-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

محمد بن عبد الكريم

محمد بن عبد الكريم

هم ثلاثة أشخاص لهم في نفسي مكانة سامية، وفي عقلي منزلة عالية، وفي قلبي قيمة غالية، وهم يتسمّون باسم واحد هو “محمد بن عبد الكريم”، أول الثلاثة هو الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي (ت 1505م)، وهو من منطقة توات، وقد وُصف بأنه جسور، شجاع القلب، أمّارٌ بالمعروف، نهّاء عن المنكر، وزاده شهرة تصدّيه لمنكرات اليهود.. وقد اعترف له جهابذة علماء عصره بالفضل والنّبل، ومنهم الإمام السيوطي الذي أقرّ بنبله واعترف بفضله فقال عنه بأنه: “حبر أقرّ بنبله” و”لديّ ثناء واعتراف بفضله”. (عبد الرحمن الجيلالي: تاريخ الجزائر.. 3 / 75).

وثاني الثلاثة هو المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي (ت 1963) الذي جاهد في الله حق جهاده، وقد أرهق برجولته دولتين كبيرتين هما إسبانيا وفرنسا، وأذاقهما من أمرهما عسرا، وأراهما من البطولة آيات لن ينسياها أحقابا.

وأما ثالث الثلاثة فهو الدكتور محمد بن عبد الكريم الزّموري الجزائري الذي توفاه اللهعز وجلمنذ سنتين، في 9 نوفمبر من سنة 2012 عن ثمانية وثمانين عاما، والزّموري نسبة إلى بلدة برج زمورة بولاية برج بوعريريج.

عرفت اسم الدكتور محمد بن عبد الكريم في منتصف الستينيات، حيث اشتريت بعض الكتب التي حققها كـوشاح الكتائب.. “لابن رويلة، وإتحاف المنصفين والأدباء..” لحمدان خوجة، ورحلة الباي محمد الكبير..” لابن هطال. وحضرت مناقشة رسالته للدكتوراهالمقري وكتابه نفح الطيب“.

ولكن صلتي به ومعرفتي المباشرة له بدأت في منتصف السبعينيات عندما عملت رئيسا لقسم النشر العربي بالشركة الوطنية للنشر والتوزيع (SNED ) حيث كان يتردد عليّ لمتابعة نشر بعض كتبه.

لقد لقي محمد بن عبد الكريم تعبا كبيرا ونصبا شديدا في الجزائر، بعضه آت من شخصيته العصبية، وبعضه آت ممن يتلذذون بإرهاق غيرهم. وقد عمل في التعليم، ثم في المكتبة الوطنية.. ثم انتهى به الأمر إلى الاتصال بـجمعية الدعوة الإسلاميةالليبية التي تعاقدت معه للعمل في باريس.

لقد ترك محمد بن عبد الكريم ثروة هامة من الكتب والرسائل متفاوتة الأهمية والقيمة، منها المؤلف ومنها المحقق، ومنها المترجم، منها الكبير ومنها الصغير، ومنها العوان بين ذلك. وقد أثارت بعض كتبه ردودا كثيرة، مدحا وقدحا، ومنها كتابهالقذافي والمتقولون عليه، وفضائح تكشفها فخاخ الديمقراطية في الجزائر، ومزاعم الدكتور البوطي في تبرئة طغام الحكام وتأثيم دعاة الإسلام،تبديل الجنسية ردة وخيانة، ومما قاله شعرا في هذا الموضوع:

لو سيم كلب في تبدل جنسه     لبدا عليه لدى النّباح تعجب

من قال في التجنيس: ليس محرّما     هذالعمريالجهل فيه مركب

لقد كتب اللهعز وجلأن يختم محمد بن عبد الكريم حياته بكتابة تفسير للقرآن الكريم في 8 أجزاء تحت عنوانمن توجيهات القرآن العظيم“.

