-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مجرمون في ثوب إعلاميين

حسين لقرع
  • 2940
  • 0
مجرمون في ثوب إعلاميين

يبدو أن كل المجازر التي اقترفت ضد المتظاهرين العزل بمصر طيلة عامين وقتل الآلاف بميدان “رابعة العدوية” وحرق جثث بعضهم وجرفها، وكل الممارسات القمعية المتواصلة إلى حدّ الساعة وإصدار أحكام قضائية جماعية ثقيلة، وتعذيب المتظاهرين في السجون… كل ذلك لم يُشفِ غليل الإعلامي المعروف عبد الحليم قنديل ولم يرضِ نزعته الدموية؛ إذ ظهر على شاشة فضائية تابعة لساوريس ودعا الانقلابيين إلى ارتكاب مذبحةٍ جديدة في حقّ المتظاهرين تكون ضربة قاصمة لهم، على غرار “مذبحة المماليك” التي ارتكبها محمد علي باشا في 1 مارس 1811 ضد المماليك وأنهى بها معارضتهم له.

والواقع أن مذبحة المماليك تتواضع تماماً أمام مجازر الانقلابيين؛ ففي تلك المذبحة التي وقعت بمصر منذ أكثر من قرنين، قتل نحو 500 من المماليك، في حين إن ضحايا الانقلاب يُعدّون بالآلاف، ومنهم 2600 قتيل في مجزرتي “رابعة” و”النهضة” وحدهما.

إننا أمام مجرمين في ثوب إعلاميين ومثقفين.. إعلاميون مكانهم الذي ينبغي أن يكونوا فيه هو السجن وليس الفضائيات والصحف؛ فالذي يدعو علناً إلى إبادة المتظاهرين المسالمين، هو مجرمٌ ينبغي أن يحال فوراً إلى القضاء لمحاكمته بتهمة التحريض على القتل، وليس فتح أبواب الفضائيات أمامه لبث سمومه وأفكاره الدموية الحاقدة.

بالأمس، لعب إعلاميو الفتنة والدم دوراً كبيراً في حدوث انقلاب 3 جويلية 2013، والحث على التنكيل بالمتظاهرين والمعتصمين، وسمعنا هؤلاء على شاشات الفضائيات يبرّرون المجازر، وإطلاق الرصاص الحيّ على المتظاهرين، ويحمّلون الضحايا المسؤولية، ويحرّضون الظَّلمة على المزيد من القتل والقمع، واليوم نسمع من يرى أن كل ذلك غير كافٍ ولا بدّ من مجازر أخرى تستأصل شأفة المتظاهرين وتكرّس الانقلاب والاستبداد.

المفترض أن يؤدي الإعلاميون رسالتهم النبيلة القائمة على تنوير الناس بالحقيقة، والتصدي للاستبداد، وفضح ممارسات القمع، والدفاع عن الإرادة الشعبية، ورفض أي انقلاب على الشرعية، والنضال من أجل حق المواطنين في الديمقراطية والحرية والعدالة والكرامة… ولكن الحاصل في مصر هو أن الكثير من إعلامييها قد تخلوا عن رسالتهم الإعلامية، وتحوّلوا إلى مجرد مرتزقة وأبواقٍ للاستبداد، ورؤوس فتنة ومحرضين على القتل وحمّالاتِ حطب، يساندون الانقلاب على الإرادة الشعبية ويسمّونه “ثورة”، ويوالون الظَّلمة المستبدّين ويحرضونهم على كبت أنفاس المعارضين وإسكات أصواتهم ولو بارتكاب مجازر فاشية ضدهم…

كان المثقفون العلمانيون ينتقدون فتاوى التكفير واستسهال إهدار دماء الناس، ولكن هاهم يبرّرون المجازر، ويدعون دون حياء إلى ارتكاب مذبحة “مماليك” جديدة بحق المتظاهرين من مواطنيهم، فضلاً عن الدعوة إلى ضرب غزة وتشديد الحصار الإجرامي على أهلها المستضعفين.. هل هؤلاء أقلّ سوءا وشرا من عتاة المجرمين الذين تغصّ بهم السجون؟

مصيبة مصر أنها ابتليت بحكم عسكري فرعوني مستعدّ لارتكاب أبشع المجازر للبقاء في السلطة، وبفقهاءِ بلاط يحرّضون العسكر على القتل الجماعي للناس و”الضرب في المليان” دون أيِّ خوفٍ من الله، وبإعلاميين ومثقفين يستخدمون آلة إعلامية جبّارة لتضليل الناس وتزيين الظلم والبغي للانقلابيين، وللدعوة الصريحة إلى سفك دماء الأبرياء وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ولا أحد يستطيع محاسبتهم أو معاقبتهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • عبد اللطيف

    لا نبتعد كثيرا الى مصر .. الجزائر من بداية سنة 2015 تتعرّض اعلاميا لهجمة شرسة من قنوات فرنسية و مثاله F24 ضدّ القضاء الجزائري عندما بادر الى محاكمة رؤوس الفساد في سوناطراك و .. و تحريض الجنوب الجزائري باستغلال الغاز الصخري و الاّ استقرار بغرداية .
    انّ المتتبّع لأخبار مثل هذه القنوات يشحن في الشباب كراهية الجزائر .

  • BESS MAD

    حصة من تلك الحصص تباع و تشترى بآلاف الدولارات. الذين باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان لا يؤمنون بمبدء يجبرهم على التفكير و كابح ضمير.صاروا كالأغنام همها الوحيد المرعى. تأكل كل ما يوجد في طريقها دون قيد و لا شرط. أناس تجردوا من فرامل الدين و العرف و الإنسانية لاهثين وراء لون الورقة الخضراء يتلونون تلون الحرباء. يركضون وراء الأكثر عطاء. لو فعل المرسي ما تشتهي أنفسهم لرفعوه إلى أعلى عليين و وضعوه فوق رؤوسهم و لا دانوا بدينه. ورلكن ميزان العجز الذي يعيشونه و عورات بيوتهم هو الدافع إلى بيع الذ مم و الضمير