الشروق العربي
VIPعندما يتحول التسول إلى مهنة الـ

متسولو الترامواي ومحطات الميترو يشترطون المكيفات!

الشروق أونلاين
  • 8343
  • 0

استفحلت ظاهرة التسول بالمدن الكبرى، وزاد عدد متبنييها بشكل رهيب، فبعد أن كنت تعبر الشارع الواحد لتعد متسولين بعدد خطواتك تقريبا، وتمتطي الحافلة فيحط عليك متسول بوابل من “دعاوي الخير” حتى يقتطع منك بضع دنانير، بات هؤلاء يسعون لتطوير وسائلهم، والبحث عن مناخ آمن وملائم “للطلبة”، تكون فيه الراحة أوفر كما الدخل المادي، فتجدهم يزحفون من الشوارع العامة، المساجد القطارات والحافلات نحو محطات الميترو ورحلات الترامواي، أين الجو المعتدل شتاء والبارد صيفا بفعل المكيفات الهوائية فتزيد قدرتهم على استعطاف المسافرين الذين يتواصل تذمر أغلبهم من الظاهرة، خاصة وأن هناك متسولين يستعملون العويل والصياح المزعج.

أفارقة وسوريون يزاحمون المحليين على جيوب الجزائريين

بعد أن شن المتسولون المحليون حربهم الضروس ضد نظرائهم الأجانب، وضاقت بهم الشوارع ذرعا، وجدوا أنفسهم بعربات الترامواي ومداخل محطات المترو، النظيفة والمكيفة، يحصلون آلاف الدينارات في ظروف جيدة، بات مشهدهم مغر، يحسدون عليه، فأصبحت لا تحتاج أكثر من الوقوف بضع دقائق بمحطة الترامواي حتى تلاحظ الكرونولوجيا المحبوكة بفطنة من قبل المتسولين لتنظيم الربح، وأخذ قسط من الراحة أو تغيير الخط، فقد لاحظنا صدفة ونحن نقف بمحطة الخروبة حين كان يهم الترامواي بالتوقف، متسولة تشير من داخله لزميلة لها في المهنة كانت تقف إلى جانبنا أن اصعدي، وإشارات أخرى تعذر علينا فهمها، دخلنا من الباب ذاته الذي التقيتا عنده وسمعناها تهمس لها بوجود أحدهم بمحطة طرابلس وأوصتها بالنزول هناك وانتظارها، تبين لنا فيما بعد بأن المنشود من الحديث متسولة سورية، واصلنا الرحلة، وعند محطة المقرية لمحنا عبر الزجاج رجلا إفريقيا رفقة صغاره، يفترش الأرض ويعانق المصحف، وما إن فتح الباب حتى اندفع الصغار الأربعة إلى الداخل مشهرين أوانيهم البلاستيكية في وجوه المسافرين، الذين أغدقوا عليهم دنانير، الأمر الذي أثار حفيظة المتسولة الجزائرية الحامل التي كانت تتظاهر بالإعياء والمرض كي تستعطف الكرماء، لكن دون جدوى، فأخذت بالصراخ والشتم، قبل أن تستلقي على كرسي تحت المكيف حتى المحطة المقبلة، وفي حوادث مشابهة، يروي عون مراقبة بمؤسسة سيترام رفض الإدلاء باسمه، أنه سبق وأن شهد شجارات عنيفة ومؤذية بين المتسولين من مختلف الجنسيات، خاصة ليلا حين يتناقص عدد المارة والمسافرين، فبعضها يصل إلى محاولات القتل.

التسول الآمن أو الربح عبر رحلات مريحة

صيفا أو شتاء، لا يمكنك التنقل من محطة لأخرى باستخدام الترامواي، دون أن يداهمك متشرد أو متسول باحث عن الرفاهية والربح، يظل قابعا أمامك يتوسلك حتى يبتز منك نصيبا من المال، فمهما كانت رحلتك قصيرة ستنتظر محطتك بفارغ الصبر، فقط لتتخلص من الشكاوى والأنين وعبارات التوسل: “صدقة.. صدقة..”، ومتسولون لا يملون من مضايقتك، تركوا الشوارع العمومية ليزاحموا المسافرين في تنقلاتهم، وحسب عمال الترامواي، فقد بدأت الظاهرة هذه تتفشى مذ دخل المتشردون السوريون الترامواي ومحطة الميترو، يرافقون الرحلات ليبيعوا مناديل ورقية وكتيبات دينية توزع في الأصل بالمجان، وهم يرددون عبارات التسول بسمفونيتهم الخاصة طلبا لأجرة كراء منزل، بعد رفضهم العيش في المخيمات التي خصصت لهم من قبل الدولة، ثم تفطن الوافدون الأفارقة للأمر بعد ما حطوا بحسين داي ذات شتاء، حيث كانوا يهرعون إلى العربات عند هطول المطر، ثم اهتدوا إلى سبيل لاستمالة مشاعر الجزائريين، بحمل “السبحة” ورفع المصحف وترتيله بصوت عال، فيجدون استجابة قلوب الصغار قبل الكبار، خاصة وأنهم يستعملون أبناءهم للتسول، إلى هنا أصبح التسول بالنسبة لممارسيه من الجنسيات الأجنبية مهنة تشبه إلى حد كبير تلك التي تمارسها الشخصيات المهمة جدا، باعتبار توفر الظروف المواتية من أمن وجو مناسب بعيد عن البرد والحر وحتى أماكن للراحة، إضافة إلى الدخل المعتبر، مقارنة بما كان يعانيه المتسولون المحليون في الأماكن العامة قبل أن يلحقوا بهؤلاء أفرادا وجماعات.

مقالات ذات صلة