الرأي

لهذا لم أصفق لـ”زرواطي”!

قادة بن عمار
  • 4257
  • 16

حالة الانبهار الشديد بما قامت به وزيرة البيئة فاطمة الزهراء زرواطي حين قررت الخروج من مكتبها الفخم لتشارك المواطنين حملة التنظيف على المباشر، وعبر أحياء شعبية فقيرة بالعاصمة، سببها الوحيد أننا تعوّدنا كجزائريين على بقاء الوزير أو المسؤول في مكتبه طول الوقت أو خروجه صدفة ومروره بتلك الشوارع في موكب رسمي وكأنه “الحاكم بأمر الله”، فلما حدث العكس، اعتقدنا فعلا أن تغييرا قد وقع، رغم أن السلوك الذي قامت به السيدة زرواطي (وبعيدا عن نيّتها الطيبة) عادي جدا ولا يستحق كل تلك الثورة من التعليقات الايجابية والمتعاطفة والمهلّلة!
“حالة الانبهار” لا يمكن أن تنسينا أيضا بأن زرواطي تنتمي لنظام سياسي أخفق في حماية شعبه من مرض الكوليرا ومشتقاته، وها هو يتخبط الآن، فيقوم بحملة تنظيف انتقائية بعدما فات الأوان، كما أن الوزيرة المنتمية لحزب عمار غول، تريد تسجيل نقاط لصالحها والتحرر من حالة الحرج التي وقعت فيها عقب تصريح سابق قالت فيه “إن الجزائريين يفتقدون للحسّ البيئي ولا يهتمون بالنظافة”، رغم أن معاليها لم تقترح حتى الآن، ومنذ دخولها الحكومة، أي قوانين تقاوم تلك السلوكات السلبية للمواطنين بل تكتفي بالتحسيس ونشر “الأحاسيس”!!
بعض المسؤولين عندنا وبينهم وزيرة البيئة، يستغلون حجة أن “النظافة مهمة الجميع” للتهرب من المسؤولية والمحاسبة، أي حق يراد به باطل، علما أن من يملك القانون وسنّه ومن يملك قوة الردع في معاقبة المخالفين لتلك القوانين هي السلطة وليس المواطن، وهذا في ظل غياب “برلمان قوي” كان من المفترض فيه مراقبة الحكومة وأداء الوزراء فيها!
حالة الانبهار الفايسبوكي التي أعقبت خرجة زرواطي، تمت في الأسبوع ذاته الذي استقال فيه وزير البيئة الفرنسي من منصبه، حيث قال في تصريح للصحفيين إنه قرر الاستقالة لأنه لا يريد الكذب على نفسه ولا على الفرنسيين وبأن بقاءه في الحكومة لا يعني أن الأمور بخير، زيادة على إحساسه بالعجز عقب رفض كل القوانين التي اقترحها!!
مثل هذه السلوكات الرسمية هي التي نتمنى أن تصيب المسؤولين عندنا بالعدوى، وليس الخروج للشارع “في حملات منظمة”، وضمان التفاف الصحفيين والمصورين والكاميرات ثم الحديث عن نجاح خرافي أو ثورة في القطاع!

مقالات ذات صلة