جواهر

“محاجب” الرجال و”شلاغم” النساء!

سمية سعادة
  • 11718
  • 14
ح.م

طابور طويل، تتخلله الالتواءات والانحناءات، ذلك الذي اصطف أمام أحد المخابز بالعاصمة في اليوم الأول من السنة الجديدة، والغريب أن معظم المصطفين من الرجال شغلهم الحديث عن المرأة الجزائرية التي ” تكسرت” يديها وصارت تأكل من المطاعم والمخابز في الوقت الذي كانت فيه نساؤهم تستعجلنهم في الهواتف المحمولة للعودة إلى البيت بالخبز لتناول وجبة الغداء!.

ربما هو نوع من “ميكانزمات الدفاع” التي يلجأ إليها الجزائري لإخفاء عيوبه عن الأخريين عندما يكون عاجزا عن تحقيق ما هو مطلوب منه، أو ربما يدخل الأمر في سياق الاعتراف الضمني بأن الزوجة التي تجلس في البيت في هذا اليوم- عطلة- حتى وإن كانت عاملة أو موظفة لا يسعها أن تحضر”الكسرة” أو “المطلوع” لأنها مثل بقية الجزائريات – اللواتي تم الإشارة إليهن في الطابور- “تكسرت”يديها وتخلت عن دورها الرئيسي في إطعام أسرتها، ولكن ليس هناك من يجرؤ أن يتحدث عن زوجته بشكل خاص لأن كل هذا الطابور الطويل سكت عن هذه الحقيقة وراح يتحدث بشكل عام عن الجزائريات اللواتي استطعمن خبز المخابز وأكل المطاعم، وحقيقة إذا عمت المشكلة خفت على المشتركين فيها.

وحق لهؤلاء الرجال أن يمسحوا عن وجوههم “عرق” الإحراج، لأن ما يحدث اليوم في الأسرة الجزائرية من تخلي الكثير من النساء عن مهامهن الأسرية، كافيا لأن يجعلهم يشعروا أن الأزمة ليست أزمة امرأة واحدة أو مجموعة من النساء، وإنما هي أزمة مجتمع بأكلمه.

ولكم أن تسألوا أصحاب المطاعم ومحلات البيتزا عن أكثر الزبائن المرتادين عليهم لتعرفوا أن النساء اللواتي يطيب لهن أكل “البيتزا” و”المحاجب”من يد غليظة يغطيها الشعر الكثيف هم أكثر الزبائن، والحق يقال أنهن ساهمن في تخفيف أزمة البطالة بين الشباب وضاعفن مداخيل هذه المحلات!.

بالتأكيد لا نلقي باللوم على المرأة العاملة التي لا تجد الوقت لتعود إلى بيتها لتناول وجبة الغداء فيه، حتى وان كان بمقدورها أن تستغني عن أكل المطاعم والمحلات بجلب الطعام من بيتها لما تحتويه هذه الوجبات من ميكروبات تسبب أمراضا قاتلة، وليس اللوم أيضا على المرأة التي وجدت نفسها بعيدة عن بيتها بسبب ظرف من الظروف، ولكن اللوم كل اللوم على المرأة التي استيقظت على مزاج متعكر فقررت أن تأخذه في “نزهة”، فتغلق بيتها على الأوساخ والفوضى التي تعمه وتقضى نهارها بين الأسواق والمراكز التجارية  لتستريح في “بتزيريا”وتستمتع بالأكل “اللذيذ” ثم تطلب من الطباخ أن يلف لها طعام أسرتها في كيس ورقي حتى لا تنفق أي وقت في إعداد الطعام عند عودتها إلى البيت منهكة من السير الطويل في سبيل أن تحسّن مزاجها، ومثل هذه النماذج لا يسعنا حصرها في هذا المقال.

إن المرأة التي لا تجد متعة في إعداد الطعام لزوجها، فكيف تنتظر أن تنفذ إلى قلبه؟! وإن الأسرة التي يجتمع أفرادها كل مساء مثل”الزوافرة”ليناموا فقط لأن ربة البيت ليس عندها أي مزاج لتحضير الطعام، أو لأنها مشغولة بالأعراس و”المرشيات” و”تدليل”المزاج السيئ، أسرة يحيق بها خطر التشتت العائلي، لأن مائدة الطعام هي في الغالب من تدفع الناس إلى العودة إلى بيوتهم الدافئة.

مقالات ذات صلة