-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما دلالات قيمة الوَحدة في خطاب “بايدن”؟

ما دلالات قيمة الوَحدة في خطاب “بايدن”؟
ح.م
جو بايدن

كانت الكلمة الأكثر تكرارا في خطاب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” أثناء أداء اليمين الدستورية في أول يوم من حكمه هي الوَحدة بامتياز. صاغها بشكل مباشر أو تَحدَّث عن معناها وأهمِّيتها، بمعدل مرتين في كل دقيقة على أقل تقدير. بما يدل على أنها أصبحت مسألة حيوية لدى أقوى دولة في العالم.

لقد تحدث عن العمل معا، وعن نبذ الشقاق، وعن ضم كافة القوى، والحركة سويا، والتكاتف، والنهضة المشتركة، والشعور بالآخر، والأمة الواحدة… ورَبط كل ذلك بالأمل في المستقبل، ومساعدة بعض الأمريكيين لبعضهم الآخر، وحبّ بعضهم لبعض، مستدلا تارة بالكتاب المقدس وأخرى بأحداث من التاريخ الأمريكي وثالثة بمواقفَ لساسة أمريكيين.

لم يتحدث عن نقاط قوة أمريكا، بل عن نقاط ضعفها. ولم يعتبر أن الحل يكمن في تجنيد الموارد وتوفير الميزانيات، بل اعتبره في مسألة معنوية لا علاقة لها بالإمكانات ولا القدرات المالية والعسكرية تتعلق بجانب روحي في المجتمع أساسه ضرورة الرفع من قيمة الوحدة والتآزر زمن المحنة.

هل بلغت أمريكا، حالة من الانقسام الداخلي أصبح يُهدِّد وجودها ذاته؟ أم أنَّ القادة الأمريكيين الجدد عادوا مرة أخرى إلى البحث عن القوة في غير المال والقدرات العسكرية والهيمنة على العالم أي البحث عن القوة في القيم؟

علينا أن نتوقف مَليًّا أمام هذا التحول الحاصل في هذا البلد الذي صنع ومازال في حدود كثيرة يصنع العالم، ونستخلص العبرة من كافة تطوراته.

ولعل العبرة الأساسية التي علينا استخلاصها من خطاب الوحدة الأمريكي هذا، أنَّ أساس بقاء الدول ليست القوة المادية ولا القدرة العسكرية ولا الهيمنة العالمية إنما طبيعة القيم التي تَحكُم المجتمعات وأساسها العدل والانصاف المؤديين إلى الوَحدة.

حتى الديمقراطية كقيمة جماعية عليا، والحرية كقيمة فردية عليا لم تجديا نفعا… عكس ذلك، لقد أنتجتا الطبقات المهضومة، وعَمَّقتا الكراهية بين أفراد المجتمع، وزادتا من التطرُّف السياسي، والإرهاب المحلي، وتفوُّق العنصر الأبيض، وثقافة التلاعب والتضليل، والرعاع الذين يهاجمون الكابيتول، والعنف، على حد تعبير الرئيس الأمريكي الجديد نفسه…

لذلك كانت العودة لخطاب القيم وتحفيز الشعور بالآخر، وإلغاء التمييز، والمرافعة عن أهمية “وحدة الأمة”…

أليس في ذلك ما يجعلنا نعتبر اليوم ونحن نعيش تجاذبات وصراعات بَينية عدة، فضلا عن الحالة الاقتصادية التي تمر بها بلادنا والاضطرابات الأمنية المحيطة بنا؟

يبدو لي أنه إذا كانت القِوى الكبرى بما لديها من إمكانات مادية وقدرات عسكرية ومؤسسات قائمة، تأكد لها اليوم أن أساس القوة هو في قيم المجتمع بما في ذلك العدل والانصاف بين أفراده وطبقاته المؤديين إلى الوَحدة، فما بالك نحن بما نعرف من هشاشة وضعف؟

أليس من أبسط شروط الاستفادة من تجارب الآخرين أن نسعى لإعادة الاعتبار إلى قيمتي العدل والوحدة بيننا ونحن بالأساس أبناء حضارة القيم السامية. أليست قيمة العدل في ثقافتنا هي أساس المُلك، وقيمة الوَحدة هي أساس القوة؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • محمد

    الوحدة التي يتكلم عنها بايدن هي ذوبان الأكثرية الأمريكية في الأقلية الصهيو'نية التي تحكمها من خلف الستار.

  • ابا دجانة

    بايدن يقصد بالوحدة وحدة دول الخليج العربي ومصر والاردن ولبنان والعراق والسودان ودول شمال افريقيا جميعها - يقصد الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني المحتل لارض العرب والمسلمين فلسطين وقدسها العربي الشريف خاصة - مع امريكا من اجل عالم افضل .
    نعم انه يدعو شعوب العرب وعلماء الدين كلهم والحكام العرب الي الانضمام الي امريكا سياسيا وعسكريا وامنيا واقتصاديا ووجدانيا من اجل مصلحة العالم ومستقبل اجمل