الرأي

مجنون في المسجد

عمار يزلي
  • 1951
  • 0

بدأت منذ منتصف شهر رمضان في تغيير عاداتي الرمضانية.. بدأت شيئا فشيئا أميل إلى الاستيقاظ مبكرا (ما بعد الواحدة زوالا)، وأنام مبكرا أيضا. حتى صلواتي صرت أصليها في وقتها تقريبا.. شيء لم يكن متوقعا بالنسبة إلي، كما أني صرت أواظب على صلاة المغرب في المسجد إضافة إلى صلاة العشاء والتراويح. مع ذلك، لا أزال أتعب في صلاة التراويح.. فكرت في تغيير المسجد بمسجد بعيد يكون الإمام “رابيد”.. شيخ كبير ويقرأ القرآن بقراءة الفقهاء في الجنائز! “تي جي في”، سريع الوصول إلى الركعة الأخيرة. وهذا يناسبني أنا الذي “أتقلق” على الهدرة، لو كان جات الصلاة والتراويح فيهم الهدرة والواحد يقدر يهدر ويقصّر ويشيخ في خاطره، لكنت أصلي التراويح حتى الفجر.. لكن الله غالب فمي يأكلني ولا أستطيع أن أبقي ساكتا طويلا وإلا فستجدني “ستريسي” ومقلق نخرج أو أفكر في موضوع آخر حتى يكون المصلون قد سجدوا وأنا لا أزال واقفا أفكر! بعدها، عندما يهمون هم بالوقوف، أتذكر أنا.. وأنزل للسجود في سجدة واحدة (أختصر حتى السجود) لألحق بهم قبل أن يصلوا إلى الاطمئنان واقفين..

غيرت المسجد ليس فقط على أساس ثقل قراءة الأمام الشاب الذي يقرأ بصوت الشيخ “العجمي”، الذي غيّرته بقراءة “السي بوعجمي”، بل لأنه في المسجد الثاني لا يعرفني أحد، وإذا أخطأت وقعدت عندما يكونون هم وقوفا أو وقفت عندما يكونون هم قعودا، لا أستحيي إلا من الله ومن نفسي.. لا يهمني الآخرون لأني لا أعرف فيهم أحدا. أما في المسجد المجاور لبيتي، فالكل يعرفونني ويعرفون أني جديد على “المهنة” ويأتون لي بعد الصلاة ليلقوا عليّ محاضرات في فقه الصلاة وفي رسومها. قلت لهم: المشكل ليس في أني لا أعرف، إنما أنسى، أتيه، أسيح، أتودر، أتقلق..! قالوا لي: ركّز مع الإمام وحاول أن تفهم وتتدبر ما يقول. قلت له: ما تدبروش علي، دبروا على روسكم، أنا عندي القهوة والزلابية.. شكون ياكلها كي نقعد هنا ساعتين؟ أصحابي القمارجية يتقلقوا ويزعفوا؟ واش نقول لهم؟ الطيارة تأخرت بي؟ الإمام ثقيل؟ يقولون لي: صلّ في الدار أو ما تصليش.. ياك التراويح غير سنة. (عندي وحد الباندية نتاع القهاوجية حاسبين رواحهم فقهاء ويفتيو لك كما يبغيو).

في المسجد الثاني، صلينا التراويح في نصف ساعة وصافطنا نروحوا. ولسوء حظي، تصادفت ذاك اليوم بحادث طريف لكنه غير ظريف على الإطلاق، فلقد دخل مهبول إلى المسجد وجلس يصلي وسط الناس، وما إن جاءه لهبال، وكان الناس سجّدا، حتى قام ومسك خيزرانة لأحد المصلين كانت بجوار سارية، وراح يهشّ بها على المصلين وعلى الإمام: حاسبني خوان؟.. تقول لي: “وما تلك بيمينك يا موسى؟”، راك تشوف في مارافد والو.. البورسة نتاع الخبز هاهي هناك، ما تحشمش وأنت إمام، وأنتم ساكتين ما تغيروش المنكر نتاع الإمام..؟ قاع كيما راكم منافقين.. تصلوا وتكذبوا وتنافقوا وتبيعوا وتشروا وتخونوا.. شوفوا.. والله ويبوجي واحد حتى نجيبها ليماه في الملغيغة! حبس أنت لقراية.. راني نهدر معك مشي مع تيمم (الإمام توقف عن القراءة وسمعناه في المكروفون يتمتم بين شفتيه: أشهد أن لا إله إلا الله.. اللهم أمتنا شهداء!). 

مقالات ذات صلة