الرأي

لولا اثنتان

ح.م

لقد نجح الغرب في مخططه الفاسد الذي يقضي بتحطيم القيم والأخلاق الإسلامية التي تعصم المجتمع المسلم من الانحلال والتردي الأخلاقي والمعنوي، وقد سهل بعد تحطيم تلك الأخلاق والقيم أن يسيطر على المسلمين، وأن يسخرهم لتحقيق أهدافه المادية والمعنوية.
وأخطر ما خطط له الغرب لضرب المجتمع المسلم هو عنصر المرأة، حتى حقق فيه مالم يكن يحلم به، وصارت أكثر “المسلمات” يفعلن في أنفسهم ما تجاوز ذلك المخطط نفسه.
ولولا كلمات هنا، وحجابات هناك في طول العالم الإسلامي وعرضه لاستيقن المتجول في البلدان “المسلمة” أنه في مجتمع غربي.
ولكن بعض المسلمات عضضن على الإسلام، وقبضن على قيمه وأخلاقه، وتمسكن بها رغم الضغوط الهائلة، والحرب النفسية الشرسة، ما يصرفهن عن ذلك صارف من ترغيب أو ترهيب.. من ذلك ما قصه الأستاذ أحمد بن عبد الرحمان الصويان في كتابه المسمى: “في البناء الدعوي”.
ذكر الأستاذ أنه كان في صحبة فريق طبي في بنغلاديش لمعالجة أكبر عدد ممكن من مرضى العيون.
تقدم زوج مع زوجه التي كانت شديدة الارتباك من الطبيب المعالج، فلما اقترب منها الطبيب أوجست خيفة، وأخذت تبكي.
فاستغرب الطبيب من خوفها وبكائها وهو لمّا يمسسها بعد، ظنا منه أن بكاءها من ألم المرض، فسأل زوجها إن كان بها ألم”؟
فأجاب الزوج وهو يغالب دموعه بأن حليلته لا تبكي من ألم يؤذيها، ولكنها تبكي لأنها تكشف وجهها لرجل أجنبي عنها، لا يحل له في فهمها أن يراها من دون نقاب، وكثيرا ما لامتني كيف أرضى أن تكشف عن وجهها لأجنبي عنها.. وقد قبلت على مضض أن تأتي للفحص بعدما أكدت لها أنها في حكم الاضطرار، وأن ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة يراعيان الضرورة فيبيحان المحظورة، مصداقا لقول اللطيف الرحيم: “فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه”، وقوله- سبحانه وتعالى-: “إلا ما اضطررتم إليه”.
وبعدما أجريت لها العملية الجراحية، ومنّ الله عليها بالشفاء، قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي وهما: قراءة القرآن الكريم، وخدمة زوجي وأولادي”.
بقدر إعجابنا بهذه المرأة وعفافها، فإن اللوم بل الإثم يبوء به أكثر “علماء” المسلمين الذين حرّموا على المرأة أن تؤدي واجبها في طلب العلم، ولكان لدينا طبيبات مسلمات ولو غير ملتزمات، والإرب أن بعض فقهاء الأحكام وليس الحكم لو استفتوا إلى من تؤخذ المرأة المريضة لكان جوابهم إلى طبيبة مسلمة، فإن لم تكن فامرأة طبيبة ولو غير مسلمة، فإن لم تكن فطبيب مسلم ملتزم، فإن لم يكن فطبيب ولو كان غير مسلم.
فلنفهم ديننا فهما صحيحا، ولنعلم أن الله- عز وجل- يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر.

مقالات ذات صلة