اقتصاد
الحكومة تؤجل إطلاق الوكالة الوطنية للدواء تحت ضغط اللوبيات

لهذه الأسباب ستستمر ندرة الأدوية في الجزائر

الشروق أونلاين
  • 7951
  • 29

كشف الدكتور حساين كوردورلي، المستشار في أنظمة الضمان الاجتماعي والخبير القضائي، أن اللوبي الذي تمكن من إحكام سيطرته على سوق الأدوية نجح في منع الحكومة من استعمال التسمية العالمية الموحدة(DCI) على الأدوية المسوقة في الجزائر من أجل الاستمرار في بيع الأدوية بالعلامات التجارية الأوروبية التي تسيطر على 60 بالمائة من السوق الجزائرية.

وقال الدكتور كوردورلي، إنه في الوقت الذي تتواصل ندرة 200 دواء أساسي منذ 2007، بلغ عدد الأدوية المسجلة والمسموح بتسويقها في الجزائر 5600 دواء منها 3394 دواء ممنوع من التسويق في أوروبا بسبب نتائجه العلاجية المحدودة، فيما لا يتعدى عدد الأدوية الجزائرية المسجلة لدى مصالح وزارة الصحة 500 دواء، أي ما يعادل 1 بالمائة من الأدوية المسجلة في السوق الجزائرية.

ويسمح استعمال التسمية الدولية الموحدة بالحد من ندرة الأدوية في السوق الوطنية وبتخفيض عدد الأدوية المسجلة في الجزائر وبالتالي تخفيض فاتورة الأدوية بالتركيز على الأدوية الأساسية والأقسام العلاجية الرئيسية كما تعرفها منظمة الصحة العالمية.

وأوضح المتحدث في تصريح لـ”الشروق”، أن ندرة الأدوية التي بدأت في البروز والتحول إلى ظاهرة مستمرة في الجزائر منذ 2007 هي نتيجة طبيعية لاستراتيجية تكسير قطاع الأدوية التي شرع فيها منذ 1994 مباشرة بعد التراجع عن بنود قانون النقد والقرض الصادر سنة 1990 والمتمثلة في إلزام شركات الاستيراد بالشروع في التصنيع محليا بعد سنتين من النشاط، ثم الانطلاق في تحييد دور الصيدلانية المركزية للمستشفيات بداية من منتصف التسعينات وتكسيرها الذي تزامن مع خوصصة الاحتكار العمومي في مجال استيراد وتوزيع الأدوية لصالح لوبيات خاصة بدأ دورها يتعاظم منذ 1996 وصولا إلى تصفية شبكة التوزيع العمومية متمثلة في شركة “ديڤروميد”، قبل أن تكتمل حلقة التحرير الفوضوي لسوق الأدوية بالجزائر بسيطرة البيروقراطية الإدارية على المتخصصين والاستشاريين الأطباء والصيادلة العاملين في قطاع الضمان الاجتماعي، مما شجع على استمرار فاتورة الاستيراد في الارتفاع من 350 مليون دولار سنة 2001 إلى 2.5 مليار دولار سنة 2011.

واستغرب ذات المختص تأخر استعمال نظام الترميز بالخطوط “الباركود” في ضبط قطاع الأدوية وتطهيره ومعرفة مصدر الدواء أو المادة الأساسية التي تدخل في صناعة الداوء والمخبر الذي أعدها وجودتها ومدة صلاحيتها والفريق العلمي الذي قام بتحضيرها والدولة التي جاءت منها، مضيفا أن الأنظمة الصحية في أوروبا وأمريكا الشمالية انتقلت إلى مستوى أعلى من مراقبة مسار الأدوية وهو استعمال تكنولوجيا باركود ثلاثي الأبعاد “داتا ماتريكس” الذي يوفر جميع المعطيات الضرورية لسلسلة الدواء من تصنيع المادة الأساسية إلى المستهلك النهائي مع المعرفة الدقيقة لتاريخ الصنع والجهة المصنعة ومدة الصلاحية واسم الصانع والجهة التي قامت بتحضير المادة الفعالة الأصلية أو الشكل الجنيس بشكل يضمن حماية كاملة للنظام الصحي الوطني وتوفير أدوية ذات جودة حقيقة إلى جانب الحد من ارتفاع الكلفة العلاجية وتطهير البطاقية الوطنية للأدوية من المنتجات الدوائية القديمة أو ضعيفة القيمة العلاجية.

وشدد المتحدث على أن إعادة النظام إلى قطاع الدواء لن يتم قبل تفعيل الوكالة الوطنية للدواء المكرسة في القانون الصادر في 2008، مع ضرورة جعلها سلطة ضبط ورقابة حقيقية للقطاع وإبعادها عن سلطة وزارة الصحة، والضمان الاجتماعي، حتى تتمكن من تطهير القطاع وفرض الانضباط الفعلي على جميع المتدخلين في كامل السلسلة وفق الإستراتيجية الوطنية للصحة المحددة من قبل الحكومة وليس الاستراتيجية القطاعية لوزير الصحة.

وقال كوردورلي، إن الندرة ستستمر لسنوات أخرى بسبب سيطرة تجار يستهدفون الربح على القطاع بعد الانسحاب غير المبرر للدولة من عملية الضبط والتنظيم لأزيد من 10 سنوات، وخاصة بعد لجوء المخابر الأجنبية إلى التعاقد مع ممثلين محللين في الجزائر أصبحوا يفرضون قوانينهم على السوق مما يجبر الحكومة من خلال الصيدلية المركزية أو معهد باستور على الرضوخ إلى شروط مهينة لدولة بحجم الجزائر تتوفر على إمكانات مالية ضخمة، ولكنها عاجزة في نظر مواطنيها على ضمان الحد الأدنى من الرعاية الصحية.

وأوضح المتحدث أن الأدوية التي تحقق أرباحا قياسية يتم إدخالها إلى الجزائر بطريقة التقطير من طرف بعض المخابر أو شركات الاستيراد وحتى من بعض المصنعين من اجل الإبقاء على الاحتكار وتحقيق أقصى درجات الربح من طرف حوالي 500 مستورد ينشطون في الغالب خارج رقابة المنظومة الصحية، وخاصة مع عدم وجود بنك معلومات خاص بقطاع الأدوية والمنتجات الصيدلانية.

مقالات ذات صلة