ماذا لو “حسباناها .. صح”؟
قال خبراء صهاينة، بأن الدولة العبرية، لو تستفيد من عائدات حقول نفط، يشاع بأن صحراء فلسطين تكتنزها، فبإمكانها أن تربح قرابة مليار دولار سنويا، تضخها لاقتصادها، لا يهمنا توقعات الصهاينة، ولكن دعونا نضع خطا تحت جملة تربح مليار دولار، وقال خبراء جزائريون بأن بلادنا قد خسرت عشرين مليار دولار، بعد تدهور أسعار النفط في النصف الأول من السنة الجارية.
ولا يهمنا هول الرقم الضائع، ولكن دعونا نضع خطا تحت جملة خسرت عشرين مليار دولار، ونعود لنسأل ما هي الخسارة والربح في عالم الاقتصاد؟ أكيد أن الخبراء الجزائريين تحدثوا عن الخسارة مقارنة بالأرقام التي كانت تجنيها الجزائر في قمة أسعار النفط، ووصف الصهاينة الربح مقارنة بالوضع السابق لكيان لم يستفد في تاريخ إجرامه أبدا من دولار أو قطرة واحدة من الذهب الأسود.
ولكن من منطق آخر نتساءل لماذا لم تتحدث الجزائر عما ربحته من ملايير الدولارات لعدة سنوات، عندما لامس سعر النفط رقم مائتي دولار، بل لماذا لا تعتبر كل قطرة نفط، وكل دولار، ربحا، مادام منّة من الله لا تنعم بها الكثير من بلدان العالم، حتى ولو بلغ سعر النفط عشرة دولارات وبقي من الاحتياطي حقل واحد.
البكائية التي صارت تعزفها السلطة وهي تضرب “أخماسا في أسداس“، استنادا إلى أسعار سلة بترول لا سلطان لها فيها، وترى نفسها تسير إلى الانهيار، وكانت منذ بضعة شهور تعدّ لنا إنجازاتها الكبيرة من نبع ذات الأسعار، هي أسطوانة مملة من 33 دورة، من المفروض أن الزمن تجاوزها، فقد قيل دائما بأنه من العار أن نبني أفراحنا من سعر نفط مرتفع وليس من تصدير قمح ومزروعات ونسيج وسيارات وسياحة، وسيكون من العار أيضا أن نرسم حزننا بسعر نفط منخفض، كما هو حاصل حاليا حتى تخال الدولة كلها في حداد، وتخال الشعب ينتظر البركان.
في عالم التجارة وهي جزء من الاقتصاد ومن الحياة، يبقى ممارسها معرض للخسارة وللربح، نظير جهد يبذله، وفي نهاية عمله لمدة زمنية معينة يتحدث عن الخسارة أو عن الربح، بينما تغيث السماء نفطا وملايير الدولارات على السلطة، ومع ذلك يصفون ما نجنيه من دون جهد بالخسارة وحتى الكارثة على حد تعبير أحد الوزراء الحاليين في حكومة السيد عبد المالك سلال، الذي وصف ما تجنيه الجزائر من أسعار النفط الحالية بالكارثة الكبيرة، مما يعني أن الحكومات المتعاقبة على الجزائر لا تفكر أبدا في أن تربح الجزائر أو تخسر من بذلها لأي جهد في أي قطاع، وإنما في عدّ الأموال التي تأتي من بيع النفط، فإن تجاوزت فواتير الإنفاق اعتبرتها نتاج للسياسة “الرشيدة” وإن هوت إلى الأسفل اعتبرتها خسارة.
هناك بلاد كثيرة لا تمتلك قطرة بترول على أرضها، ولا يدخل خزينتها دولار واحد من الموارد الأولية، لأجل ذلك حان الوقت بأن نعتبر كل دولار يدخل الخزينة من النفط هو ربح مؤكد مهما كان ثمنه، أما الخسارة الحقيقية فهي ما نحققه حاليا في الزراعة والصناعة و.. وفي كل القطاعات.