-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سيدة الشاشة التونسية منى نور الدين لمجلة الشروق العربي

لم أشبع من التمثيل والفنان الذي يصل مرحلة الشبع يكون قد مات فنيا

طارق معوش
  • 386
  • 0
لم أشبع من التمثيل والفنان الذي يصل مرحلة الشبع يكون قد مات فنيا

منى نور الدين، سيدة الشاشة التونسية، كما تلقب، التي عرفت كيف تفتك لنفسها موقعا بين الرجال في عالم الفن، زمن السبعينيات، حيث لا مجال للمرأة أن تكون سيدة نفسها في بدايات انفتاح البلاد التونسية، وتحررها شيئا فشيئا من عقلة الارتهان لتقاليد المجتمع المحافظ آنذاك. هذه الممثلة العتيدة، ذات 50 سنة فنا، عرفت كيف تثري حوارا جانبيا مع الشروق العربي بتونس، ندخل بحياتها الخاصة وأعمالها بعد رحلة العمر كما يحلو لها أن تسميها.

الشروق: منى نور الدين، تمكنت من كسب قلوب الملايين من المشاهدين، رغم سنك المتقدمة نوعا ما، من خلال أعمالك، كمسلسل نسيبتي لعزيزة والمسلسل الشهير شوفلي حل، فى الوقت الذي يمنح التلفزيون فيه الفرصة للفتيات الصغار والجميلات.. ما قولك؟

– بعد ابتسامة… ترد: ألا ترى بأنني أجملهن وأصغرهن ثم تنفجر ضاحكة، سيظل الجمال مهما اخترع من مواد أو وسائل تجميل جمال القلب وصفاء الروح. أنا صادقة مع نفسي ومع عملي، أحب أن أكون دائما قريبة من الشخصية التي أمثلها، التي تبدأ مباشرة بعد قراءة السيناريو، فأضع مجموعة من الاحتمالات للحالة التي يجب أن تكون عليها الشخصية، وأبدأ بالتقمص حالة بعد أخرى.. وفي الأخير، أختار التي أحسست داخلها بأنني ذات الإنسانة التي صورها الكاتب، التي يريد المخرج أن يراها أمام الكاميرا، ولا أخرج من الشخصية حتى وأنا خارج التصوير، لا تتغير سوى ملابسي وأبقى على صلة معها، إلى أن نعود إلى التصوير في اليوم الثاني. وأما في مسلسل ” نسيبتي لعزيزة”، فإن نوعية الشخصية استهوتني كثيرا، لأنني وجدتها في كل حالاتها قريبة جدا من واقعنا الاجتماعي، وهي التي يمكن أن تنطبق في الكثير من الحالات أيضا على المشاكل الاجتماعية الجزائرية. وقد سعدت كثيرا بالتواصل الذي حدث بين المتفرج وشخصية “أم المنجي”، بعد عرض الجزء الأول آنذاك الذي أصبح أهم مسلسل تونسي. وهذا بالطبع، يعود إلى مجموعة كاملة من الفنانين والتقنيين، وليس إلي فقط، وعندما تجتمع الرغبة والإرادة في تحقيق الذات، تكسر القاعدة التي تحدثت عنها.

الشروق: طموحاتك الفنية، منى نور الدين، بعد أن تجاوزت الـ85 عاماً.. طول العمر إن شاء الله..

– الفنان الحقيقي لا يشبع من التمثيل، ولذلك طموحاتي لم تنته بعد، فالفنان الذي يصل مرحلة الشبع يكون قد مات فنيا، وأنا لا أريد أن أصل تلك المرحلة، ولكل مرحلة عمرية أدوارها واختياراتها، هناك أدوار يستحيل تقديمها في هذا العمر، وفي المقابل، هناك أدوار حان الوقت لكي أقدمها.

الشروق: من الشخصية التي أثرت في حياتك بعد كل هذا المشوار؟

– في حياتي ككل، أقولها وأعيدها الرئيس التونسي الراحل، الحبيب بورقيبة، ليس لأنه أثر في مسيرتي الفنية فقط، بل لأنه غير من مفاهيم الحياة الفنية في تونس، فقبل الحبيب بورقيبة، كانت أغلبية العائلات التونسية ترفض أن يحترف بناتها التمثيل، إلى أن جاء بورقيبة وتسبب في إحداث ثورة في مفاهيم الحياة التونسية، كما كان من أكبر الداعمين لفرقة تونس للمسرح، التي كنت عضواً فيها، وكان دوماً يستدعي فرقتي من أجل عرض أعمالها في قصر قرطاج بالعاصمة، فمن وجهة نظري، هو صاحب نهضة الفن التونسي الذي نعيشه حالياً.

الفن أصبح وجعا لما نراه اليوم من أعمال قليلا ما تكون هادفة وذات معنى..

(أمينة رزق تونس) أقرب الألقاب إلى قلبي
الشروق: منى نور الدين، التي أحبها الناس كبارا وصغارا، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.. كيف تختار أعمالها؟

– ربما يتبادر إلى البعض، أن الفنان تعرض عليه الأعمال دوما، فلا يكون صاحب اختيار أو مخيرا بقدر ما هو مسيّر، فيكون في موضع المتلقّي دون أن يكون في موضع آخذ القرار.

