-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مبادرة متأخرة

الشروق أونلاين
  • 3008
  • 0
مبادرة متأخرة

أخيرا انعقد في الأيام الأخيرة بالجزائر لقاء للدول الإفريقية المتاخمة للساحل من أجل التنسيق لمحاربة الإرهاب في المنطقة بمبادرة من السلطات الجزائرية التي طالما تحفظت على مثل هذا التعاون الذي تشوبه في نظرها الكثير من النوايا السيئة للولايات المتحدة الأمريكية والكثير من الدول الأوروبية التي مافتئت تحاول استغلال هذا الوضع وهذه الظاهرة من أجل التدخل المباشر في هذه المنطقة للهيمنة على ثرواتها الكامنة من المحروقات، خاصة وأنها امتداد لحوض السودان وتشاد في هذا المجال وما يجري حوله من حروب أهلية وصراعات دامية.

  • وقد جاءت مبادرة الجزائر من هذه الناحية متأخرة إلى حد بعيد وفي جو من التردد والذعر وعدم التحضير الكافي وانتهت بنفس البيانات والتصريحات النمطية المنوهة بالعلاقات الأخوية والتعاون المثمر… مثلما عهدناه من مثل هذه الاجتماعات، في حين كان المفروض المبادرة إلى هذا التنسيق والعمل المشترك قبل عدة سنوات لمحاصرة ظاهرة الإرهاب وغيرها من ظواهر الجريمة المنظمة وأشكال التهريب وقطع الطرق في المنطقة، أي قبل أن تشرع كل من مالي والنيجر في استضافة القوات الأمريكية على أراضيها المتاخمة للجزائر تحت غطاء تدريب وتهيئة القوات المحلية لمحاربة الإرهاب.
  • وما يزيد في صعوبة التوصل إلى التعاون المعلن من لقاء الجزائر هو الخلافات الحادة بين الجزائر وموريتانيا من جهة ومالي من جهة أخرى، نتيجة قيام هذه الأخيرة قبل حوالي أسبوعين بالتعامل مع الإرهابيين أو ما يسمى بالقاعدة في المغرب الإسلامي تحت الضغوطات الفرنسية بإطلاق سراح أحد الرهائن الفرنسيين الذي كان في قبضة المجموعات الإرهابية والذي تبين فيما بعد أنه عنصر من عناصر المخابرات الفرنسية، مما يؤكد مرة أخرى تورط فرنسا في صنع الإرهاب بهذه المنطقة أو على الأقل توجيهه الوجهة التي تخدم مصالحها الاستراتيجية، وتثير المشاكل للجزائر بالدرجة الأولى.
  • ففرنسا تعي تمام الوعي هذا الضعف وهذه الخلافات بين دول المنطقة وصعوبة التوصل إلى مواقف موحدة وعملية بالإضافة إلى قلة الإمكانات المادية لمكافحة ظاهرة الإرهاب بفعالية في هذه المنطقة الصعبة، فتحاول تعميق الأزمة وتعفين الأوضاع من خلال اللعب على كل الحبال ومنها استعدادها المعلن للانخراط مع المبادرات الأمريكية بخصوص التدخل المباشر وغير المباشر، وكذلك نيتها في قيادة التعاون لمحاربة الإرهاب بالساحل الإفريقي، كما صرح الناطق باسم الخارجية الفرنسية على هامش لقاء الجزائر، ومن هذه الزاوية تبدو كل دول المنطقة في عنق الزجاجة ولا خيار لها إلا التعاون فيما بينها ومع الجانب الأمريكي الذي أصبح وجوده وتأثيره أمرا واقعا، وهذا على الأقل لمواجهة المشاريع والمخططات الفرنسية التي لا يهدف إلا لإثارة المشاكل الداخلية والخارجية لدول محددة في هذه المنطقة.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!