الرأي

ماذا عن استعادة الأموال؟

رشيد ولد بوسيافة
  • 1337
  • 3
الشروق أونلاين

 الأرقام الفلكية التي نطق بها القاضي أمس وهو يواجه المتهمين في قضية تركيب السيارات من رؤساء حكومات ووزراء وأصحاب مصانع التركيب تكشف أن أموال الشّعب الجزائري كانت مستباحة بشكل غير مسبوق، وأن عمليات النّهب للمال العام كانت تجري بتواطؤ مسؤولين كبار تلاعبوا بالأمانة، وتصرفوا بمقدرات الشّعب الجزائري بطريقة أقل ما يقال عنها مخجلة.

عندما يقول الوزير الأول السابق أحمد أويحيى أن الامتيازات التي مُنحت لمركبي السيارات كانت بموافقة 11 وزيرا وأنها تمت وفق قوانين الجمهورية، فهذا يعني أن فضائح الفساد لم تكن حالات معزولة، وإنما كانت منظومة شاملة أفضت إلى تبديد مقدرات الدولة الجزائرية وتفقير الشعب الجزائري.

إعفاءات ومسح للديون بآلاف الملايير، وفضائح لتبييض الأموال، ومبالغ بالملايير في الحسابات الشخصية للوزراء وابنائهم، وتضخيم للفواتير واستيراد مقنّع للسيارات تحت غطاء تركيبها في الجزائر، ومعاملات تفضيلية لرجال أعمال دون غيرهم، وتخصيص الملايير للحملة الانتخابية لإعادة انتخاب بوتفليقة للعهدة الخامسة، وغيرها من السّلوكيات التي تورط فيها كبار المسؤولين والمستثمرين.

ومهما كانت الحيثيات التي أدت إلى ضياع ملايير الدولارات في زمن العصابة؛ فإنّ السؤال الذي ينبغي طرحه هو كيفية استعادة أموال الشعب الجزائري التي نهبت؟ وما هي الآليات التي يمكن اتباعها لإعادة الأموال المهربة إلى الخارج والتي عرفت طريقها نحو التداول في إطار عمليات تبييض الأموال؟

وإذا لم تنته المحاكمات الجارية إلى استعادة الجزء الأكبر من هذه الأموال، فإنّ الأمر قد يكون أشبه بحالة تنفيس منه إلى محاسبة فعلية للفاسدين وناهبي المال العام، وتضيع بذلك فرصة إعادة التوازنات المالية في ظل الأزمة التي تعصف بالبلاد.

وذلك لا يعني إطلاقا أن الإجراءات المتخذة في حق الفاسدين إلى الآن ليست مهمة، لأن مجرد وقوفهم على منصة الاتهام في جلسات علنية هي خطوة في الاتجاه الصحيح بعد أن كانت المحاكمات تطال صغار الموظفين، بينما يحظى كبار المسؤولين بالحصانة التي تجعلهم لا يقفون في المحاكمات إلا كشهود وهو ما حدث في محاكمة الخليفة في طبعتها الأولى والثانية دون أن تفضي إلى استعادة دينار واحد أو إدانة مسؤول واحد من المسؤولين الكبار!

لقد تسببت العصابة التي حكمت منذ عشرين سنة في ضياع فرصة الإقلاع الاقتصادي، وبددت ما يزيد عن 1500 مليار دولار بطرق أقل ما يقال عنها أنها بدائية من خلال النهب المباشر عبر تضخيم الفواتير والرشاوى ومنح الصفقات بالتراضي وتمكين الأجانب من مشاريع كبرى بأغلفة مالية لا تناسب إطلاقا قيمتها الحقيقية!

مقالات ذات صلة