الجزائر
الجلوس على كرسي المرادية ظل حلمه لعقود

لهذه الأسباب يتحفظ حمروش على الترشح للرئاسيات؟

محمد مسلم
  • 10913
  • 15
ح.م
مولود حمروش

فجر عزوف رئيس حكومة الإصلاحات، مولود حمروش، عن الترشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة في الثاني عشر من ديسمبر المقبل، جملة من التساؤلات حول خلفية موقف من هذا القبيل، لأن جلوس الأمين العام الأسبق برئاسة الجمهورية على كرسي المرادية، ظل حلما يراود الرجل وأنصاره على مدار سنين طويلة.

آخر موقف من مولود حمروش بشأن الرئاسيات المقبلة، كان عندما استقبل في الخامس من الشهر الجاري أنصاره الذين تنقلوا إلى بيته لحثه على الترشح للاستحقاق المقبل، وقد أبدى يومها تحفظا واضحا، حال دون تقدمه للاستحقاق إلى غاية الأمس.

وعلى الرغم من إلحاح أنصاره وتودد البعض منهم الذي وصل بأحدهم الأمر حد البكاء، إلا أن الرجل بقي متمترسا خلف تحفظاته، التي لم يقتنع بها الكثير من أنصاره وحتى من غير الذين لا يشاطرونه مواقفه وطروحاته.

حمروش اعتاد أن ينسحب من السباق بعد إبداء الرغبة في خوضه كما حصل في رئاسيات 2014، وعادة ما يرجع السبب إلى وجود مرشح للمؤسسة العسكرية، وهو لا يريد مواجهة الجيش، مثلما كان يقول في ذلك الوقت!

غير أن هذه المرة الوضع يبدو مختلفا على أكثر من صعيد، إذ تم استحداث سلطة وطنية مستقلة للانتخابات، أوكلت لها كل الصلاحيات المتعلقة بالعملية الانتخابية، من بدايتها إلى غاية الإعلان عن نتائجها، وهو تطور لم يكن موجودا في كافة الاستحقاقات السابقة.

يضاف إلى ذلك، التعهدات المتكررة التي قدمتها قيادة المؤسسة العسكرية، والتي مفادها أن الجيش ليس له أي مرشح ولا يدعم أي متسابق، وهي التعهدات التي يبدو أنها لم تبدد لحد الآن، تحفظات رئيس حكومة الإصلاحات.

إذا كانت كل هذه الضمانات لم تبدد مخاوف حمروش، فما هي الأسباب الحقيقية التي حالت دون ترشح الرجل، والتي لم يتجرأ على الكشف عنها في كل “الخرجات” الإعلامية التي نشطها منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة؟

من بين ما قاله حمروش في لقائه الأخير أمام أنصاره: “..لو انتخبت بهذه الطريقة وهذا الأسلوب وفي مثل هذه الظروف، لا يمكنني فعل أي شيء.. تمنيت لو لبيت رغبتكم، لكن وقبل ذلك، لا بد من الحقيقة..”.

هذه العبارات لم تزد موقف حمروش إلا غموضا، غير أن العودة إلى مواقف الرجل السابقة ومحيط تحركه، تساعد على فهم الرجل وتبدد الكثير من الغيوم التي تحوم حول تعاطيه مع تجليات المشهد السياسي وتطوراته.

يعتقد الكثير ممن يكنون الاحترام لحمروش، أن الرجل يعتبر أحد أبناء العائلة الوطنية، ومن تلامذة القامة عبد الحميد مهري، ويستندون في هذا إلى بعض الاعتبارات من بينها، تحالفهما في مرحلة ما، قبل أن يجرفهما التيار التغريبي في عز عنفوانه في تسعينيات القرن الماضي، غير أن من يعرفون الكثير من الخبايا عن حمروش، يذهبون عكس ذلك.

ويؤكد بعض المراقبين أن التطورات التي عاشتها البلاد على مدار العقود الثلاثة الأخيرة، غيرت الكثير من القناعات عند حمروش، فالرجل استقال من حزب جبهة التحرير الوطني الذي ترعرع فيه، وأصبح فيما بعد أقرب إلى العائلة الديمقراطية ممثلة في حزب جبهة القوى الاشتراكية، حيث كاد أن يصبح مسؤولا عنها لو تجاوب مع العرض الذي قُدّم له في عهد زعيمها الراحل، حسين آيت أحمد.

ومعلوم أن ما يسمى العائلة الديمقراطية ممثلة في “أحزاب البديل” التي يعتبر الأفافاس أحد مكوناتها، تتموقع في الجهة المعارضة للانتخابات، وهي تطالب بدل الذهاب إلى الصندوق بالدخول في مرحلة تأسيسية، فهل تحفظ حمروش على المشاركة في الانتخابات له علاقة بعدم تجاوب المؤسسة العسكرية مع هذا المطلب؟

حمروش لم يطالب بصفة رسمية الدخول في مرحلة تأسيسية، غير أن مواقفه تقترب شيئا فشيئا من الذين يرفعون هذا المطلب، وهو يلتقي معهم في رفض المشاركة في الانتخابات، كما يتقاسم معهم أيضا التمتع بالحظوة على مستوى المنابر الإعلامية المنتقدة، بل الرافضة لإجراء الانتخابات في موعدها المقبل.

وبينما يسارع البعض إلى وصف حمروش بأنه من أنصار التعريب وأحد المدافعين عن ثوابت الشعب المحددة في الدستور، يؤكد أحد الولاة السابقين، أن رئيس حكومة الإصلاحات عندما كان يجتمع بهم في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، كان يخاطبهم باللغة الفرنسية )!!.

كل هذه المعطيات تدفع المتابع إلى الاعتقاد بأن حمروش لا يتموقع في المكان الذي يوجد فيه المؤمنون بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، حفاظا على استمرار الحياة الدستورية.. وربما هذا هو المبرر السياسي غير المعلن، الذي يقف حائلا أمام ترشح حمروش.

مقالات ذات صلة