأستاذة أن تغيير البيئة له دوره الكبير في تغير شخصية الشاب حيث تقول: “غالبا ما يكون الشاب غير راض في قرارات نفسه عن جفائه، وسوء معاملته مع أفراد عائلته، رغم ذلك فكرة أفضليته التي نشأ عليها تطغى على معاملاته ويأبى التنازل عن تسلّطه، لكن بمجرد أن يتزوج ويجد نفسه مع شريكة خطط سابقا لتفاصيل حياة مستقرة وسعيدة معها، فلا شك أن أوّل ما يضعه بعين الإعتبار هو ضرورة تخليه عن سلوكياته السلبية، فهو يريد أن يولد من جديد، يتوق إلى العيش بشخصيته الأخرى؛ شخصية الرّجل المتحضّر و اللّبق، والودود لزوجته، وهذا الوضع ليس ثابتا دائما، فالكرة هنا في ملعب الزوجة، فإن كانت صالحة، ذكية، مثابرة، تستطيع أن تجعله ثابتا على تلك الشخصية، وتحثّه وتشجعه على التعامل بها مع أهله ومع جميع الناس، والعكس صحيح إذا كانت الزوجة جاهلة، أنانية و متسلطة فغالبا حتى لو رضخ لها سيأتي اليوم الذي ينقلب عليها، ويعود إلى انتكاسته الأخلاقية معها “

مقالات ذات صلة