متى تصبح الجزائرية ملكة جمال العالم؟

البرازيل التي ستشغلنا بمباريات كأس العالم القادمة كما شغلتنا دائما بلعبها الساحر، شغلت بعض الوقت نصف سكان المعمورة بمسابقة ملكة جمال العالم التي تلوّنت بالسُمرة الإفريقية فمنحت لأنغولا تاج الحلاوة والفتنة في الوقت الذي يموت أبناء هذا البلد في محافظتي بنغو وكابيندا من الجوع…

• وعندما نعلم أن ملياري نسمة في أزيد عن مائتي دولة تابعوا على المباشر مسابقة اختيار ملكة جمال العالم نُدرك أن الذين يتباكون على قتلى سوريا وليبيا ويتحسّرون على جياع الصومال واثيوبيا إنما يُقدمون عرضا مسرحيا يضحكون به على الذين مازالوا يؤمنون بأن الديموقراطية والحرية يمكن أن تُصّدرا عبر الدبابات الأمريكية أو طائرات الناتو.
• من الخطأ اعتبار اختيار ملكة جمال العالم المسابقة التي بدأها الإنجليز عام 1951 مجرد تسلية وإشهار لآخر ابتكارات التجميل والحلاقة واللباس والصحة، ومن الخطأ اعتبار الفائزات مجرد صُور جميلة ناقلة لرسائل سطحية بعيدة عن خارطة الطريق التي رسمتها الولايات المتحدة الأمريكية وتوأم روحها لكل العالم، فخلال ستين عاما من انطلاق هاته المسابقة بفكرة وتنفيذ إنجليزي وإشراف وتمويل أمريكي لم تفز بها بنات أنجلترا الشقراوات أبدا ماعدا سمراء إنجليزية تميل إلى البياض من أصول إفريقية، ولم تفز بها بنات الولايات المتحدة الشقراوات ماعدا سمراء أمريكية من أصول هندية تميل إلى البياض أيضا، ولم تفز بها بنات الدانمارك والنرويج وهولندا، وبقي التاج يُزيّن رؤوس بنات إفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية والصين والهند وحتى تركيا ومصر، فهل عجزت بلاد مثل الولايات المتحدة التي تضم مائتي مليون امرأة وحسناوات هوليود عن إنجاب جميلة واحدة، بينما تفوز بالتاج ترينيداد وتوباغو وغرونادا وبورتوريكو وجزر برمودا وجامايكا وجزر جوام، وكلها مستعمرات أمريكية استنزفت خيراتها وذهبها ومنحتها تاج الجمال الفاني؟ وهل عجزت انجلترا التي تضم خمسين مليون امرأة وأكبر مصحّات التجميل والحلاقة عن إنجاب جميلة واحدة، بينما تفوز بالتاج الهند وجنوب إفريقيا ومصر وهي مستعمرات قديمة لانجلترا استنزفت روحها ومنحتها التاج؟
• أسئلة من المفروض أن نقرأ إجاباتها على وجوه هؤلاء الجميلات اللائي لا يمثلن إطلاقا صورة بنات بلدانهن، فليلى لوبيز الأنغولية التي ارتدت تاج الجمال العالمي في آخر مسابقة ظهر على ملامحها التطور الدارويني الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية على أشكال الأفارقة والعرب والهنود حتى يُزيلوا سُمرة وجوههم كما أزالوا بياض قلوبهم، وكما أصبح الفائز بجائزة نوبل للسلام ليس بالضرورة رجل سلام عصره، والفائز بجائزة نوبل في الفيزياء ليس بالضرورة فيزيائي عصره، فإن ملكة جمال العالم هي بالتأكيد ليست حسناء عصرها ولا حسناء بلدها بدليل أن الصينية التي فازت عام 2007 بالتاج العالمي كانت زرقاء العينين وبيضاء البشرة لا تشبه بنات الصين إطلاقا.
• الولايات المتحدة الأمريكية التي عرّفت الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان على مقاس مصالحها، فما عادت ترضى إلا على من يتبّع ملتها، صارت الآن لا ترضى عن سُمرة وسواد بشرة الإفريقيات وضيق أعين اليابانيات والصينيات ووحشية ملامح بنات جمايكا وفنزويلا فمنحت التاج لكل سمراء أو سوداء أو صفراء تملن للبياض إدراكا منها برمزية التاج، مادام التاج الحقيقي للأمريكيين والأمريكيات.
• هل يصل دور الجزائرية لترتدي تاج الجمال العالمي؟ لكل من يحلم بجميلة جزائرية في بلاط المملكة عليه أن يتذكر أننا كنا منذ نصف قرن أسياد العالم بجميلاتنا الحقيقيات.. جميلة بوباشا.. جميلة بوعزة.. جميلة بوحيرد والأخريات؟