-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مات التحالف الرئاسي وعاش الرئيس

عابد شارف
  • 3081
  • 9
مات التحالف الرئاسي وعاش الرئيس

مات التحالف الرئاسي الذي كان يساند الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ توليه السلطة، ولم يترحم على روحه أحد، مما يؤكد أن هذه المساندة كانت شكلية، لا تأثير لها على الرئيس ولا على السلطة.

اكتمل التغيير الشكلي للساحة السياسية إثر سقوط السيد عبد العزبز بلخادم. وفي مرحلة قصيرة، تغيرت قيادات الأحزاب التي كانت تشكل التحالف الرئاسي، والتي رافقت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ أن تولى السلطة قبل أربع عشرة سنة. وقد أعطت هذه الأحزاب كل رؤساء الحكومة، باستثناء السيد أحمد بن بيتور، ومعظم الوزراء الذين تعاقبوا في الحكومات المتتالية لعهد الرئيس بوتفليقة.

وأول من سقط هو السيد أحمد أويحيى، وما أدراك ما أحمد أويحيى. إنه الرجل الذي شغل منصب الوزير الأول ثلاث مرات، كما سبق له وأن شارك في كل الحكومات منذ أكثر من خمس عشرة سنة. وهو كذلك الرجل الذي استولى على حزب الأرندي ليدفعه إلى مساندة الرئيس بوتفليقة، كما قاد الأرندي إلى فوز عظيم في الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 1997 والتي تميزت بأكبر عملية تزوير عرفتها البلاد منذ الاستقلال.

ولما جاء وقت الانسحاب، خرج السيد أويحيى من اللعبة دون أي مشكل. ولعله يعرف القواعد المعمول بها في هذه الأوساط، ولذلك، لم يحاول أن يغير مجرى الأحداث، و”عرف قدره”، واكتفى بالخضوع لرياح لم تكن في صالحه، مما دفع أحد خصومه إلى القول أنه انسحب دون أن أن يدافع عن نفسه، ولم يخض أية معركة، بل أنه استسلم دون أية مقاومة.

أما السيد بلخادم، فإنه ظهر وكأنه يقاوم، ويرفض الخضوع للأمر الواقع. ويقول عضو في اللجنة المركزية أن السيد بلخادم كان في الحقيقة يتلقى رسالتين في نفس الوقت، إحداهما تشير إلى أن السلطة الفعلية تسانده ولا تتمنى تنحيته، وأخرى تدفعه إلى الاستقالة. ولم يفهم ما هي الرسالة الحقيقية، فحاول البقاء وأعطى عن نفسه صورة الرجل الذي لا يستسلم.

لكن هذه الصورة خاطئة، لأن السيد بلخادم يعرف اللعبة جيدا. لقد كان أحد الشهود في عملية الإطاحة بالمرحوم عبد الحميد مهري، كما كان في الصفوف الأمامية لما جاء القرار بإبعاد السيد علي بن فليس من جبهة التحرير، ثم من الساحة السياسية. والسيد بلخادم يعرف جيدا من هم أصحاب القرار الحقيقيين في هذه العمليات، وما قوتهم، وما هو نفوذهم الحقيقي، لأنهم تعامل معهم، وسبق وأن صنعوا منه زعيم حزب، ثم وزيرا أول…

السيد بلخادم يعرف اللعبة جيدا. لقد كان أحد الشهود في عملية الإطاحة بالمرحوم عبد الحميد مهري، كما كان في الصفوف الأمامية لما جاء القرار بإبعاد السيد علي بن فليس من جبهة التحرير، ثم من الساحة السياسية

أما السيد بوڤرة سلطاني، فإنه أعلن عن انسحابه قبل أن تبدأ المعركة. وقد سبق له وأن واجه محاولات لإسقاطه في الماضي، واستطاع أن يتغلب عليها، لأن أصحابها أخطأوا على طول الخط: لقد أرادوا الاستيلاء على الحزب وإبعاد السيد سلطاني، وهم يظنون أن الحزب ملك للسيد سلطاني، لكن الرجل ليس إلا مستأجر ظرفي لا أكثر ولا أقل، يعمل في بيت يملكه آخرون…