ومما حفظته عنه قولهرحمه الله-: “لقد ندمت على ثلاثة أمور: على القراءة، وعلى الزواج، وعلى العودة إلى الجزائر، ولما نستفسره عن سبب ندامته، يجيب: لو لم أقرأ لما حملت همّ شعبي وأمتي، وإن الزواج مسئولية تجلب الذّلة، وأما الندم على العودة إلى الجزائر، فلأن تحقيق أي أمر في الجزائر يستلزم ثلاثة شروط هي: جاه فرعون، ومال قارون، وعصا موسى، وصبر أيوب، وعمر نوح“. ولعله اقتبس بعض هذا من ثلاثة أبيات منسوبة إلى أبي تمام هي:

يحتاج من يرتجي نوالكم    إلى ثلاث من غير تكذيب

كنوز قارون، أن تكون له    وعمر نوح، وصبر أيوب

 

رحم الله أستاذنا الدكتور محمد بن عبد الكريم، ونفعه بـ “52 كتابا ورسالةالتي خلّفها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • جرجري

    ... أه يا شيخنا الفاضل .... هذا قدرك ... من سلبياتك ... أو ... من سيئاتك ... التي تحمد عليهــــــــــــــــــــا ....
    أنك دائما - في مقالاتك الرصينة و الهادفة في آن واحد - تضع السبابة على الجراح.... قد ينتقدوك أو يهجوك ...
    " و إذا أتتك مذمتي من ناقص # فهي الشهادة لي بأني كامل "
    و الكمال لله ...
    أعانك الله استاذنا الكريم على الدرب و جعلك منارة لأهل العلم و العلماء.

  • ابو العز

    في حقيقة الامر يا استاذنا الكريم إنك تشبع ثروتنا اللغوية و الوطنية لتعرضك لمثل هذه الشخصيات الكبيرة التي نجهلها تماما و لم نسمع عنها بتاتا و لم نقرأ لها أي كتاب

    لا انكر عليك لو قلت لك بان لي باع في معرفة الكتاب المشارقة و بهذا رايت من فضولي عليك أن تتكرم علينا وتسلط اضواءك الكاشفة حول العلاقة التي ساءت بين مالك بن و بومدين وبدون احراج

  • أبو محمد

    الصواب أستاذنا هو أن نقول:
    نفعنا الله بما ألف من كتب
    ونفعه برحمته

  • خالد محمد

    هناك محمد بن عبد الكريم الفكون رابعهم لايقل عنهم في العلم والمراقف الخالدة تذكروه

  • عبد الرحمن سرحان

    لقد كانت محاضرات الأستاذ محمد بن عبد الكريم الجزائري ذات أبعاد أكاديمية تربوية قلّ ما تجدها عند الدكاترة الشباب. يجب أن يتعلموا منه الدقة في تحليل الموضوعات، وهل يعرفونه حتى يقرأون له؟ قال لي أحد الزملاء الأساتذة وقد زار دمشق في بعض السنين أن أحد الأساتذة السوريين التقى به هناك في معرض للكتاب وتعرف عليه. قال له: كيف حال أستاذنا بن عبد الكريم في الجزائر؟ قال قلت له: لا أعرفه فتعجب وخجلت . ثم قال متعجبا. ألا تعرف الرجل الذي ألف أكثر من خمسين كتابا في شتى الموضوعات بأسلوب راق؟.

  • الورثلاني

    بارك الله فيك يا شيخنا و جزاك خير الجزاء في الدنيا و الاخرة. ما احوجنا الى من يعرفنا بعلمائنا و مثقفينا الذين لم نسمع اسماءهم حين كنا طلبة.

  • عبد الرحمن سرحان

    ولما قرأت كتاب "كشف الستار" وجدت شعرا غزيرا بل سهاما هجاء لساسة حكموا في بحر الستينيات فكان ساخطا كل السخط وفيه بعض الوطنيات، أما كتاب مآسي المثقفين فيقصد نفسه حيث مُنعت كتبه من الطبع في الجزائر فلجأ إلى المغرب الشقيق ليطبعها فوجد الويلات وطبعها بصعوبة. عرفت إذن بعض أسباب تهميشه وأستاذنا الفاضل أدرى وأعلم وكم نتمنى نحن قراء البصائر أن يتكرم أستاذنا الهادي فيكتب فيه عمودا مقالا مستفيضا يناسب مكانته وهو على ذلك قادر وعسى أن يكون ذلك قريبا.

