-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما بعد “ملحمة” خيخون

ما بعد “ملحمة” خيخون

بعد أيام قليلة، يحلّ السادس عشر من شهر جوان، وهو تاريخ، مازال بعض محبي لعبة كرة القدم في الجزائر يحتفلون به على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه يصادف الذكرى الواحدة والأربعين لفوز المنتخب الجزائري على ألمانيا الاتحادية، في أولى مباريات كأس العالم في مدينة خيخون بإسبانيا سنة 1982. ونتذكر أن الصحف الجزائرية الرسمية، كتبت حينها..

ولم يكن قد مرّ عشرون سنة عن استقلال الجزائر: “قهرنا ألمانيا، ألمانيا تركع”، وأجمع الكل، في ذلك الوقت وبعده، على تسمية تلك المواجهة الكروية العادية “الملحمة“، والتي صار لها بعد ذلك أخواتٌ وبنات عمّ، ومنها “ملحمة أم درمان”.

تذكرنا هذه “الملحمة”، التي لا تُنسى أصلا حتى نتذكّرها، ونحن نتابع الجولة الأخيرة من الدوري الألماني لكرة القدم، إذ كان الصراع من أجل التتويج باللقب، بين بيارن ميونيخ المتخلف بنقطتين عن الرائد بوريسيا دورتموند، فواجه الأول فريق كولن خارج الديار، واستقبل الثاني فريق ماينز داخل الديار، وفريقا كولن وماينز لا ناقة لهما ولا جمل في معركة اللقب، ولن يسقط أيّ منهما لو خسر، ولن يحقق أي تأهل أوربي لو فاز، ولكنهما تسلّحا ككل الفرق الأوروبية بالاحترافية الممزوجة بالأخلاق والروح الرياضية، فعجز بوريسيا دورتموند أمام ثمانين ألف متفرج من أنصاره عن الفوز، ولم يحقق بيارن ميونيخ الفوز سوى في الثواني الأخيرة من مباراته خارج الديار، وإذا كانت الصور الأخيرة القادمة من ألمانيا، قد بيّنت تصافح لاعبي بوريسيا دورتموند المجروحين بتضييع جهد سنة كاملة، مع من حرموهم من لقب انتظروه عشر سنوات، وبين المدربين، فإن الصورة الجميلة، كانت لأنصار دورتموند وهم يرحِّبون بمن طعنوا فرحتهم، ويشجِّعون لاعبيهم المجتهدين من دون انتصار، ليؤكدوا بأن كرة القدم هي مجرد لعبة وتواصل إنساني بين الناس، وليس بيعا وشراءً على حساب الأخلاق، كما حدث في المباريات الأخيرة من دوري الهواة الثاني في الجزائر، التي كانت مثار شُبهات عديدة.

يقولون إن خسارة معركة لا تعني خسارة حرب، والفوز بمعركة أيضا لا يعني التمكّن من الحرب، والأمر لا يعني حروب السلاح فقط، وإنما كل حروب الحياة، بما فيها الرياضية، فلا معنى لفوز بكأس العالم ونحن لا نمتلك منظومة رياضية أخلاقية سويّة، ولا معنى لجمع الألقاب والكؤوس في خزانة مليئة بالذهبيات والفضيات والنحاسيات، وروح الرياضة والتنافس غائبة.

لسوء الحظ ولحسنه أيضا، أن لعبة كرة القدم في الجزائر جزءٌ مهم من يومياتنا، وإذا كان الفساد الذي عشّش فيها من المناصرين إلى إدارة الأندية، قد انتقل إلى مجالات أخرى أكثر أهمية، فبالإمكان قلب الطاولة على الفاسدين، وجعلها نموذجا يُستنسخ في مجالات أخرى، حتى تصبح “ملحمة” خيخون فعلا ملحمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!