-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نجمة الشاشة السورية ريم عبد العزيز لمجلة الشروق العربي

ما يميزني، أنني أشبه نفسي لأنني ضد كل عمليات التجميل

طارق معوش
  • 1758
  • 0
ما يميزني، أنني أشبه نفسي لأنني ضد كل عمليات التجميل
تصوير: فادي ع. السميع

من حلب.. مدينة التراث والفن والطرب.. ومن أسرة فنية، خرجت إلى عالم الدراما والفن، الفنانة المعروفة، ريم عبد العزيز.. فوالدها، الشاعر الغنائي المعروف، نظمي عبد العزيز، وأختها الفنانة، المطربة، سمر عبد العزيز.

ريم عبد العزيز، سليلة أسرة فنية، ممثلة ومخرجة وصاحبة رأي عقلاني وهادئ. لها بصمة في الوسط الفني، من خلال أعمالها الكثيرة، التي قدمتها في الدراما التلفزيونية والإذاعية، وفي الإخراج الذي تشق طريقها فيه، بثبات، وتبحث عن النص الذي يحرك فيها هواجس الإبداع.

في رصيدها، عشرات الأعمال، بين الدراما والسينما، أهمها: شوراع الشام العتيق، وردة شامية، باب الحارة، عطر الشام، كرسي الزعيم… والعديد من الأعمال الناجحة. ريم عبد العزيز، تفتح قلبها للشروق العربي، بكل عفوية، في حوار خاص جدا..

الشروق: مشوارك الفني الحافل، الذي يمتد إلى أكثر من عقدين من الزمن، كيف بدأ واستمر؟ وماذا قدمت خلاله باختصار..؟

– كنت أعيش في وسط فني غنائي، وأنا بنت مدينة حلب، ووالدي الشاعر الكبير، نظمي عبد العزيز، من مؤسسي الأغنية السورية، وأختي، المطربة سمر عبد العزيز، والفنان المرحوم، عمر حجو، صديق العائلة، يعرف رغبتي في التمثيل.. منذ كنت في الابتدائي، أقلد الجميع، وأغني وأرقص. لذلك، عندما تم تأسيس شركة حلب الدولية، تم استدعائي، وقدموني للمخرج حاتم علي، حيث وقفت أمام كاميرته، أول مرة، عام 1997، في سهرة اسمها “أمينة الصندوق”. وبعدها، مباشرة، مع المخرج الكبير، سليم صبري، في مسلسل “قلوب خضراء”. وهذه، أعتبرها نقلة نوعية، لأنها شكلت البذرة الأولى لانطلاقتي في الوسط الفني. وعلى أثرها، طلبني المخرج سالم الكردي، لمسلسل “خلف الجدران”، الذي كان في دمشق. واليوم، في جعبتي أكثر من 200 عمل، منها خمسة أعمال سينمائية، فيلم مصري “ع الهوا”، إخراج إيهاب لمعي، وفيلم “مناحي” سعودي، من إنتاج روتانا، وفيلم “ليلى والذئاب”، للمخرج محمد عبد العزيز، إنتاج سوري. وفي جعبتي أيضا، أكثر من كليب، من إخراجي، بالإضافة إلى كوني مخرجة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وقدمت برنامجا، اسمه “الحب وأشياء أخرى”، وفيلمين سينمائيين، “فقط إنسان”، و”روح”. ملخص القول، حاولت، خلال مسيرتي، ألا أؤطر نفسي بشخصية محددة،

يلصقها بي المخرجون طوال عمري. لذلك، نوعت في معظم أدواري، وقدمت المرأة القاسية والحنونة والشرسة والطيبة والراقصة، وأدوارا كثيرة، أتمنى من خلالها أن أكون قد زرعت باقة ورد، في قلوب الناس، سواء على المستوى السوري أم العربي.

الشروق: أكثر شيء يميز ريم في مشوارها؟

– ما يميزني، أنني أشبه نفسي، حيث قدمت الكوميدي والتراجيدي والأكشن.. ولهذا، وقعت في حب الجمهور، الذي يقول إنني، خلال كل تلك السنين، قدمت ما يشبهني، بعيدا عن التجميل، لأنني ضد كل عمليات التجميل. حقا، أعترف بأنها سنوات من التعب والجهد، وسعيدة جدا بحصادها الطيب.

