رياضة
بن بلة وبن مهيدي وديدوش وسويداني وعلي النمر وغيرهم

مجاهدون وشهداء أبدعوا في ميادين الكرة وأرعبوا فرنسا في معارك الثورة

صالح سعودي
  • 2984
  • 8
الشروق أونلاين

تحتفل الجزائر بعيد الاستقلال والشباب، في أجواء يسودها الاعتزاز بالماضي والتطلع إلى غد مشرق. ماض صنعه أبناء الجزائر وساهم فيه الجميع، بدليل أن الرياضيين أيضا كان لهم نصيب في الكفاح الميداني، حيث برز الكثير من قادة ومجاهدي وشهداء الثورة التحريرية بشكل لافت في مجال كرة القدم ورياضات أخرى، على غرار بن بلة وبن مهيدي وديدوش مراد وسوداني بوجمعة وعلي النمر والقائمة طويلة، كما تسابق الرياضيون على اللحاق بصفوف الثورة التحريرية.

تدعمت قيادات جبهة وجيش التحرير بكفاءات رياضية تتمتع بروح انضباطية عالية وإخلاص للوطن، فكانوا من خيرة المجاهدين والمناضلين الذين ضحوا بإخلاص في الجبال والمدن بعدما برهنوا قبل ذلك في ميادين الرياضة ومجالات أخرى. وفي هذا الجانب، يملك الشهيد البطل العربي بن مهيدي ماضيا رياضيا وكشفيا مميزا، حيث كان أحد اللاعبين الأساسيين في فريق الاتحاد الرياضي الإسلامي لبسكرة الذي أنشأته الحركة الوطنية، وقد كان يميل إلى اللعب الدفاعي، قبل أن يكرس قناعاته فيما بعد للدفاع عن حرمة الوطن وسمعة الجزائر، بحكم أنه أحد المحضرين الفاعلين لإشعال فتيل ثورة الفاتح نوفمبر 54. وفي السياق ذاته، فقد كان الشهيد سويداني بوجمعة لاعبا بارزا في صفوف فريق ترجي ڤالمة، فيما خاض أحد قادة الولاية الأولى التاريخية، الشهيد علي النمر، تجربة كروية مع فريق شباب باتنة، كان ذلك مع نهاية الأربعينيات ومطلع الخمسينيات، قبل أن يختار غمار الجهاد في الجبال. من جهته، مارس الشهيد ديدوش مراد رياضة الجمباز وأسس نادي “الراما” الذي لا يزال يزاول نشاطه إلى اليوم، أما الرئيس الأسبق والقيادي البارز وأحد المحضرين للثورة أحمد بن بلة، فقد كان بطلا في العدو (تخصص 400 متر)، كما مارس كرة القدم بألوان نادي أولمبيك مرسيليا الفرنسي موسم 39-1940، ولعب مباراة ضد آف سي آنتيبس لحساب كأس فرنسا وسجل هدفا، كما حمل ألوان فريق مسقط رأسه نادي الاتحاد الرياضي لبلدية مغنية.

من جانب آخر، فقد وقع الكثير من أبطال الثورة والكرة في قبضة المستعمر، على غرار ملاكم اتحاد البليدة حمود دايدي الذي اضطر إلى اختراق حاجز أمني خوفا من انكشاف أمره، لأن سيارته كانت معبأة بالسلاح، فتعرض لإصابات خطيرة تسببت في استشهاده، أما زميله براهم براكني الذي مارس كرة القدم، فقد التحق بصفوف المجاهدين واستشهد في إحدى المعارك ضد الجيش الفرنسي. كما كان للمسيرين الرياضيين أيضا دور بارز في مساعدة الثورة، مثل الشهيد محمد زيوي الذي كان من مؤسسي فريق نصر حسين داي واتحاد العمال الجزائريين، حيث استشهد في معركة ضد المستدمر الفرنسي بنواحي مدينة سطيف.

وفي السياق ذاته، فقد قدمت الفرق الرياضية أمثلة في التضحية، وفي مقدمة ذلك فريق شباب باتنة الذي منح 64 شهيدا من لاعبين ومسيرين استشهدوا في معارك تحرير الوطن، على غرار الإخوة كشيدة وعلي النمر والإخوة سفوحي وغيرهم، أما فريق الملعب الإفريقي السطايفي (الصاوص) فقدم 40 شهيدا فداء للوطن، منهم محمد قيرواني وفرية قويدر وحسان غجاتي والعيد شراقة ومحمد قصاب ودغيش ساعد وغيرهم. وقد خلدت أسماء أبرز الشهداء المذكورين في ملاعب جزائرية معروفة مثل زيوي بحسين داي وبراكني في البليدة وقصاب في سطيف وسفوحي في باتنة والقائمة طويلة.

ومعلوم أنه في أول مناسبة لتأسيس فريق “الأفلان” لكرة القدم بتونس، فقد حضر اللقاء النهائي للدورة كل من الشهيد عميروش والرئيس التونسي بورقيبة الذي أمر برفع العلم الجزائري إلى جانب راية المغرب وتونس وليبيا، وتعتبر هذه المشاركة بمثابة الانطلاقة الحقيقية لمشوار كبير وهام ميزته 32 محطة في عدة دول أوروبية وإفريقية وشرق أوسطية وآسيوية في الفترة ما بين 1958 و1962، ومن الدروس التي لقنها الرياضيون الجزائريون للمستعمر الفرنسي في تلك الفترة توقفهم عن النشاط تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني، وتفضيلهم خيار الكفاح لإنجاح مبادئ ورسالة الثورة بلغة الصمود والسلاح.

مقالات ذات صلة