الرأي

..لمن ينهبها!

جمال لعلامي
  • 807
  • 1
أرشيف

حكاية نهب وتحويل الأراضي الفلاحية، بغرض إنجاز مصانع ومساكن ومنشآت عمومية وبنايات شخصية، تؤكد مرّة أخرى أن الكثير من الهكتارات استفاد منها أفراد وجماعات في إطار نظرية “الأرض لمن ينهبها”، وليس وفق الشعار الذي تربّينا عليه “الأرض لمن يخدمها”!
صدق وزير العدل، عندما اتهم الإدارة بالعبث بالأراضي الفلاحية، فهل يُعقل يا عباد الله، أن تـُقطع آلاف الأشجار المثمرة، من أجل بناء عمارات؟ وهل هذه العمارات أهمّ من تأمين غذاء ملايين الجزائريين؟ أوليس الأمن الغذائي أولى من “الأمن العقاري”؟
أليس من العيب والعار أن يرفض “الشينوي”، وهو من أكلة القطط والكلاب، إبادة أشجار البرتقال و”الدالية”، في منطقة معروفة بالعاصمة، وكانت ضمن ما يُعرف بحقول المتيجة، ثم يأتي “سيّ الجزائري”، ويقترف عن جهل أو قصد “مجزرة” في حقّ الفلاحة والزراعة والطبيعة، ويُبيد آلاف الأشجار المثمرة، ويحوّل أرضا خصبة إلى مساحة لغرس البنايات؟
المصيبة أن أغلب الأحياء الجديدة التي يتمّ تشييدها في إطار محاربة “أزمة السكن”، تنمو كالفطريات على الأراضي الزراعية الخصبة، وتصوّروا عندما يتمّ “قتل” قوت الجزائريين ورزقهم، ويتمّ بالمقابل استبدال هذا الخير بـ “البيطون” الذي كان بالإمكان إفراغه في مساحات جرداء وقاحلة!
نعم، الإدارة هي المتهم رقم واحد، وإن كانت قائمة المتهمين والمتورطين والمتواطئين والمشبوهين والمستفيدين، تضمّ أيضا أفرادا وجماعات، بعضهم منتخبون، والبعض الآخر رجال أعمال، وآخرون سماسرة وبزناسية، وبعضهم وسطاء، ونوع آخر يمثله مزوّرون وغشاشون ومحتالون!
عندما “ترعى” وزارات مختصة في الملف، عمليات واسعة للبناء دون الحصول على رخص البناء والتعمير، فهذا معناه أن القضية معقدة وخطيرة، ومن الصعب حلها بسهولة، وعندما تتورط الإدارة أو جزء من مصالحها في “الاستحواذ” على أراض فلاحية وتسليمها لمقاولين ومرقين عموميين وخواص، من أجل بناء “ناطحات سحب” وأيضا “بنايات الموت”، فهذا مؤشر آخر على أن تحرّك العدالة والأمن أصبح أكثر من ضرورة واستعجال!
قديما قالوا: “كي تشبع الكرش تقول للرّاس غني”، لكن الآن، “البيطون” حرم هذه “الكرش” من “الشبعة”، لأن “الماكلة” تحوّلت إلى أنواع أخرى من الملذات، بينها مشاريع السكن والبناء التي حوّلت “مزلوطين” إلى أثرياء، بعدما استفادوا بالطول والعرض من القروض الميسّرة للبنوك، ودعم مباشر من الخزينة للأراضي، وامتيازات أخرى لا تعدّ ولا تـُحصى !
لأن “المنفعة” كبيرة، تحوّلت آلة “البيلدوزير” إلى الأراضي الفلاحية، لأنها ببساطة وبالمختصر المفيد “ساهلة” وجاهزة.. والفاهم يفهم!

مقالات ذات صلة