الشروق: شاهدناك في أعمال كثيرة، تتخلين عن وسامتك وجمالك، وتسخرين ذلك من أجل تقمص الشخصية بإتقان عال.. كم تتعبك عملية تقمص الدور، وماذا تفعلين لأجل ذلك..؟

– منذ دخلت المجال الفني، لا أعتبر الجمال هو الأساس. إنه مجرد بطاقة أولى للدخول. يمكن أن تضيف عليها جاذبيتك وحضورك، لهذا، لا أنسى كلمة الفنان الراحل، محمود عبد العزيز، عندما كنت في بداياتي الفنية.. تقدم مني بعد انتهاء عرض فيلمي بالقاهرة، قائلا: “أنت حلوة، يا ريم، وهذا واضح.. ولكن، حافظي على حضورك، لأن حضورك مميز”.. هذه الكلمات، بقيت في ذاكرتي. حضور الفنانة الخاص بها أهم من الجمال. واستمرارها هو حضورها وذكاؤها وثقافتها. وأتمنى أن أكون قدمت ما يعجب الجمهور، من خلال عفويتي، واندماجي بالأدوار المتنوعة، التي قدمتها، وتقمصي الدور، من خلال فهمي للشخصية بأبعادها الإنسانية وأدواتها، ومحاولتي تلمس كل جوانبها، بعناية وإتقان عال، لأعيش كل تفاصيلها الداخلية والخارجية، فأندمج فيها بكل مشاعري، لتكون جزءا مني.

ضد العري وتقديم شيء مبتذل للجمهور.. ولست مريضة بالغيرة والحسد

الشروق: خلال هذا المشوار، أين تجدين نفسك أكثر، في التمثيل أم الإخراج…؟

– أحب ريم الفنانة، التي تستحق أن تكون مخرجة وممثلة، لأنها قدمت شيئا مختلفا وخاصا بها. وفي الحالتين، الجمهور هو من يقول لك: استمر أو توقف. ومن خلال التصفيق والتشجيع، الذي وجدته، أتابع في الاثنين معا بمسؤولية كبيرة جدا، وبمهنية عالية دون أي ابتذال.

الشروق: كنت أول مخرجة سورية للفيديو كليب، والكليبات تحتاج إلى الإثارة لجذب المشاهد. كيف تعاملت مع فكرة الجذب هذه، وزج الراقصات والمرأة في كل فيديو.. طبعا، لا أقصدك أنت بالسؤال، بل بشكل عام..؟

– أنا ضد العري وتقديم شيء مبتذل للجمهور. أن تلبس لنفسك، أنت حر. ولكن، أن أقدم للمشاهد العري، فهذا من رابع المستحيلات. هذا شيء يشبه شخصيتي. قدمت كليبات، ولقيت رواجا، وأحبوها كثيرا على أساس أنها فيلم قصير، أقدم فيه دراما وليس مجرد لقطات فيها قطع ووصل، وانتهى الأمر. الكليب يحكي حكاية ويقدم فنا راقيا، ويقدم صورة بصرية عالية المستوى. وهناك شهادات كبيرة من فنانين كبار، أشادوا بعملي كمخرجة كليب، ولا أتعامل مع الكاميرا بشكل عادي، لأنني أحب الوقوف أمامها وخلفها. وكمخرجة، لدي مسؤولية كبيرة حيال أي عمل، لكونه يحمل إمضائي. وعندما أكون ممثلة، فأنا مسؤولة عن شخصيتي أمام مخرج آخر، وأكون عجينة لينة أمامه، لأظهر أدواتي وأبدع بالدور.

الشروق: أحببت الفن، ولكن، بصراحة، هل صدمك الوسط الفني بعد كل هذه السنين؟

– الحقيقة، في البداية، تردد الأهل في دخولي هذا المجال، لكوننا عائلة مؤلفة من ثلاث أخوات، وكانوا يخافون علينا. وعندما اتجهنا، أنا وأختي سمر، إلى هذا الوسط، كان الإصرار من أهم أسلحتنا، للنجاح فيه، إضافة إلى حبنا للمهنة. وحاولت، من البداية، أن تكون لي خصوصية، وأرفض البدائل في ظل هذه المنافسة. وأدركت تحقيقي لذلك، بعد غيابي ثلاث سنوات في مصر. وعند العودة، كان مكاني لا يزال حاضرا.. وهذا ناتج عن تعب، وليس من فراغ.