وإضافة إلى قادة هذه الأحزاب الأربعة، يجب أن نشير إلى انسحاب السيد سعيد سعدي، مع العلم أن وضع زعيم الأرسيدي يختلف، حيث أن الرجل يعلم الغيب، وهو على اطلاع على ما سيحدث قبل الآخرين، وهو من المؤشرين الأوائل لمخططات السلطة، وإذا قرر مثلا التخلي عن الحزب، فلا بد أن هذا القرار يحمل معاني كثيرة لم يتوصل إليها قادة الأحزاب الأخرى إلا سنة كاملة بعد السيد سعيد سعدي.

ويبقى الآن أن نفهم ما الهدف من هذه التغييرات. ما هي الخطة الجديدة التي تعمل السلطة لتطبيقها، مع العلم أن كل ما يحدث على الساحة السيسية مرتبط بطريقة أو أخرى برئاسيات 2014؟ وفي هذه النقطة، يجب الاعتراف أن غموضا شاملا يسود لحد الآن، حيث لا يستطيع أحد خارج دوائر السلطة الأولى أن يجزم أن الرياح ستكون في هذا الاتجاه أو ذاك. أكثر من ذلك، يمكن تفسير هذه الأحداث بطرق مختلفة، بل متناقضة، وكل التفسيرات واردة.

فهناك مثل اعتقاد أن هذه القرارات تهدف إلى التحضير لإبعاد الرئيس بوتفليقة. والخطة واضحة، حيث أن كل الذين رافقوه منذ وصوله إلى السلطة يجدون أنفسهم خارج اللعبة، ولا بد له أن يستنتج بدوره أنه “طاب جنانو”، حيث عليه الانسحاب مع هذا الجيل الذي رمى المنشفة وابتعد عن الساحة السياسية، حتى يجد خليفة بوتفليقة ساحة سياسية نظيفة يمكن له أن يقول أنه يعمل لتطبيق مشروع جديد.

ولكن من زاوية أخرى، يمكن أن تشير هذه التغييرات إلى اتجاه معاكس تماما، وهذا الأرجح. وإذا أراد الرئيس بوتفليقة أن يترشح لعهدة رابعة، يمكنه أن يقول: لقد قضيت على هؤلاء الناس، وأنا الوحيد الذي يقدر على إقصائهم من اللعبة السياسية. إضافة إلى ذلك، قال رئيس الحكومة أن البلاد تستعد لمراجعة الدستور، مما يعني أنه ينوي البقاء، حيث لا فائدة من تعديل دستور لا يستفيد منه. وإذا أراد تعديل الدستور، لا يمكن لهؤلاء الذين دافعوا على الدستور القديم أن يعودوا اليوم ويكونوا من أنصار الدستور الجديد.

غير أن هذه التحاليل المتناقضة لا تغير ما هو أساسي في القضية: إن انسحاب قادة التحالف الرئاسي لا تغير حقيقة هذه الأحزاب التي ليست إلا تنظيمات يتم تسييرها بالولاء، دون أن يكون لها أي ارتكاز شعبي، كما أن انسحابهم لا يغير طبيعة النظام ولا توازناته الكبرى، وسيخلفهم من يعمل بالولاء مثلهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • نبيل

    وهل رايتم او صدقتم ان فاسدا يكافح فاسدا السال الكبير الذي اود طرحه اين النخبة الحقيقية التي حررت الجزائر من استدمار فاق القرن وربع هل هي فشلت في نسخ نفسها ولماذا وان كان العكس اين هيا هاذا سال موجه لك انت يا شروق ويجب عليك الاجابة عليه يا شروق ارجوك لا تكوني غروب.نبيل الجزا

  • الجرمونـي

    تعقيب على رقـم 4 السيـد زهير مساهلي :
    لا تخـف إن صاحب المقال ما هو إلا حفيظ دراجي أخرى .
    إن التحالف الـرئاسي كان مطلبـا لكي ينجح السيـد الرئيس فـي مهامـه المتمثلـة في ارجاع الجزائـر علـى السـكـة و كما إن الفكـرة لها مدة صلاحيـة، انتهت فعلـى الجزائريين كافـة دون حياد أو تحييـد أو تغييب عليـه الاتحاد و الالتفاف حول شخصيـة جزائريـة أساس تفكيرها جزائري اسلامي عربي.

