الجزائر
طوارئ في العاصمة بعد إثبات التحاليل تعرض عائلات وأحياء بأكملها للإشعاعات

مادة الرصاص تقتل الجزائريين في صمت!

كريمة خلاص
  • 9260
  • 7
ح.م

فجّر مواطنون يقطنون بالقرب من المنطقة الصناعية لبابا علي غرب العاصمة قنبلة صحية بسبب تعرّضهم لنسب عالية من مادة الرصاص، وفق ما أكّدته تحاليل دم قاموا بها مؤخرا تجاوزت المعدلات المحددة علميا بكثير.

واكتشف هؤلاء المواطنون، الذين اتصلوا بالشروق اليومي للتحسيس والتحذير من الوضع، إصاباتهم بشكل مفاجئ خلال قيامهم بتحليل دم روتينية وهو ما استدعى تعميم التحليل على جميع أفراد الأسرة لتتأكد الإصابة لدى عدد من أفراد هذه العائلات.

وذهبت الشكوك في البداية، حسب تصريحات الضحايا، نحو نوعية مياه الحنفية المستهلكة، غير أنه سرعان ما أزيحت هذه الفرضية بعد استنفاد كافة التحاليل، وهو ما جعل الشكوك تحوم مجددا حول تأثر السكان من نشاط صناعي بالمنطقة التي تجاور عدة مصانع أحدها كان محل شكاوى متكررة بلغ بعضها إلى المنظمة الوطنية لحماية المستهلك.

وتساءل هؤلاء الضحايا عن مصير بلاغاتهم لدى معهد باستور منذ شهر جوان 2019، والإجراءات المتخذة في هذا السياق على اعتبار أن المشكل يهدد الصحة العمومية، ويعتبر قضية رأي عام، مشيرين إلى أنهم تواصلوا مع المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك التي تحوز معطيات في هذا الملف.

وعبر هؤلاء المواطنون عن تخوفهم من الآثار الصحية الوخيمة لمادة الرصاص على أنفسهم وعلى أولادهم وما ينتج عنها من تسممات وأمراض تعصف بحياتهم.

زبدي: لدينا أدلة على إصابة عائلات بأكملها بالإشعاعات

ولأجل تقصّي المزيد من الحقائق والوقوف على القضية بشكل أعمق، تواصلت الشروق اليومي مع مصطفى زبدي رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك الذي أكد ان المواطن الذي اطلعنا على القضية لجأ إلى المنظمة بالفعل وهي على دراية بالملف وتتابعه عن قرب.

وأعرب زبدي عن أمله لو أن التعامل مع القضية تم باحترافية اكبر، موضحا أن المنظمة تقوم بمبادرات عدة منذ أشهر بالتواصل مع العديد من القطاعات منها معهد باستور ووزارتي البيئة والصحة.

وأضاف زبدي “موضوع اكتشاف تسمم بالرصاص يخص على الأقل 3 بلديات أمر ثابت ولدينا معطيات وأدلة تبين تسمم عائلات بأكملها من الجد إلى الحفيد”.

وأشار زبدي إلى إجراء تحاليل لأحد العمال بالمصنع المشكوك فيه في مخبر أجنبي أثبتت ان العامل مصاب بتسمم الرصاص وبنسب عالية، حينها عمقنا البحث وتواصلت معنا العديد من العائلات فاكتشفنا على إثرها إصابة بعض أفراد العائلة منذ 3 سنوات.

وأكد زبدي تواصل هيئته مع عدة وزارات لما يتطلبه الملف من تضافر في الجهود منها الصناعة والصحة والبيئة للقيام بتحقيق وبائي ومعرفة مدى انتشار التسمم ونسبته، لكن للأسف، لم يتم القيام بشيء حسب علمنا يقول زبدي.

وتساءل زبدي عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء المسألة وإن كان مصدرها معمل بابا علي الذي أغلق لمدة شهر ليعاد فتحه من جديد، واستعرض في هذا السياق حالة إحدى المريضات التي غادرت مصلحة الإنعاش بأحد مستشفيات العاصمة منذ أيام اثر مضاعفات صحية ناتجة عن تسمم بالرصاص، ليبقى مصدر الإصابة مجهولا بعد إجراء تحاليل لكل مأكولاتها وما يحيط بها ولم يعثر على أثر لمادة الرصاص.

واسترسل زبدي قائلا “المصدر المجهول يشكل خطرا على نسبة كبيرة من السكان لا نعلم عددهم، ومن اكتشفت اصابته منهم يحتاجون إلى علاجات وأدوية غير متوفرة في الجزائر حاليا مثلما هو الحال بالنسبة للسيدة السالفة الذكر”.

تسمّمات مهنية بالرصاص تم اكتشافها أيضا حسب زبدي بمصنع للبطاريات بواد السمار، وهم ينتظرون لحد الساعة العلاج، بمعنى أننا أمام تلوث بيئي يمس جزءا من العاصمة لا نعرف امتداده أو انتشاره.

وتأسف زبدي لعدم تحرك الجهات المعنية التي تم مراسلتها في هذا السياق، منذ أسابيع، موضحا انه كان مقررا الاعلان عنه مع الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “الفورام” التي تتابع الملف ايضا، الا انها تأجلت لتجنب التشويش على الانتخابات.

البروفيسور خياطي: تسرّبات الرّصاص لها آثار مدمرة على الصحة

صرّح البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “فورام” في حديثه مع الشروق، أن تعرّض الشخص لجزيئات الرصاص تكون له آثار مدمرة على الصحة.

وأوضح خياطي أنّ مصادر تسرب الرصاص إلى الإنسان عادة ما يكون من غازات السيارات أو مصانع الدهن والطلاء أو من بعض أنواع الأكل، بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات واعتماد نظام تصفية وفلترة فعال، وهو ما ينجر عنه تعرض الشخص مباشرة أو عن طريق المياه.

وأفاد خياطي أنّ حالات الإصابة بنسب مرتفعة من هذه المادة المدمرة نادرة وقليلة في الجزائر سبق تسجيلها في وقت سابق ببعض أحياء القصبة بسبب تناول الأطفال لقشور الطلاء العالقة بالجدران وهو ما سبب لهم حالات مرضية خطيرة فتكت بصحتهم، ليضاف إليهم الآن ما تم التبليغ عنه من قبل مواطنين بمنطقة بابا علي.

ومن أهم الأعراض التي تحدث عنها المختص هو تضرر العديد من الأعضاء في الجسم ومنها المعدة والكبد والرئة والدماغ والكلى والجهاز العصبي، غير أنّها لا تكون ظاهرة بشكل جلي في البداية وذلك له علاقة بمدى التعرض للمادة ونسبة الكمية التي تسربت للجسم، وكلما امتدت المادة في الجسم كلما زادت التعقيدات الصحية جراء العدوى التي يحدثها من عضو لآخر إلى أن يخرب كافة الأعضاء الحساسة في الجسم وبالتالي يصعب العلاج التام أو الكامل، لأن النظام كله تخرب وتدمر وبالتالي يواجه الشخص الموت المحتم…

مقالات ذات صلة