الوسط متعب، ويلزمه الكثير من العلاقات.. وأنا أؤمن بالمحبة. ولكن المشكلة دائماً من الأشخاص الذين يطعنون من الخلف. وهم كثر في الوسط، مع الأسف. والحمد الله، لست مريضة بالغيرة والحسد. وأنا مجتهدة.. ولكل مجتهد نصيب.

هناك من تطفل على الساحة الفنية والإعلامية التي أصبحت مباحة أمام الجميع

الشروق: مسلسلات البيئة الشامية والنجاح الذي حققته، كأيام شامية وباب الحارة.. كان لك عدة مشاركات فيها.. ما سر نجاحها برأيك؟

– أعمال البيئة الشامية، جزء من تراثنا. ولكن الأعمال التي تقدم تشبه بعضها البعض. وهي أكثر من عشرة أعمال في الموسم الدرامي. الدراما السورية في حاجة إلى التنوع (تاريخية وكوميدية). وهذه مشكلة. وأنا عرفت عربيا، عن طريق مسلسل رجال العز، مع المخرج علاء الدين كوكش. ودوري أخذ شهرة واسعة. والآن، ونحن على مقربة من مطلع 2023، أتمنى أن يقدم، في الموسم الدرامي، عمل يليق بالبيئة الشامية، لأنها تمثل البيئة السورية، وليس حصريا في دمشق.. وللأسف، بعض الأعمال لم تقدم بالشكل المطلوب. وأتمنى أن يكون الكتاب أكثر دراية، ويعطوا المرأة حقها. ومن أجمل الأعمال الشامية، التي قدمتها، مسلسل حمام القيشاني، مع المخرج هاني الروماني.

الشروق: في الآونة الأخيرة، ظهرت في الدراما السورية وجوه شابة بكثرة، والبعض برر هذا بسبب هجرة أغلب نجوم الدراما خارج سوريا.. تقاطع وترد..

– أولا، لا أريد الدخول في مثل هذه الأسئلة.. سوريا لها أسماء فنية كبيرة، ما زالوا بأرضها، مهما كانت الظروف.. وأنا تابعت مجموعة من المواهب، الذين قدموا أنفسهم بكفاءة عالية. واستحقوا هذه الفرصة. وكانوا ضرورة لرفد الدراما بالدماء الشابة. وبالمقابل، هناك من تطفل على المهنة، التي أصبحت مباحة أمام الجميع، مثل كثير من المهن، بلا رادع. وأصبحت فرصة لكل من أراد أن يصبح ممثلا أو مخرجا أو إعلاميا.. إلخ. يجب أن نتكاتف معا، ونضع ضوابط للمهنة القيمة والمهمة. يجب عدم إعطاء الأدوار لأي شخص يريد أن يكون ممثلا، والانتباه أكثر في الأعمال القادمة. مهمتك كفنان قيمة جدا. لذا، يجب أن تكون دقيقا جدا في خياراتك وخطواتك، وتملك الشغف لتقديم شخصيات جديدة.

التنازلات في الوسط الفني تحدث من أناس ليس لديهم في الأساس أخلاقيات المهنة

الشروق: حتى يأخذ الموهوب أو الفنان فرصته، ماذا يجب أن يعمل، وهناك هيمنة لبعض النجوم على الأعمال.. هل يجب أن يكون ضمن شلة أو يقدم تنازلات أو ولاء ما للمخرج أو للمنتج مثلا. وهذا، ما سمعناه من أكثر من فنان..؟

