الجزائر
وزير خارجية فرنسا على خطى ماكرون

لهذه الأسباب تناور باريس!

محمد مسلم
  • 39069
  • 62
الشروق أونلاين

يبدو أن السلطات الفرنسية، غير مستعدة لتجرّع “مرارة” فوز الوزير الأول الأسبق، عبد المجيد تبون، برئاسيات 12 /12، بدليل اتفاق إيمانويل ماكرون مع وزير خارجيته، جون إيف لودريان، على ترديد عبارة تبقى محل شبهة من الناحية الدبلوماسية.

لودريان استعمل في حوار مع القناة الإذاعية الفرنسية الدولية (فرانس أنتر) عبارة “أحطت علما بفوز تبون” بالانتخابات الرئاسية، وهي العبارة ذاتها التي استعملها ماكرون في الندوة الصحفية التي نشطها في أعقاب قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الجمعة المنصرم.

ولأن عبارة “أحطنا علما بفوز تبون”، تنطوي على الكثير من الغموض الذي يخفي موقفا دبلوماسيا مشبوها، فقد اضطر لودريان إلى شرح ذلك فسقط في المحظور، عندما قال إن “معناها أننا لاحظنا وكأن هناك مسارا وسيتم تعيينه رئيسا.. إنه محاور فرنسا”.

ويتضح من كلام لودريان، أن فرنسا لا تنظر إلى الرئيس الجديد للجزائر على أنه رئيس منتخب، بل رئيس معين (سيتم تعيينه رئيسا)، وهذا أخطر ما صدر عن المسؤولين الفرنسيين منذ اندلاع الحراك الشعبي، لأنه موقف ينزع إلى التعامل مع الرئيس الجديد على أنه أمر واقع أو بالأحرى رئيس فعلي وليس منتخب.

مثل هذا التصريح لا يمكن أن يصدر إلا عن مسؤول مأزوم، يعاني من عقدة “وصاية”، متناسيا أن الشعب الجزائري أصبح له دولة مستقلة ذات سيادة، وقد سبق وأن لقن فرنسا الاسعمارية، درسا في الكفاح من أجل التحرر، أسقط حلما، لا زال البعض لم يستفق منه بعد.

رئيس الدبلوماسية الفرنسية قال أيضا إن “فرنسا تأمل بأمر واحد، وهذا ليس أملا دبلوماسيا على الإطلاق، أن يستمر الانتقال الديمقراطي ضمن احترام السيادة الجزائرية”، ويعتبر هذا التصريح امتدادا لعدم اعتراف باريس بنتائج انتخابات لم يطعن في نتائجها ومصداقيتها، حتى أولئك الذين نافسوا الرئيس الفائز في المربع الأخير من معترك الانتخابات الرئاسية.

وفي الواقع لم يكن ما بدر عن رئيس فرنسا ووزير خارجيته، برأي مراقبين، سوى تعبير عن موقف ذلك الذي هزم في رهان كان خاسرا منذ البداية، فالسلطات الفرنسية أظهرت سذاجة، بل غباء كبيرا في التعاطي مع الشعوب التي ثارت ضد الأنظمة التي كانت موالية للمستعمرة السابقة، كما حصل خلال ثورة الياسمين في تونس، فبينما كان الشعب التونسي في الشارع ضد الديكتاتور الراحل زين العابدين بن علي، عرضت ميشال أليو ماري، وزيرة داخلية نيكولا ساركوزي حينها، تقديم عتاد عسكري لمساعدة الشرطة على قمع المتظاهرين، وانتهى الأمر بسقوط بن علي ومعه وزيرة الداخلية الفرنسية، كما هو معلوم.

ويتساءل الكثير من المراقبين حول ماذا كان سيكون موقف باريس في حال ما إذا مرت العهدة الخامسة للرئيس السابق بنجاح؟ المعطيات التي طبعت المشهد قبل 22 فبراير، كانت كلها تشير إلى رضا قصر الإيليزي (الرئاسة) ومعه قصر الكيدورسيه (الخارجية)، فضلا عن قصر الماتينيون (رئاسة الوزراء)، على عهدة خامسة، لأن بوتفليقة يومها كان مرشحها أيضا، بالرغم من غيابه عن المشهد منذ سبع سنوات، وبالرغم من علمها بوجود ختم الرئاسة بأيدي قوى غير دستورية، عاثت في السياسة والاقتصاد ووو.. فسادا.

أما الرئيس الجديد فلم يكن يومها مرشحها، بل عدوها، فباريس لم تكن مرتاحة إليه عندما كان وزيرا أول، حيث حاربه أزلامها بالنيابة عنها إلى أن أسقطوه من الوزارة الأولى قبل أزيد من سنتين، فما بالك أن يصبح صانع القرار الأول في البلاد، ومن ثم فمن الطبيعي أن ترفض اليوم تهنئته، لأنه لم يؤد طقوس الولاء لها.

ويمكن القول إن العلاقات الجزائرية الفرنسية بعد تصريحات ماكرون ومن بعده لودريان، دخلت مرحلة جديدة، قوامها الندية، بعد ما كان يغلب عليها طابع التبعية، وشراء الصمت بالصفقات العمومية والامتيازات التي وصلت حد التنازل عن بعض الثوابت الوطنية، مثل بيع السيادة (عبور الطائرات الحربية الأجواء الجزائرية لقتل الأبرياء في مالي)، لاعتبارات التموقع الداخلي.

https://www.facebook.com/Echorouk/videos/1041312449537128/

مقالات ذات صلة