-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“مبادرتُكم” ليست قرآناً منزّلاً

حسين لقرع
  • 3567
  • 7
“مبادرتُكم” ليست قرآناً منزّلاً

بعد أن أثخنت المقاومة في الجنود الصهاينة قتلاً وجرحاً وملأت قلوبهم رعباً ونفوسَهم كمداً، هرع كيري وغيرُه من “الوسطاء” إلى الشرق الأوسط لإنقاذ الاحتلال الصهيوني من ورطته عبر تكثيف الضغط على المقاومة لقبول”المبادرة المصرية” لوقف إطلاق النار والعودة إلى فترة ما قبل 7 جويلية، وإن كانت في الواقع مبادرة ً صهيونية بامتياز وصاغها ضباطٌ أمنيون من تل أبيب، وكان الطرف المصري مجرّد “ساعي بريد” تكفل بتبنيها وإيصالها، كما اعترف إعلامُ العدو بنفسه.

المقاومة لم تطرح شروطاً تعجيزية لإيقاف الحرب، بل تقدّمت فقط بشروط إنسانية وفي مقدّمتها رفع الحصار الصهيوني- المصري الجائر المضروب على غزة منذ عام 2006  على 1.8 مليون فلسطيني، وهو حصار مخالف للقوانين الدولية ولمبادئ حقوق الإنسان العالمية، لكن أمريكا ومصر لم تقبلا حتى هذا الشرط البسيط، وهما تريدان من المقاومة استسلاما ذليلا دون أي قيد أو شرط، ووفق “المبادرة المصرية” حرفياً، وبعدها يتم بحث مسألة رفع الحصار… ما يعني عملياً استمرار الإذلال والتجويع والموت البطيء سنوات أخرى وذهاب تضحيات آلاف الغزاويين سدى.

لو كانت مصر تريد بالفلسطينيين خيراً لأعادت صياغة “مبادرتها” بما يستجيب للحدّ الأدنى من مطالب المقاومة وفي مقدمتها رفع الحصار، ولبادرت بنفسها إلى إعلان الفتح الدائم لمعبر رفح، ولكنها تتعمّد التمسّك بـ”مبادرتها” بعناد وترفض إدخال أي تعديل عليها وكـأنها قرآنٌ منزّل، حتى تستمر الحربُ أسابيع أخرى لعل العدو الصهيوني ينجح خلالها في القضاء على حماس، ولا يهم في سبيل تحقيق هذا الهدف سقوطُ آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى في صفوف المدنيين ودمار ما تبقى من بيوت ومنشآت في غزة وإعادتها إلى العصر الحجري.

لم يعد هناك شك في أن ثمة مؤامرة إقليمية وعالمية واسعة على المقاومة في غزة بهدف تصفيتها، ولكن صمودها ردّ كيد المتآمرين في نحورهم ووضعهم في موقف حرج؛ فهي تفاجئ العدو كل يوم بأساليب قتالية جديدة تلحق به خسائرَ بشرية لم تكن في الحسبان.. في حين لا يفلح “الجيشُ الرابع في العالم” سوى في قتل المزيد من الأطفال والنساء والمدنيين كل يوم وارتكاب المزيد من المجازر النازية.

إن مقاومة ًتحقق كل هذه الإنجازات تستحق مبادرة تحقق لها الحدّ الأدنى من شروطها، وفي مقدمتها إنهاء الحصار الجائر إلى الأبد وضمان العيش الكريم لـفلسطينيي غزة أسوة بباقي شعوب الأرض، وأيّ مبادرة لا تستجيب لهذا الشرط على الأقل، هي مبادرة ميّتة، سواء جاءت من مصر أو غيرها من دول التآمر العربي.

لم يعد أحدٌ يطالب مصر اليوم بأن تقف في صف المقاومة وهي تحت حكم السيسي المعادي للإخوان، ولكن بإمكانها أن تتعامل مع المحيط بعقلانية أكثر وتقدّم مبادرة أخرى متزنة تضمن رفع الحصار عن الفلسطينيين، من غير المعقول أن تسعى مصر إلى المحافظة على دورها الإقليمي وقطع الطريق على تركيا وقطر وغيرهما وهي تقدّم مبادرة تخدم الصهاينة وحدهم وتذلّ الفلسطينيين ولا تستجيب لحاجياتهم الإنسانية، فإما أن تستدرك عداوتها المفرطة للفلسطينيين وتعدّل”مبادرتها”، وإما أن تتنحى عن هذا الدور المخزي وتترك غيرها من الوسطاء في المنطقة يتقدمون بمبادرات تكون في مستوى تضحيات الفلسطينيين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • بن بريك

