-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وقفات رمضانيّة

لهم في ليالي رمضان مآرب أخرى!

سلطان بركاني
  • 1813
  • 0
لهم في ليالي رمضان مآرب أخرى!

رمضان شهر تُصقل فيه القلوب وتُهذب الأرواح ويُكسر جموح النّفوس نحو أهوائها وشهواتها، ويتعالى فيه العبد المؤمن عن مطالب الجسد الأرضية، ليسمو بروحه نحو السّماوات العلى يرجو العفو والمغفرة ورضوان المولى، لأنّه ما دام يترك الحلال الطيّب في نهار رمضان تقربا إلى الله، فالأولى في حقّه أن يترك الحرام ويحذر ما يسخط مولاه.

هذا هو المفترض في حال كلّ عبد مسلم، لكنّ بعض شبابنا– هدانا الله وإياهم- لسان حالهم يدلّ على أنّهم لا يرعون لرمضان حرمة ولا قدرا، فهم في النّهار بين الأموات وفي اللّيل يلهثون خلف الشّهوات، ولعلّ مردّ ذلك إلى حرصهم على صحّة ظاهر الصيام وعدم اهتمامهم بالثّواب والقبول، المهمّ بالنّسبة إليهم أن يؤدّوا الواجب ولا يقعوا في نهار رمضان فيما يوجب عليهم القضاء والكفّارة، لذلك تراهم يقضون ساعاته نائمين، حتى لا يقعوا في المخالفات التي تفسد الصيام بزعمهم، أمّا اللّيل فلهم فيه مآرب أخرى، حيث ينطلق بعضهم نحو الشّهوات انطلاق المحبوس الذي أطلق من سجنه، لينتقم من ساعات الحرمان!

شباب ينزلون بعد الإفطار كلّ ليلة إلى الأسواق لترصّد النّساء المتسوّقات.. بل إنّ بعضهم– هدانا الله وإياهم- يخرجون بعد الإفطار مباشرة ليجلسوا على قارعات الطرق والشوارع المؤدية إلى المساجد، للنّظر إلى النّساء اللاتي يقصدن بيوت الله لصلاة التّراويح! وبإزائهم فتيات مستهترات، يتعلّلن بصلاة التراويح ليخرجن متعطّرات وشبه متبرجات، يتمايلن في مشيتهنّ ويرفعن أصواتهنّ بالضّحك، غير مباليات بدين أو خلق، بل إنّ بعض الغافلات منهنّ يتعلّلن بصلاة التّراويح للقاء الخلان والأخدان!.. هذا الصّنف من فتيات المسلمين لا يزال قليلا، لكنّه ربّما يكثر مع توالي السّنوات، ومع إصرار بعض الآباء على إلقاء الحبل على الغارب لبناتهم بدعوى التفتّح حينا وبدعوى مسايرة الواقع حينا آخر.

شباب آخرون ينطلقون بعد الإفطار مباشرة إلى مقاهي الإنترنت التي تفتح أبوابها مع الدّقائق الأولى التي تلي الإفطار لتستقبل الوافدين الذين يسهرون بين جدرانها وأمام شاشاتها التي وضعت بينها الحواجز لتوفّر لمدمني الشّهوات الجوّ المناسب ليُبحروا في عوالم الإباحية والرّذيلة، في الوقت الذي يصفّ الشّباب الصّالحون أقدامهم في بيوت الله يرجون مضاعفة الثّواب وعتق الرّقاب.. إنّه الحرمان الذي ما بعده حرمان حين يستثمر أصحاب هذه المقاهي في نزوع الشّباب إلى الشّهوات ويصرّوا على إشاعة الفواحش في شهر التّوبة والرّحمات، وحين ينحدر بعض شبابنا إلى هذا الدّرك الذي تسوّل لهم فيه نفوسهم مبارزة الله بالمعصية في ساعات ينادي فيها المنادي “يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشرّ أقصر”.

فيا شبابنا.. اتّقوا الله في أنفسكم.. فُتّحت لكم أبواب الجنّة في أوّل ليلة من رمضان، ودعاكم المنادي لتتوبوا إلى الحنّان المنّان، وناداكم ربّكم ليتوب عليكم ويغفر لكم ويرحمكم.. وأنتم لا تزالون على العهد سائرين وعلى غفلتكم مصرّين.. اتّقوا الله واحذروا نقمته وسخطه، فربّما يطّلع على الواحد منكم وهو يعصيه في ليلة من ليالي رمضان الفاضلة، فيكتبه في سجلّ الأشقياء ويحول بينه وبين قلبه، فلا يرعوي ولا يتوب حتى يلقى خالقه على حاله وسوء فعاله، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!