  • عبد الرحمن سرحان

    لا أعرف إلا الأستاذ محمد بن عبد الكريم الزموري المعروف بالجزائري فإذا هو يشع نورا.
    مهما أنسى - والله وإنه لقسم عظيم - فلا أنسى الأستاذ بن عبد الكريم الجزائري يوم قدموه لإلقاء محاضرة في بحر التسعينيات لا أذكر العام بالتحديد بدعوة من جمعية خيرية يُنشطها شباب مُكتهلون مُثقفون. في مدينة سطيف و المكان قاعة مالك بن نبي في وسط المدينة، المعروفة باسمها القديم abc كانت سينما تعرض الأفلام ولتميز المحاظرة أذكرها لأستاذي الهادي حفظه الله وأعانه على رسالته فقد حضرت واستفدت وكنت يومئذ أستاذا للغة والأدب...

  • merghenis

    • عن الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي ــــ أنظر مقال الكاتب بتاريخ 09/02/2012 بعنوان " فحولة علمية و غيرة إسلامية".
    • عن محمد بن عبد الكريم الخطابي ــــ أنظر مقال الكاتب بتاريخ 31/01/2013 بعنوان"المنفي حيّا و ميّتا".
    •عن محمد بن عبد الكريم الزّموري ـــ أنظر مقال الكاتب بتاريخ 21/07/2014 بعنوان"عرب اليهود".

  • rachid khalfat

    شكرا سيدي الاستاد الفاضل ....لا فض فوك ولا بر من يجفوك..

  • تيارتي

    شكراً أستاذنا الكريم وزادك الله بسطةً في العلم و...
    لاننسى اسم محمد بن عبد الكريم المنتمي الى جهة تيارت ،وتحمل ثانوية بتيارت اسمه (محمد بن عبد الكريم) شكراً.

  • موسى

    لافض فوك ولاجف قلمك أستاذي الفاضل أرجو أن تتكرم بالكتابة عن الشيخ الطاهر الجزائري لأني أجد هذا الإسم يتكرر كثيرا في بعض الكتابات دون الإشارة إلى من هوكل ماوجدته أنه درس بالشام العلوم الشرعية أفدنا زادك الله علما وعرفنا بعلمائنا وشكرا لك وللشروق

  • مواطن

    رحم الله الجميع ولكل امرئ ما قدمت يداه.لكن ما لا أقبله من أي مواطن أن ينكر حق وطنه عليه وهذه مصيبتنا نحن الجزائريون حين يحلو لنا الطعن في بلدنا عوض المساهمة في إنقاذه من وضعه السيئ.فلنتخذ من حيراننا تشبثهم بوطنهم ولما ينالوا منه إلا البؤس والحرمان فيهجرون ليرجعوا بما ربحوا من مال وجاه ليدعموا أرض أجدادهم.بقي عبد الكريم الخطابي مناضلا مغربيا رغم حرمانه من الرجوع إلى الأرض التي وهب عمره في سبيلها.عندنا كل يريد اعتلاء العروش وإلا تنكر لفصله وأصله.الجزائر في حاجة إلى كل أبناءها ولا أحد كبير بدونها.

  • عبد العلي

    قالت العرب في علمها النفسي الخاص بالمعاملات :
    " أزهــــد النــــــاس فــــــي العـــــالم أهـــــــله وجيـــــــرانه" !!!
    رحم الله كل علمائنا ومفكرينا قديما وحديثا ... وفي كل ولايات
    الوطن الـــ 48 .
    وإذا كانت مصابيح السماء هي نجومها .. فإن مصابيح الأرض هم علماؤها . ونعوذ بالله أن نكون من السفهاء فنكسر مصابيحنا فينتشر
    الظلام و يسود الخفافيش والعُميان !!

  • بدون اسم

    جزاك الله خيرا على ما تكتب ما شاء الله موسوعة علمية وفكرية ودينية الله يبارك في عمرك