الرأي

ماذا يحدث بين وزير الصحة ومعاونيه؟! 

قادة بن عمار
  • 6318
  • 5
أرشيف

آخر ما يمكن توقعه الآن هو نشوء خلاف بين وزير الصحة وأعضاء اللجنة العلمية لمتابعة وباء كورونا في الجزائر من جهة، أو بين الوزير ومدير وكالة الأمن الصحي المعيّن حديثا من جهة ثانية.

نقول هذا الكلام بعد ما خرج إلى العلن، ما يبدو أنه سوء تفاهم أو خلاف، بخصوص تاريخ استلام اللقاح وبداية توزيعه على الجزائريين، إذ قال عضو اللجنة العلمية، الدكتور بقاط بركاني أولا، إن تاريخ بداية العملية هو شهر جانفي المقبل، لكن الوزير عبد الرحمن بن بوزيد نفى الخبر جملة وتفصيلا، بل اعتبره مجرّد إشاعة، مضيفا إن العملية برمتها تحتاج إلى فترة زمنية لا تقلُّ عن ستة أشهر!

وحتى عقب هذا التصريح ونفيه، كان يمكننا اعتبار ما حدث، مجرد سوء تفاهم أو نقص تنسيق بين الوزارة واللجنة، لكن دخول مدير وكالة الأمن الصحي البروفيسور كمال صنهاجي على الخط ونفيه كلام الوزير، أثار الشكوك وزرع المخاوف، إذ لم ينتظر طويلا ونسف تصريح بن بوزيد، قائلا إن اللقاح سيكون جاهزا في الجزائر خلال شهر، وأنه لن يكون إجباريا، فظهر وكأنه يردُّ على الوزير ويؤيِّد رأي اللجنة العلمية!

فهل انتقل الخلاف من سوء تفاهم بسيطٍ ذي طابع علمي إلى صراع حول الصلاحيات والمناصب؟! ثم من نصدّق في مثل هذه الحالة: الوزير، أم مدير وكالة الأمن الصحي، أم الوزير المنتدب للمواد الصيدلانية، أم اللجنة العلمية؟ وهل الخلاف بين هؤلاء له علاقة بأشياء أخرى لا نعلمها؟

الواقع أنه لو كان الأمر يتعلق برأي علمي في ظرف عادي لاعتبرنا ما وقع مجرّد تناقض في وجهات النظر أو ربما كررنا المقولة الشهيرة “الخلاف لا يُفسد للود قضية”، لكن ومع ما نعيشه من ظروف استثنائية، ومن حالات قلق وإحباط واكتئاب جماعي، نتيجة الإصابات الكثيرة والوفيات المتزايدة، فإنَّ هذا الخلاف أو ما يترتب عنه، لا يمكن التعامل معه سوى باعتباره خطرا حقيقيا يهدِّد صحة الجزائريين وحياتهم!

صحيحٌ أن ما وقع عندنا، لا يشبه في خطورته ما وقع في بلدان أخرى كثيرة، مثلما حصل للطبيب ديدي راوول في فرنسا، إذ تعرَّض لحملة تشنيع وتشويه وتضليل، أو ما حدث بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير الأطباء هناك أنطوني فاوتشي، لكن ما نريده في الجزائر، هو تفادي مثل هذه الخلافات أصلا، وأن تكون الأمور أكثر تنسيقا ووضوحا وتركيزا، لأن الوضع لا يحتمل المزيد من الانزلاقات والتأويلات.

وعليه، يكفي أن يحدّد كل طرف صلاحياته، وأن يجلس وزير الصحة مع معاونيه ليتفقوا جميعا على أنّ أي تصريح رسمي أو جانبي في المرحلة الحالية، يعدُّ مسؤولية كبيرة يجب احترامها، وأمرا خطيرا يجب التدقيق فيه، كما لا يجوز لأي طرف الاستثمار في أي خلاف مهما كان خطيرا، من أجل نقله إلى منطقة أخرى لا علاقة لها بصحة الجزائريين أو بمصلحتهم العامة، مثل التنابز بالألقاب الرسمية أو الصراع حول الصلاحيات أو حتى التفكير بالبقاء في الكراسي من عدمه.

مقالات ذات صلة