  • احمد جزائري

    ربيع ناعم الملس اصطنعوه..كما دأبوا اصطناع كل شيء..

    ألم يدّعوا ان الجزائر صنعت ربيعها قبل الربيع العربي..

    قيل و متى كان ذلك؟؟؟

    قالوا : قُبيل العشرية الحمراء بفترة وجيزة..

    نعم ..صدق أو لا تصدق..

  • الناقد

    وكأن هذه الأحزاب أو الشخصيات لها تأثير في القرار.كلا و ألف كلا.
    الحيرة لتي تبدو في الساحة منبعها عدم الإجماع عند أصحاب القرار.
    تماما مثل إقساهم في 2004 بين بن فليس و بوتفليقة و حسمها التوفيق في نهاية للمطاف.

  • بوبكر بن الحاج علي

    إنهم كالثعبان يسلخ جلده من وقت لآخر دون أن يتغيّر منه شيء.

  • زهير مساحلي

    "لكن الرجل ليس إلا مستأجر ظرفي لا أكثر ولا أقل، يعمل في بيت يملكه آخرون...". عيب عليكم، تستغلون هذه المنابر بشكل دكتاتوري، فترفعون هذا و تخفضون ذاك، أنظر ماذا تقول : عشرات الآلاف من المناضلين أغبياء، لا يعلمون أنّ حركتهم ملك لغيرهم، يذهب ممثلوهم لمؤتمر ينتخبون رئيسا بغير إرادتهم ... ما هذا الاستعلاء على الناس و الاتهام لهم من خلال مقالات تكتبها و أنت ترتشف القهوة، اتق الله و كن مسؤولا، لأنك مسؤول يوم الحساب. و الله لم أجد حلاّ كيف نقاوم هذه الدكتاتورية الإعلامية المسترخصة للحرف. إنّه زمن الرويب

  • بدون اسم

    الحقبقة انك لا تعرف شيء ولا نحن نعرف شيء مما يدبر ولكن الحقيقة الماثلة للعيان اننا دولة ضعيفة ومتربص بها وعليهم ان يماروا ويداروا ويتخفو حينا ويظهروا حينا يعلنو شيئ ويخفو اشياء ...ولكن الى متى ...انا بشخصي المتواضع انوط بالمهمة الى الامة الى الشعب ان ينهض ببلده ان يحافظ على هويته ان ينظم نفسه ويقوي اقتصاده لتجد السلطة على من ترتكز ولا اوافق ابدا من يخون السلطة او يعتبرها سبب كل البلاء وان كان تتحمل جزء من ذلك ..وعندما يملك الشعب القوة تكون السلطة خادمة له لامحالة والا تفقد عنصر وجودها وسنتحرر ..

  • salim-setif

    hasbouna allah oua ni3mal ouakil.

  • زلغي محمد

    اكثر الامور سخافة ان تدار امور بحجم مصير امة بهذه البساطة
    يحضرني ان زعماء صنعتهم مواقفهم والتف حولهم من اقتنع بميولاتهم لارساء اساسات ولبنات تخدم نظام ما
    اما عندنا ففسيفساء من افكار متناقظة عجنت والصقت وغلفت ليس في حب او اعجاب او وله لكن هذا الاطراء املاه الاغراء والصق بغراء وكل يلفق وينافق ويصفق وان كان ضد ميولاته فلا عجب ان تلتقي المضادات لترتقي لكن التاريخ يسجل ما انكره الثعالب بعيدا عن الميولات
    لا تنفع الاهات ولا تشفع التصفيقات فخدمة الوطن اولى من الولاء.