-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قدّم له أستاذ الأدب الشعبي عبد الحميد بورايو

ماحي صديق يكشف 3 حكايات رواها للعالم في “مُولى مُولى”..

حسان مرابط
  • 458
  • 0
ماحي صديق يكشف 3 حكايات رواها للعالم في “مُولى مُولى”..
ح.م

بعد جولاته في عديد البلدان وتقديمه حكايات الجزائر الشعبية العريقة للجمهور العربي والأجنبي، عاد ماحي الصديق “مسلم حارس الحكاية” كما يلقب بتأليف كتاب جديد تحت عنوان “مولى ومولى وحكايات أخرى” الصادر عن دار القدس العربي للنشر والتوزيع بوهران.

وقال عبد الحميد بورايو أستاذ التعليم العالي بجامعة الجزائر، والمتخصص في الأدب الشعبي إنّ “لقاءه الأول بماحي صديق كان في ملتقى حول الأدب الشعبي بمدينة سطيف خلال سنة 2018، ولمّا حضر العرض الذي قدمه بدار الثقافة، وجد فيه ما لفت انتباهه وما جعله يختلف عن غيره من الرواة المحترفين المعاصرين، الذين بدأ يبرز نشاطهم في السنوات الأخيرة من خلال العروض التي تقدم بمناسبات شتّى في إطار النشاط الثقافي الذي تنظمه المؤسسات الثقافية الوطنيّة”.

وأضاف بورايو الذي كتب تقديم الكتاب: “كان يحضر في ذهني وأنا أشاهد مثل هذه العروض، حلقات الرواة المحترفين التقليديين الذين كانوا يجوبون أسواق الجزائر والذين كان يُطلَق عليهم تسمية “المدّاحين”، فقد كان من حسن حظّي أن أحضر حلقات بعضهم وأحتك بهم وأحاورهم وأسجّل عنهم، أثناء دراستي الميدانية للقصص الشعبية في بسكرة ووادي سوف، سنة 1976.

وتابع قوله: “لقد وجدت في عرض ماحي الصديق نفس النكهة تقريبا، ما يدل أنه يمثل استمرارا أصيلا لهذا النشاط الموروث، بخصائصه الجماليّة المعهودة، وبقدرته على شد أنفاس المتفرّجين، إلى جانب خصائص الثقافة المعاصرة، والتي تجعل مثل هذه العروض تستجيب للاحتياجات الثقافية والفنية في المجتمع الجزائري المعاصر.

ووفق المتحدث “العروض التي يقدمها هذا الراوي المقتدر والمبدع تمثل بشائر مرحلة جديدة في تطوّر الثقافة الجزائرية الوطنيّة المستندة على الموروث والمستشرفة لآفق إبداعية تتلاءم مع فنون الأداء الحديثة، خاصة وأن ماحي الصديق، يتمتع بإمكانيات هائلة في الإبداع بأوجهه المتعددة؛ الصوتية والحركية والمتعلقة بالمظهر الفيزيقي الخ.. وهي جميعا نابعة من تجربته في الأداء المسرحي، وهو فن معاصر بامتياز، إلى جانب قدراته على استعمال الإمكانيات الجمالية للغة العربيّة الدارجة، المستندة إلى التراث الشعري الموروث والذي وصلنا عبر القرون.

وأوضح بورايو عن العمل أنّ القارئ سيجد في هذا العمل ثلاث روايات لحكايات أبدعها ماحي، سواء كانت موضوعاتها من ابتكاره أو مما حفظه من الموروث، وأنّ ما يلفت النظر في هذه الروايات، هو العبارات النمطية الافتتاحيّة والختاميّة، التي تحمل بصمة صاحبها، وتعلن هويته، وتلعب دورها في نقل القارئ من الواقع إلى الخيال، بالنسبة للافتتاحية، ونقله من الخيال إلى الواقع في العبارات الختاميّة.

تين هنان ورمزية الطير..

وقال: “وقد استطاع ماحي الصديق أن يحافظ على إضفاء القداسة على عالم الخيال، وهي خصيصة متجذّرة في الرواية الاحترافية التقليدية، إذ أن عالم الحكاية يبدو وكأنه عالم ميتافيزيقي ينتقل إليه البشر وهو جَالِبٌ للمتعة ومُطَهِّرٌ من الدنس ومصدر للعبرة والقيم المثاليّة.”.

وذكر المتحدث أنّ الحكاية الأولى تمكنت من نقلنا إلى اللحظة التأسيسيّة في حياة مجتمع التوارق في أقصى الجنوب الجزائري وفي قلب الصحراء الإفريقيّة، وكان حضور الملكة تين هنان، التي كان لها فضل تأسيس الجماعة التارقية، أمّا الحكاية الثانية فتستمر فيها رمزيّة الطير، بنفس الدلالة على المطلق وعلى الغاية التي ينشدها البشر في الخلود والتلاؤم مع الطبيعة. وإذا ما كانت الحكاية السابقة ذات طبيعة أسطورية، تحيل على طبيعة الموروث الشعبي التارقي الأسطوري، فإن الحكاية الثانية تحيل على مرجعية الحكاية الخرافيّة العجيبة المتداولة منذ القديم في مناطق جبال الأطلس التلي بتضاريسها المختلفة، وبثروتها الغابية والحيوانية، وبتراثها الأمازيغي المتمثل في الإطار الخرافي لمادة الحكاية.

النورس و”الحرقة”

وحول الحكاية الثالثة أضاف بورايو: ” فهي بدورها تجعل للطير مكانة رمزية، فيظهر النورس في النهاية كمؤشر تتبدّى من خلاله سيميائية العبرة في الرواية، ليعبّر عن نهاية مأساويّة لعلاقة عرفت تحوّلا من علاقة الأخوة إلى علاقة جفاء، ثم تنتهي بالموت.

وأشار إلى أن بناء القصة يبدو قائما على وصف الطبع البشري، والسلوكات المتناقضة، ما يجعل الصراع الدرامي باهتا، بالمقارنة بالحكايتين السابقتين، غير أن البعد الواقعي في هذه الحكاية يطغى فيبعدها شيئا ما عن مسار كل من الحكاية الشعبية الخرافيّة والحكاية الشعبية الأسطورية. تكمن قيمتها الموضوعاتية في تقديم أحداثها المرتبطة بالبحر، وهي ثيمة نادرة في الأدب الشعبي الجزائري.

ورجح أنّه ربما لديها علاقة بموضوع “الحرقة” الذي شغل المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة.

ووفق بواريو “تظل هذه الحكاية على أي حال محاولة للكشف عن الواقع الاجتماعي ومعاناة الشباب حاول فيها ماحي الصديق أن ينقل فيها الواقع المعيش على حساب الخيال الطاغي في الحكاية الشعبية، وهي محاولة لجعل الحكاية المروية تقترب أكثر من واقع حياة الناس في العصر الحاضر..”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!