الجزائر
مصطافون تائهون بين مجانية الشواطئ ونار الفنادق

ليلة في فندق جزائري تعادل أسبوعا في تونس!

وهيبة سليماني
  • 12620
  • 25
ح.م

يتوافد مع بداية موسم الصيف على شواطئ الولايات الساحلية، المصطافون من كل حدب وصوب.. مغتربون وأجانب وجزائريون من المدن الداخلية والصحراوية، حيث يصبح البحث عن المبيت في الفنادق ضرورة ملحة لقضاء ولو ليلة واحدة.. بين حتمية إيجاد غرفة للنوم فقط والرغبة في الاستماتع بخدمات هذه الفنادق وما توفره من راحة واستجمام، تبقى أسعارها الخيالية هاجسا يحول دون قضاء عطلة صيفية في أحضان الوطن!..
أكثر من 33 ألف دج، سعر غرفة بأبسط الخدمات في فندق جزائري مصنف بـ 5 نجوم، ويصل سعرها في فندق بثلاثة نجوم، إلى 14 ألف دج.. أما إذا أردت أن تضع رأسك على الوسادة فقط بين أربعة جدران لغرفة غير مكيفة وتتوفر على سرير فقط، فعليك أن تدفع 4 آلاف دج في فندق يقع وسط مدينة ساحلية وفي حي شعبي… سعر غرفة لليلة واحدة بأكثر من 30 ألف دج يضاهي قضاء أسبوع أو أكثر في تونس وفي فنادق لائقة تتوفر على جميع الخدمات!.

“مراقد” بـ 8 آلاف دينار لليلة وشباب يختارون المبيت في العراء

وحسب استطلاع قامت به “الشروق”، عبر فنادق قريبة من الشواطئ في كل من الجزائر العاصمة وتيبازة، فإن المصطافين الذين يرغبون في حجز غرف، يصطدمون بأسعار خيالية، زيادة على عدم توفر هذه الغرف في الكثير من الأحيان، حيث يكون الحجز شهرا أو نصف شهر من قبل، وهو ما أكده لنا أحد الموظفين في فندق الشاطئ الأزرق غرب العاصمة، مؤكدا أن سعر الغرفة العادية التي تتوفر فقط على حمام وتلفاز، يصل مع بداية موسم الاصطياف إلى 8 آلاف دج، وهو أقل سعر في هذا الفندق مقارنة بأسعار الغرف الأخرى التي تتسع لشخصين أو أكثر، التي تتوفر على خدمات إضافية، التي يتجاوز سعر ليلة فيها 30 ألف دج.
في فندق 4 نجوم سفير مزفران بزرالدة، ليلة في أبسط غرفة تتجاوز 10 آلاف دج، وفي فنادق ببرج الكيفان ودواودة، لا يقل سعر ليلة واحدة عن 8 آلاف دج، وهي كلها أسعار ليست في متناول الجزائري البسيط.
واشتكى بعض المصطافين الذين تحدثنا معهم في كل من شاطئ النخيل ومخلوفي بزرالدة، من الخدمات السيئة والنقائص التي تتميز بها الفنادق القريبة من البحر، زيادة على أسعارها التي لا تتناسب مع ما تقدمه لزبائنها، علاوة عن حالة الفوضى والإزعاج، حيث قال أحد المصطافين إن مجانية الشواطئ لا تكفي لتحقيق الراحة واستقطاب السياح، ما دامت تحيط بها ضروريات تستدعي دفع مبالغ خيالية، ليست في متناول حتى المصطاف ميسور الحال.
ودعا مصطافون شباب السلطات المحلية ومصالح الشرطة والدرك الساهرة على سير الشواطئ، إلى توفير الأمن التام حتى يتمكنوا من المبيت في العراء وعلى شاطئ البحر، دون أن يحدث لهم أي مكروه.

الاستمتاع بالشاطئ نهارا والنوم بين الضجيج والصراصير ليلا!

ويختلف الأمر إذا تعلق الأمر بعائلات قدمت من مدن بعيدة، ولا يمكنها أن تبيت في الشواطئ، من بينها نساء ورضع، فتصبح مضطرة إلى البحث عن غرفة في الفنادق القريبة، وعليها أن تقبل بالسعر الخيالي مقابل النوم في راحة وتوفر خدمات ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، أقلها الحمام ودورة المياه.
ويهرب هؤلاء من نار الأسعار، إلى فنادق أشبه بمراقد تقع أغلبها وسط الأحياء الشعبية، وفي الشوارع الأكثر ضجيجا، ففي الجزائر العاصمة يزداد الإقبال على مثل هذه الفنادق مع بداية عطلة الصيف، رغم أنها بنايات تكاد تكون مهددة بالانهيار أحيانا!.

