الرأي

ما فائدة عودة الأدمغة؟!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1149
  • 6

فيما تكشف الصّحافة يوميا فضائح الفساد والنهب للمال العام من قبل مسؤولين ووزراء، وفيما يسودُ التّشاؤم حول وضع البلاد بسبب الوضعية الاقتصادية المعقّدة التي تسبّب فيها الفاسدون من بارونات الاستيراد ورجال أعمال جمعوا ثروات طائلة بالمضاربة والاحتكار، يلوح أملٌ من بعيد أبطاله أطباء إطارات جزائريون في الخارج وفي الجزائر سخروا خبراتهم وأموالهم وعلاقاتهم ليمدوا يد العون للشعب الجزائري في وقت هو في أمس الحاجة إلى المساعدة.

هي العملية الثّانية التي تنظمها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالتّعاون مع جمعية “جزائريون متضامنون” التي تنشط في أوروبا وتضمّ إطارات وأطبّاء ورجال أعمال، وذلك بعد نجاح العملية الأولى التي نُظمت في أوج انتشار جائحة كورونا في الجزائر، حينها تم توزيع 1500 حقيبة تنفس على مستشفيات الوطن، وكان لتلك العملية دور حاسم في مواجهة الجائحة، وقد نجح الجزائريون مستغلين علاقاتهم وخبرتهم في انتزاع هذا العدد من حقائب التنفس في وقت كانت جميع الدول تتسابق للظفر بصفقات اقتناء المعدات الطبية.

هذا النّجاح الباهر شجع القائمين على المبادرة على تنظيم عملية أكبر، وذلك بعد المطالبات الصادرة عن الأطباء في المؤسسات الصحية الذين أكدوا على ملاءمة حقائب التنفس لعمليات الإسعاف خاصة تلك التي تتم في البيوت أو في سيارات الإسعاف بسبب صغر الجهاز ووزنه الخفيف وسهولة استخدامه. لذلك تم التنسيق مجدّدا مع الناشطين في جمعية “جزائريون متضامنون” كما تم الاتصال بجمعية “الإغاثة الإسلامية” التي تنشط في فرنسا، وبإسهام لجنة الإغاثة التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين تم استيراد ما مجموعه “5000” حقيبة تنفس، وهي العملية التي ساهمت فيها العديد من الهيئات الرسمية كوزارات الصحة والمالية، والجمارك من خلال التّسهيلات المختلفة والإعفاءات الجمركية والضريبية وغيرها.

هو نموذج لمغتربين جزائريين اضطرتهم الظروف إلى الهجرة بعد أن تلقوا تعليمهم في الجزائر، وأثبتوا أنفسهم ككفاءات جزائرية لها مكانتها في المؤسسات التي يعملون بها. وعندما احتاجهم بلدهم بادروا إلى تقديم المساعدة اللازمة دون أن يطلب منهم أحد ذلك.

لذلك؛ فإنّ المطلوب الآن هو تعميم التجربة وعدم حصرها في الجانب التضامني فقط، بل لا بد من التفكير في أطر أخرى للاستفادة من الخبرات الجزائرية المهاجرة خاصة في مجال مساعدة الشباب على إنجاز مشاريعه، والتّوقّف عن ترديد أسطوانة “عودة الأدمغة”، لأن المحيط العام في الجزائر سيحولهم إلى موظفين فاشلين مهما كانت كفاءتهم وخبرتهم.

مقالات ذات صلة