رياضة
عالم كرة القدم احتفل بعيد ميلاده الستين

مارادونا واجه صغار الخضر والحكم بلعيد لاكارن

الشروق الرياضي
  • 1189
  • 3
ح.م

لا يمكن لعالم كرة القدم أن ينسى ظاهرة قد لا تتكرر، وهو اللاعب الأرجنتيني دييغو مارادونا الذي بلغ الجمعة الستين من العمر، وهو لاعب خارق للعادة كان يصنع لوحده ربيع فريق نابولي والمنتخب الوطني الأرجنتيني من دون أن يكون إلى جانبه أي نجم آخر ولو من العيار المتوسط.

إذا كان بيليه قد صنع عظمة البرازيل في زمنها الذهبي بثلاثة تتويجات مونديالية، فإنه عاصر في البرازيل لاعبين كبار وهم أيضا أساطير ومن بينهم طوسطاو وجيارزينو وريفيلينو، فحتى في مونديال شيلي سنة 1962 عندما أصيب، أكمل رفاقه المهمة وحصلوا على الكأس من دون تعب كبير في نهائي تغلبوا فيه على تشيكوسلوفاكيا بالأداء والنتيجة، ما يعني بأن البرازيل كانت قوية حتى من دون بيلي، وإذا كان ميسي قد صنع عظمة برشلونة في زمنها الذهبي بألقاب رابطة أبطال أوربا والعالم للأندية، فقد عاصر أيضا لاعبين من طينة إنييستا وبويول وتشافي، بدليل أنه يشتكي حاليا من غيابهم وخسارته بثمانية أهداف أمام بيارن ميونيخ ليست سوى دليل على أن ميسي برغم إمكانياته، لا يمكنه لوحده أن يصنع الحدث الكبير.

لكن مارادونا يختلف عن الجميع فقد حل على نابولي قادما من برشلونة التي تعرض فيها لإصابة كادت تنهي مشواره الكروي، ولم تكن نابولي تزخر بأي لاعب متوسط ولم تكن تشكل أي شيء في الكرة الإيطالية، وباشر نحت المستحيل بقدمه اليسرى حتى تغلبت نابولي على كبار البلاد مثل الإنتير الذي كان يضم رومينيغي وجوفنتوس الذي كان يضم بلاتيني وبونياك والميلان وغيرهم، عندما كان أشهر لاعبي العالم ينشطون في إيطاليا مثل سقراطس وشيفو وزيكو، ولا يكاد العالم يذكر سوى لاعبين عاديين في نابولي كانوا إلى جانب مارادونو مثل كاريكا وأليماو، ومع ذلك قاد الفريق للتربع على عرش إيطاليا وفاز مع الفريق أيضا بكأس الاتحاد الأوربي فكان اللقب الأول والأخير للنادي، وعندما غادر مارادونا نابولي منذ ثلاثين سنة انتهت التتويجات المحلية نهائيا من تاريخ نادي الجنوب، الذي قام في السنوات الأخيرة بانتدابات كبيرة فلعب له كافاني وهيغوايين وإينسيني، ولكن نتائجه بقيت دون ما حققه الداهية مارادونا.

لم يكن الأمر كذلك في نابولي فقط، بل كان أيضا مع منتخب الأرجنتين الذي افتقر في ثمانينيات القرن الماضي للنجوم، وواجه عمالقة العالم وخاصة البرازيل، فكان في أول مونديال سنة 1982 سنفونية حقيقية قبل أن يسقط أمام البرازيل العملاق، وفي 1990 قاد منتخب بلاده المتواضع إلى النهائي وخسر بهدف من ركلة جزاء أمام ألمانيا بعد أن أقصى إيطاليا على أرضها والبرازيل، أما في سنة 1986 في المكسيك فقد كان الأقوى، وفاز لوحده بالمونديال وسط لاعبين أرجنتينيين ما كانوا ليشتهروا لولا وجود مارادنا، مثل فالدانو وبوريتشاغا، في مونديال ضمت فيه فرنسا بلاتيني وجيراس، وألمانيا، رمينيغي وشوماخر، والبرازيل ضمت سقراطس وزيكو وفالكاو وحتى الجزائر كانت تزخر ببلومي وماجر والمغرب بالتيمومي وعزيز بودربالة.

والعارفون بلعبة كرة القدم مازالوا لحد الآن مقتنعون بأن ألمانيا فازت بالمونديال والبرازيل وفرنسا وإسبانيا، لكن الأرجنتين في سنة 1986 لم تفز، أبدا، وإنما مارادونا هو الذي فاز ولوحده، وبأن الإنتير والميلان وجوفنتوس فازوا بالألقاب في إيطاليا ولكن نابولي لم يفز أبدا، وإنما مارادونا هو من فاز ولوحده.

زار مارادونا الجزائر مرة واحدة، ولكن ليس كلاعب وإنما في إطلالة تجارية، وعندما لعب لبرشلونة في إسبانيا ولنابولي في إيطاليا، لم تكن هذه الدوريات الكبرى تضم أي لاعب جزائري، ولكن في مونديال الأواسط في اليابان في صائفة 1979 عندما كان في التاسعة عشرة من عمره واجه منتخب بلاده بقيادته، منتخب الجزائر الذي وصل إلى الربع النهائي، وتمكن مارادونا من خطف الأنظار وقاد فريقه للفوز على الخضر بخماسية كاملة، ومازال الجيل الذي واجه مارادونا من صبار وشعيب وبلعقون ورحماني يذكرون ألعاب ذلك الساحر، وهي بالتأكيد دون ألعابه عندما تحوّل بعد ذلك إلى ظاهرة كروية غريبة، وحتى في مونديال 1982، عندما كانت الأنظار متجهة نحوه، خسر منتخب الأرجنتين وكان حاملا للقب كأس العالم، المباراة الافتتاحية أمام بلجيكا، وفي المباراة الثانية من أجل التعويض أمام المجر، أدار المباراة الحكم الجزائري بلعيد لاكارن، وسجل مارادونا هدفين وقاد الأرجنتين للفوز برباعية مقابل واحد أمام أنظار الحكم الشهير بلعيد لاكارن.

لحسن الحظ يمتلك العالم أرشيفا من ألعاب الساحر مارادونا، كلما اشتاقوا للعب الجميل ولّوا وجوههم نحو دييغو أرماندو مارادونا.
ب.ع

مقالات ذات صلة