    نحن في الجزائر لا نؤيد السلطة ادا كانت مخطئة في تصرفاتها بل ننتقدها من المواطن البسيط الى المحللين والاعلاميين ثورة 1 نوفمبر زرعت فينا هده الروح روح المقاومة الصدع بما نراه صحيح . اما اعلام مصر فهو لا يرى الا ما تراه السلطة حتى اصبح اضحوكة العالم يطبق حرفيا المثل الجزائري (عنزة ولو طارت في السماء)بلدي حتى وان هرم نظامه فهو ابدا لم يخدم اسرائيل ولم يتامر ضد ااخوانه العربوخاصة فلسطين ولم يتاجر بقضيتها.

  • جمال

    ما كل هذا الذكاء ايها المحلل .ليتك تحلل لبدك .وتحثها على التقدم بمبادره

  • خ

    إذا كان مبارك هو كنزاستراتيجي لإسرائيل فإن السيسي هو إنجاز هذه الإستراتيجية على الأرض وهو جندي لإسرائيل في ثياب عربية ، لأن من قتل شعبه وأذاقه الجوع وسوء العذاب وانقلب على إرادته واختياره تنفيدا لأجندة أمريكوصهيونية بأموال خليجية يستحيل أن يقدّم مبادرة مصرية لوقف العدوان الإسرائيلي وفتح المعابر و المساهمة في تحرير فلسطين التي عاصمتها القدس وعودة اللاجئيين ،فلسطين كما حلم بها أبو جهاد وأبو أياد وأبو عمار وأحمد ياسين والرنتيسي وغيرهم من الشهداء الذين عبدوا بدمائهم الطاهرة طريق الحرية والإستقلال .

  • Dr Mohna3li

    هيهات هيهات أن تنطلي خدعة و حيلة الانقلابيين في مصر على المقاومة الباسلة في غزّة للقضاء عليها.
    هذه المبادرة أو المؤامرة ان شئتم فضحتهم و عرّتهم أمام الجميع، فهم الآن متمسّكون بها و لكن ينتظرون من ينقذهم بترقيعها بما يشفع لهم و ينتشلهم من الحفرة المخزية التي وقعوا فيها بعد ما بنوها للمقاومة.
    ما فتئ الخسيسي و ما زال يجلب لأمّ الدّنيا الخزي و العار حتّى أضحت في مؤخّرة الّدنيا و موضع السّخرية بين الأمم.
    النّصر للمقاومة الفلسطينية و المجد و الخلود في الجنّة لشهدائها.

  • جمال

    وجه مقالك لبلدك لتتقدم بمبادره .الجزائر بلدعربى مهم فى المنطقه ولابد ان يكون لها دور............صواريخ المقاومه والله اتمنى ان تكون فعاله حيث انها وصلت الى اماكن مهمه بالكيان الصهيونى ولكن قوتها التدميريه بسيطه ولكن زريعه للكيان الصهيونى بضرب المدنيين الفلسطينيين .......(بسم الله الرحمن الرحيم واعدوا لهم ما استطعتم من قوه.........صدق الله العظيم.......

  • بن بريك

    يتبع ...الربيع العربي الدي يهدف الى تغيير الانظمة العربية الفاسدة والمستبدة التي تخدم مصالح الغرب وتدل شعوبها فالخطة الامريكية الاسرائيليةبالتنسيق مع الانظمة العربية( خاصة السعودية والامارات والجزائر والكويت ) هدفها القضاء على العدو المشترك الاسلام السياسي والحركات الاسلامية لانها اصبحت البديل الوحيد والقوي للانظمة العميلة للغرب واسرائيل

  • بن بريك

    اثنت هدا العدوان بمالا يدع اي شك بان انقلاب السيسي على الرئيس المصري محمد مرسي كان مدبرا مسبقابين اسرائيل وامريكا قيادة الجيش المصري للقضاء على عدو مشترك الاخوان في مصر اولا لانها تحمي ظهر حماس في غزة والدليل السكوت عن جرائم انسانية شاهدها العالم ارتبها السيسي ببرودة دم وبعد القضاء على حركة الاخوان كان مخططا لاسرائيل ان تدمر حماس بمباركة مصر وامريكا .انكشفت المؤامرةامام الجميع بالصورة والصوة.اما قضية ثورة 30يونيو ضد مرسي فلم تعد تنطلي على احد بل انقلاب السيسي دعمه الغرب والعرب لافشال الربيع العر