هذا غير صحيح تقريبا لأغلب الفنانين، فما بالك بمنى نور الدين، المرأة التونسية الأولى التي تخوض رحلة الفن والركح… إن أردنا التوصيف، وكل الأدوار التي مثلتها كانت عزيزة على قلبي، ويحق لي أن أقول عنها إنها كانت رائعة، وللأسف، في الوقت الحالي، الفن أصبح وجعا لي، لما نراه اليوم من أعمال قليلا ما تكون هادفة وذات معنى.
الشروق: إذا خلّف هذا الحب الخاص للمسرح والفن “وجيعة “وأنت تعترفين بها ضمنيا، ما الذي يحز في نفسك؟
– الليعة والوجيعة، كما نقول في لهجتنا التونسية، تأتي عندما تضحي بكل شيء من أجل حبيبك، فيكون “نكّارا” للمحبة، مع أنني لا أرى نفسي أحمل هم الحب لرجل، لكن عندما أحببت المسرح والفن، ولأجله ضحيت بكل شيء، ومن ذلك أن أكون أسرة ويكون لي أبناء أجد نفسي بعد هذه السنين الطوال، مازلت أعيش على الأمل.

الشروق: سيدة الشاشة التونسية ونجمة المسرح وغيرها من الأسماء، لقبت بها منى نور الدين، من أقرب الألقاب إلى قلبك؟

– خلال مسيرتي المسرحية، لقبت بأكثر من لقب فني، ولكن أقربها إلى قلبي كان (أمينة رزق تونس)، نظراً لوجود عشرات العوامل المشتركة بيننا في التمثيل، بالإضافة لعشقي الكبير لها على المستوى الشخصي.

كنت أتمنى أن تستمر مسيرتي بمصر ولكن…

عمر الشريف كان بمثابة إنجاز كبير في حياتي المهنية

الشروق: لك تجارب عدة بمصر، لمَ لم تستمر رغم نجاحها؟

– اكيد، عندي تجربة أمام الفنان العالمي عمر الشريف.. كان بمثابة إنجاز كبير في حياتي المهنية، ورغم أن تجربتي الفنية في مصر تكررت مرة أخرى أمام الفنان محمود ياسين في فيلم (رجل بمعنى الكلمة)، فإن عمر الشريف له مكانة ورونق خاص، بسبب تعامله معي في أثناء التصوير، وكنت أتمنى أن تستمر مسيرتي بمصر، ولكن الزواج والأبناء تسببوا في ابتعادي عنها.

الشروق: أفهم من كلامك أنه من الصعب إعادة التجربة في الوقت الحالي؟

– تجاربي الدرامية بمصر كانت خلال فترة شبابي، وكانت صحتي تساعدني على السفر والترحال والتنقل لمسافات طويلة، أما حالياً، فليست لدي القدرة على السفر والتنقل بشكل كبير، وأصبحت مساهماتي الفنية مقتصرة على دول الجوار، فرنسا وليبيا والجزائر.

الشروق: لطالما تقمصت السيدة منى نور الدين أدوار المرأة التونسية الأصيلة باللباس التقليلدي، هل هو الاختيار الشخصي، أم اختيار المخرجين؟

– سبق وأن قدمت أدوارا متنوعة لنساء متفتحات وسيدات أعمال، ولكن جل أدواري كانت للمرأة البسيطة، وأحيانا المتسلطة، وفي أحايين أخرى الأصيلة والتقليدية، على غرار مسلسل “نسيبتي العزيزة “، الذي علّم لدى المشاهد، وقدمت فيه دور الأم. أنا لا أحس بأني حصرت في دور أو شخصية واحدة، قدمت أعمالا مختلفة وأدوارا وشخصيات متنوعة، وهذا نابع من اختيار شخصي، لأن الممثل عليه أن يجرب كل الأدوار ولا يبقى حبيس الدور الأوحد.

الشروق: برأيك، ماذا ينقص الدراما التونسية لكي تغزو الشاشات العربية؟

– هناك أزمة نصوص وأزمة أموال، لطالما كان مطلبنا أن يكون هناك إنتاج على طول السنة، وليس فقط في شهر رمضان، ولكن، لا يوجد تمويل ولا يوجد استثمار في الفن، لأنه لا يحقق الربح المطلوب، وبعد الثورة قلت كثيرا الأعمال الدرامية.

الشروق: السينما التونسية ارتبطت كثيرا بالجرأة وبالطابوهات، هل يزعجك ذلك؟

– السينما التونسية تأخذ المواضيع الحساسة والجريئة، وتطرحها بطريقة مختلفة، فيها نوع من التحرر، فهي ليست إباحية، ولكنها ليست مقحمة أيضا، وهذا هو المهم.. المخرجون التونسيون يتناولون هذه المواضيع بكل حرية، وأنا شخصيا، لا يزعجني ذلك، لأنني ممثلة، ويجب أن أقدم كل المواضيع وكل الأدوار.. هذه هي السينما في الأخير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!