متى يتحول حديث النفس إلى صراع غريب للمشاعر؟

كلنا نُجري ونُدير أحاديث ذاتية مع أنفسنا، سواء لتحليل أوضاعنا ومشاكلنا أم للتخطيط لما قد يُصادفنا من مواقف وطوارئ محتملة. لكن يمكن لهذا الحديث الذاتي أن يتحول إلى اضطراب عقلي نفسي يدعى متلازمة جوسكا. يقوم خلاله المريض بإدارة أحاديث مطولة داخل رأسه أو بشكل مسموع. الأمر الذي قد ينتهي به للجنون. فما هو الحد الفاصل الذي تعرف من خلاله إذا كان حديثك مع نفسك طبيعي أم أنك مصاب بجوسكا؟

صراع العقل الغريب

متلازمة جوسكا jouska syndrome  وتسمى علميا بصراع العقل الغريب أو الصراع الغريب المتعلق بالمشاعر، أو متلازمة الحوار مع النفس أو الحديث الذاتي. هي أحد أنواع الاضطرابات العقلية النفسية التي يقوم خلالها المريض بخلق وإجراء أحاديث افتراضية مسموعة أو صامتة، إيجابية أو سلبية مع نفسه، وغالبا للأسف، ما تكون سلبية، حيث يدوم هذا الحديث مع النفس لساعات طويلة فيدخل جراءه المريض في حالة من العزلة والتوحد ويُبغض المناسبات الاجتماعية والعائلية، وينقطع عن حضورها وينغلق على ذاته. ويخلق أو يتوهم شخصيات غير حقيقية ويُجري معها أحاديث ومناقشات مطولة. كما قد تكون تلك الشخصيات حقيقية وعلى معرفة به، إضافة إلى غياب التركيز والانتباه، اضطراب النوم وتسلط الأفكار السوداوية عليه.

تعددت الأسباب والداء واحد

تتنوع وتتعدد أسباب الإصابة بمتلازمة جوسكا ما بين الانطوائية والعزلة والوحدة، عدم التفاعل مع المحيط الاجتماعي، وبالتالي، غياب الأهل والأصدقاء الذين يهتمون بالمريض ويساندونه ويستمعون لانشغالاته وآلامه فيخلق أصدقاء افتراضيين داخل عقله ويتكلم معهم طوال الوقت. زيادة على الضغوط النفسية والصدمات العاطفية التي قد يتعرض لها المصاب والجو العائلي المضطرب والمكهرب وشعور المريض بالعجز والضعف وقلة الحيلة، إضافة للأمراض النفسية كالاكتئاب وانفصام الشخصية والأسباب الوراثية والاضطرابات العقلية.

جوسكا فاكتئاب فجنون

قد يبدو للبعض أن الحديث مع النفس ليس بالأمر الخطير، ولكنه للأسف قد يغدو كذلك حينما تتفاقم متلازمة جوسكا لتمنع المريض من التعايش والتفاعل الطبيعي مع المحيطين به. ثم تسبب له مجموعة من المضاعفات كانعدام الشهية، الخلل الإدراكي، التوتر، الضغط النفسي، ارتفاع ضغط الدم والسكري. كما يمكن أن تصل الأمور لحد الإصابة بالاكتئاب والحديث المطول مع النفس ثم الجنون. وهذا ما يستدعي العلاج المستعجل، عند طبيب نفسي مختص مع ضرورة دعم العائلة ومساندتها للمصاب الذي قد يكون في حالة إنكار لمرضه، مع ضرورة انخراطه في جماعة الأهل والأصدقاء والمجتمع ككل.