– لا أريد أن أخوض في هذه القصص كثيرا، لأنه من غير الصحيح ما يجري. توجد شللية، هذا أكيد. وهناك قصص كثيرة، لكن، في النهاية، الفنان الحقيقي والجيد دائما يثبت نفسه. العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة. التنازلات التي تتكلم عنها، تحدث من أناس ليس لديهم في الأساس أخلاقيات المهنة، ولا مبادئ، ليستخدموها للوصول إلى هدفهم. لكن الفنان الحقيقي ليس هكذا. أنا، لا أقبل أبدا، أن يقول بعض الزملاء هذا الكلام. لذلك، نتمنى من شركات الإنتاج أن يكون عندها ضوابط، وانفتاح أكثر، بالتعامل مع عدد من الفنانين، وأن يكون لدى المخرجين تصور أكبر للفنانين، وأن تعطى فرص أكبر لكل من يستحق، سواء من الوجوه الجديدة أم القديمة التي لم تتح لها الفرصة المناسبة، ليقدموا أنفسهم. لذلك، أقول: إن لم نتعاون كفنانين ومخرجين مع شركات الإنتاج، لدعم هذه الدراما، فلن نصل إلى الهدف. أتمنى من الجميع أن يسهم بنبذ الشللية، وأن نحب بعضنا أكثر. عندما نحب الخير لبعضنا، بالتأكيد، سنصل إلى نقطة مهمة.

الشروق: هل هناك خطوط حمراء يجب أن تقف عندها الفنانة، أم إنَّها يجب أن تكون ملكًا للشخصيَّة بكل محتواها؟

– طبعا، هناك خطوط حمراء، يجب أن نقف عندها. وفي رأيي، فإنَّ مجتمعنا الشَّرقي لا يحتاج إلى الكثير من الجرأة، لمناقشة مشاكله. فالأعمال الغربيَّة، تقدِّم جرأةً كبيرةً موجودةً في صميم حياتهم. فكل مجتمع لديه عادات وتقاليد، وخطوط حمراء يجب عدم تخطيها.

الشروق: ما رأيك في هذا الكم الهائل من عمليَّات التَّجميل، الَّتي تجريها الفنانات، حتَّى أصبحنا نرى ألعابا متحرِّكة بنفس الصورة؟

– كما قلت لك، سابقا.. أنا ضد التَّجميل المبالغ فيه كثيرًا. فهناك عمليَّات تكون ضرورية لبعض الأشخاص. ولكن هذه العمليَّات أصبحت مخيفة. فأغلب الفنانات أصبحن بنفس الملامح. وهذا خطأ كبير.

كورونا درس من الطبيعة للعالم حتى يكون أكثر إنسانية

الشروق: بين «الفنانة» و«النجمة»، أي لقب تفضلين؟

– بالطبع، «الفنانة».. فالفنان يتفنن بكل ما يقدمه.

الشروق: هل أنتِ سهلة التعامل؟

– اسألهم.. ربما سيشتكي إليك أحدهم مني (تقول ممازحة). أنا جدية في العمل، وملتزمة إلى حدّ بعيد. مشكلتي الوحيدة، أنني أحتاج إلى ساعات من النوم. وعندما لا تتاح لي الفرصة لأنام، بشكل جيد، أكون مرهقة وأعاني.. وهو أمر طبيعي.

الشروق: بعيدا عن الفن.. في رأيك، هل سيكون هناك تغير في العالم، بعد جائحة كورونا، ونحن في نهاية 2022؟

– كورونا كانت ولا تزال درسا من الطبيعة للعالم، حتى يكون أكثر إنسانية. هذا الفيروس الهزيل ساوى الغني والفقير، والعالم والجاهل.. فأقوى الأقوياء، كان ضعيفا أمامه. نتمنى الحب المتبادل أكثر، والوقوف بجانب بعضنا، حتى نتجاوز هذه الظروف. وكمواطنة سورية، أتحدث عن بلدي سوريا.. سوريا، مرت بظروف صعبة ومؤلمة، وحرب كانت كبيرة.. واستطعنا تجاوزها بقوة وبحكمة. نحن نحتاج إلى الحب في كل خطوة

الشروق: كلمة أخيرة..

– كل الحب لبلدي الثاني، الجزائر العزيزة على كل سوريا، على أمل الالتقاء بكم قريبا.. والشكر موصول إلى الشروق العربي، واهتمامها بالساحة الفنية السورية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!