مشردون.. صراصير وأوساخ تزاحم المصطافين في الفنادق

جولة “الشروق” عبر فنادق الجزائر الوسطى، كشفت عن واقع مؤسف جدا يواجهه مصطافون يأتون من مدن داخلية رفقة عائلاتهم بهدف قضاء الصيف في شواطئ البحر القريبة من العاصمة، حيث توفر أسعارا معقولة مقارنة بفنادق أخرى فاخرة، والاضطرار إلى المبيت ليلا، يجد هؤلاء أنفسهم في عذاب ومعاناة قد تقضي على سويعات قضوها مستمتعين بأجواء البحر.
دخلنا أحد الفنادق الواقعة في شارع عبان رمضان، على أننا زبائن نستفسر عن الأسعار، وكان يحيط بباب الفندق مجموعة من المشردين، والباعة الفوضويين، وتعلو الأصوات من هنا وهناك، وبعد أن عرض علينا المكلف بالاستقبال، سعر كل غرفة حسب الخدمة والجهة الواقعة فيها، طلبنا الصعود لرؤية غرفة لشخص واحد، تظاهرنا أننا نرغب في استئجارها.
وهي عرفة تتوفر على سرير واحد ومن دون مكيف، وتلفاز، يتجاوز سعرها 1500دج، عندما دخلنا إليها لفت انتباهنا الفراش الملطخ ببقع بنية، وصراصير تتحرك في كل الاتجاهات تخرج من دورة المياه، التي كانت الروائح الكريهة تتسلل منها إلى الأنف قبل أن تدخل الغرفة.
غرفة أخرى، كل ما تميزت به أنها تطل على الشارع الواسع، حدد سعرها بأكثر من 3 آلاف دج، ووضعيتها كارثية، حيث لا يصلح سريرها للنوم، وحتى الغرف الأخرى التي يتوفر فيها التلفاز والمكيف أفرشتها بالية وطاولتها وكراسيها قديمة، ودورات مياهها تنبعث منها رائحة العفن.
فندقان آخران يقعان في محيط ساحة بور سعيد، تحيط بهما القمامة ويتسلل إليها البعوض والذباب والصراصير، وتحيط بهما الفوضى ويخترق فضاء غرفهما الضجيج، والكلام البذيء، تتراوح أسعار غرفهما ما بين ألفي دج و3800 دج، ولا مكيف ولا تلفاز..

زبدي: فنادق تعتمد أسعارا خيالية ما تستاهلش “نجمة”

مصطفى زبدي

أكد مصطفى زبدي رئيس الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، وجود نقص فادح في الخدمات الفندقية خلال موسم الاصطياف، وقال إن العشرات من الشكاوى تصل الجمعية، حول الوقاية والنظافة، وسوء الخدمات والمعاملة عبر الكثير من الفنادق، خاصة الواقعة في المدن الساحلية الكبرى.
وتأسف زبدي من الوضعية الكارثية التي تعرفها الكثير من الفنادق، زيادة عن نقصها، وارتفاع أسعارها التي لم تعد في متناول الجميع، مضيفا أن على السلطات المعنية وأعوان الرقابة، القيام بدورات تفتيش فجائية ووقوف على سير هذه الفنادق.
ودعا إلى إعادة تصنيف الكثير من الفنادق، خاصة التي باتت أشبه بمراقد، مع العلم حسبه أن التصنيف العالمي لنجوم الفنادق لا ينطبق على عدد كبير من فنادقنا، هذه الأخير حسب زبدي، تصنف نفسها في قائمة الخدمات بأكثر من ثلاثة نجوم في حين أنها لا تصلح أن تدرج حتى ضمن الفنادق بنجمة واحدة.

سنوسي: لهذه الأسباب قاطعت الوكالات السياحية الفنادق الجزائرية

أرجع إلياس سنوسي الناطق باسم نقابة الوكالات السياحية، سبب ارتفاع أسعار الفنادق في الجزائر لارتفاع الطلب على العرض، حيث قال إن الجزائر تشهد قلة في الخدمات الفندقية، والمنتجعات السياحية، وهي لا تكفي لخدمة المصطافين صيفا، في انتظار حسبه، استكمال مشروع 1600 فندق عبر الوطن في طور الإنجاز.
وأكد أن القطاع السياحي الفندقي، ما زال يشكل عائقا أمام المصطافين، والسياح، بسبب عدم توفر ما هو مطلوب ووجود ندرة فاضحة في فترة اسماها بـ”الذروة” وهي المصادفة لعطلة الصيف، حيث يجد الجزائريون وغيرهم من السياح أنفسهم مضطرين للهروب إلى فنادق أشبه بمراقد، وهي ضرورة للنوم فيها ليلا.
وأوضح إلياس سنوسي، أن الوكالات السياحية الجزائرية لا تتعامل مع السوق الداخلية السياحية، ولا تنظم رحلات داخلية، خاصة في الصيف، وهي غير مستعدة في الوقت الراهن إلى توجيه زبائنها إلى الفنادق الداخلية، لأنها تعلم جيدا بوجود إشكالية الفنادق، المنتجعات السياحية، مضيفا أن الانطلاق الحقيقي للوكالات السياحية لتنظيم الرحلات داخل التراب الجزائري وإلى الشواطئ صيفا سيكون بعد انجاز 1600 فندق.

مقالات ذات صلة