-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
صاحب رائعة يا بحر الطوفان

محمد الباجي.. قصة خويا الباز

فاروق كداش
  • 1151
  • 0
محمد الباجي.. قصة خويا الباز

صوته يشبه الصخرة التي تتحطم فيها أمواج بحر الطوفان، وفي زنزانته شذى المقنين، في رواق الموت أغنيته الأخيرة، كتب للثورة والحب والفراق. هو تارة الباجي، وتارة خويا الباز، هو كاتب وملحن ومدندن بصوته الأجش، يحرك مشاعر الملإ فتمتزج آهاته بآلامهم. الشروق العربي، تروي سيرة أحد أعمدة موسيقى الشعبي، أحد كبار كتاب الأغاني، شيخ من بين أعمدة الشيوخ، رجل في زمن الشهامة والحرمة.

تجتمع في محمد الباجي كل صفات الفنان.. فهو مؤلف وملحن ومؤدٍّ في فن الشعبي العريق، اشتهر باسم جميل هو خويا الباز.

ولد في 13 ماي 1933 بفري فالون بحي بلكور العتيق في العاصمة، غير أن عائلته تنحدر من العلمة في الهضاب العليا.

ارتباطه بالموسيقى بدأ في سن مبكرة جدا، فكان منذ 1947 يتردد على الكشافة الإسلامية، إلى جانب أحد أيقونات ثورة التحرير، ديدوش مراد. وفي الكشافة انغمس في الموسيقى بكل جوارحه، وشحذت أغاني الشعبي حسه الفني وحسه القومي الثوري في آن واحد. كان الباجي من أشد المعجبين بالشيخ محمد العنقى والحاج مريزق والحاج منور وخليفة بلقاسم.. أول معلم له كان الشيخ بوصبع، وسمي ببوصبع لأنه اشتهر بالعزف بأصبع واحدة، وأول من أعطاه الفرصة قدور عبد الرحمن، الشهير باسم كانون، في فرقته الخاصة التي كانت تضم كلا من الشيخ بعزيز وشعبان مدني وإبراهيم سكيت.

بعد عام 1952، قام محمد الباجي بالانخراط في العديد من الفرق الموسيقية الشعبية، وساهم في تنشيط حفلات عائلية وشعبية كثيرة في حقبة مضطربة من تاريخنا المجيد.

خلال الإضراب الذي دام ثمانية أيام عام 1957، اعتقلته الشرطة الفرنسية، وقامت بتعذيبه، وحكم عليه آنذاك بالإعدام، لكن تم إلغاء حكم إعدامه في ما بعد. في زنزانته الضيقة، قام بتأليف أغنيته الشهيرة “يا المقنين الزين” بجيتار صنعه بنفسه، مستلهما الكلمات من الشهيد الشاب بوعلام رحال، الذي زورت فرنسا تاريخ ميلاده لإعدامه. في مارس 1962، أطلق سراح محمد الباجي، بعد خمس سنوات من السجن.

بعد الاستقلال، شغل منصبًا في وزارة العدل حتى عام 1977. وبعد التقاعد، فتح محل جزارة في سوق غاسبار في المرادية. ورغم انشغاله بروتين الحياة، استمر الباجي في تأليف الموسيقى، وكتابة كلمات الأغاني لأسماء كبيرة، مثل عمر زاهي، وعزيوز رايس، ورضا دوماز، وبوجمعة العنقيس، وأحسن سعيد، والمطربة سلوى، ورابح درياسة، وخليفي أحمد، وفايزة الجزائرية، وغيرهم.

قد تكون أغنيتا “المقنين الزين” و”بحر الطوفان” من أجمل ما كتب الباجي، لكن قريحته جادت بأغان يدندنها إلى حد الساعة، محبو الشعبي، مثل: “هذي مدة وأنا غريب”، و”هذا الخاتم فين هي مولاتو”، و”القلب دم ولحم”، و”أنا عندي قلب”، و”عليك الهنا والضمان”، و”الوالدين”، و”يا كبدي ولدي علاش”.. كتب للتاريخ، ومن أروع ما كتب لمجزرة كتشاوة في 1832 في العاصمة، التي قال فيها: “باب الواد علاش غلقوه.. وقطعوا القناطر.. واللي نحبو علاش قتلوه.. جابو المناشر”. الباجي لم ينس القضية الفلسطينية، وكتب لفلسطين حرة مستقلة في رؤيا هولوكوستية مضادة، فمن لا يحفظ رائعته “يا أرض فلسطين”.

من أشهر ما قال الباجي لبعض الشباب: “يا مصاغر وقتكك صعيب، بالأمس كان ثمة ضوء بلا شموع، واليوم ثمة شموع ولكن نحن باهتون”، كان الباجي رومانسيا حالما، فكتب إلى زوجته أغنيتين، إحداهما رائعة “هذا الخاتم”، التي غناها عمر الزاهي. والثانية، “نحب الورد ونحب اللي يحب الورد”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!