-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مدخلٌ آخر لنهب أموال الشعب؟!

حسين لقرع
  • 3231
  • 0
مدخلٌ آخر لنهب أموال الشعب؟!

يبدو أن السلطة جادة فعلاً في رفع الدعم عن أسعار بعض المواد واسعة الاستهلاك كالخبز والحليب والدقيق والزيت والوقود… وبيعها وفقاً لأسعارها الحقيقية في الأسواق الدولية، بعد سنوات من التدرّج، وهي تحضّر الشعب لذلك.

 وتتحجّج السلطة بأن بعض هذه المواد تُهرّب إلى دول الجوار وتُباع بأضعاف أسعارها كما هو حاصلٌ مع الوقود والدقيق مثلاً، ويجني منها المهرّبون ثرواتٍ خيالية في حين تخسر الدولة ملايير الدولارات في دعمٍ يصبّ في مصلحة المهرّبين قبل الطبقات الفقيرة. ولذلك لا مناص من رفع الدعم عن أسعار هذه المواد ليختفي تهريبُها من تلقاء نفسه حينما تباع بالأسعار نفسها التي تباع بها في دول الجوار..

حججُ السلطة تبدو منطقية ومقبولة، ولكن ينبغي تأكيدُ مسألتين:

الأولى: على الحكومة أن لا تكتفي برفع الدعم وإبقاء الأجور في مستوياتها الحالية بحجة قلة الموارد المالية ومكافحة التضخم، فقد تضررت القدرة الشرائية للجزائريين في عام 2015 إثر تخفيض الدينار بنسبة 22 بالمائة، ما يعني أن أجورهم قد انخفضت بالنسبة نفسها. ومع رفع الأسعار في 2016 تبعاً لقانون المالية الجديد وانعكاساته على قطاعيْ النقل والفلاحة، فستتضرّر القدرة الشرائية للجزائريين أكثر، وسينضمّ المزيد منهم إلى قائمة الفقراء إذا بقيت أجورُهم الحالية دون تغيير. ولذلك، فإن قرار الحكومة تقديمَ مِنح مالية شهرية للعائلات التي تقلّ أجورها عن 50 ألف دينار كدعم مباشر لها، يعني أن ملايين العائلات التي تتقاضى أعلى من هذا الأجر بقليل، ستُعاقَب برفع الأسعار وتتضرّر قدرتها الشرائية برفع الدعم. ولذا يتحتّم على الوزارة معالجة مسألة الأجور بالتوازي مع رفع الدعم.

ثانياً: ينبغي للدولة أن تكون حذرة جدا في مسألة توزيع منحٍ شهرية لملايين العائلات التي تقلّ أجورها عن 50 ألف دينار، في إطار دعمها مباشرة، فقد تذهب نسبة من هذه المنح إلى جيوب مسؤولين محتالين في مختلف المواقع.

لقد رأينا كيف انفجرت فضائح كثيرة تتعلق بتحويل جزء من أموال قفة رمضان، والشبكة الاجتماعية، والمنح المدرسية… وغيرها، إلى مسؤولين فاسدين، واختلق هؤلاء قوائمَ خيالية لموظفين وعائلات وهمية وموتى، بغرض تحويل جزءٍ من هذه المنح إلى جيوبهم، ولم يتردّدوا في نهب الفقراء بكل نذالة وخسّة ووضاعة نفس.

ولا نستبعد أن تتكرّر المسألة مع قوائم العائلات الفقيرة التي ستُوجِّه لها الدولة منحاً شهرية كدعم مباشر، ويحقق مسؤولون انتهازيون ثرواتٍ خيالية منها، عبر اختلاق قوائم وهمية، وأن يتخذوا منها مدخلاً جديداً للنهب والثراء غير المستحق من الخزينة العمومية؛ بيت مال الجزائريين.

قد تنجح الدولة في مكافحة تهريب الوقود وبعض المواد الغذائية إلى دول الجوار واستعادة 3 ملايير دولار سنوياً من المهرّبين، لكننا نخشى أن تنفق أكثر من هذا المبلغ على قوائم وهمية لعائلات فقيرة “يخلقها” مسؤولون فاسدون في مختلف المواقع لنهب أموال “البايلك” في عزّ التقشّف، ونخشى أن يكون رفعُ الدعم بحجة مكافحة التهريب، مجرد استبدال آفةٍ بآفة، مع ضرب القدرة الشرائية لملايين العائلات في الصميم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • عبد الحق

    لماذ تريدون اقحامنا في مشاكلكم و صرعاتكم فلتذهبوا جميعا الى الجحيم ...لا يهمنا امركم دخلتم السجن او خرجتم منه ..و لا يهمنا ان " ناضلكم الحب في راسكم " او حولتكم الساحرة الشريرة الى سنافر....روحو خطونا يا الدووووووولة

  • عادل تواتي

    أعجبتني جملة لم يترددو في نهب أموال الفقراء بكل نذالة وخسة ووضاعة نفس.
    تقبل تحياتي ولك منا المودة والتقدير أستاذ

  • م خ

    Ma question est : comment faire avec un salaire 17500,00

  • زوالي في بلادو

    شكرا لك على هذا المقال. لكي ننزع عن مجتمعنا هذه الشوائب المنهكة لِلأُسَرِ الجزائرية و ضمان تنقيتها من خطر الفقر المُعتمدِ، لا بد من إعادة النظر في أساليب الحكم و إدارة شؤون المواطن. لا بد من إماطة أذى حُكمِ الأفراد و استبداله بِنَفْعِ حكم المؤسسات و أن يكون القانون هو الفيصل في كلِّ الأمور. من الواجب أن لا نُقيِّد مصير الناس بِتصوّرات أشخاص ربما يكونون تحت طائلة مرض نفسيٍّ يجعلهم أخطر على الناس من الفقر ذاته. و أخيرا، فإن من واجب المجتمع أن يؤسِّس لنشئه سُبُلَ الرفاهية بتعليمه فوائد القناعة.

  • محمد

    لكن النظام الفاسد لا يسمع لمثل هؤلاء ، فهو في حرب مع كل من يقدم البديل النافع لهذا الوطن ، أظن أن الحل الصحيح و الجذري لما تعيشه الجزائر هو ذهاب السلطة الحالية بجميع حواشيها ، و انخراط المجتمع كله في هذا التغيير ، و عندها فقط سنتغير إلى الأحسن بكثير ، لكن دون ذلك عمل كبير ينتظرنا للوصول إلى هذه المرحلة .

  • محمد

    أنا أستغرب من هذا النظام الفاسد المفسد ، هل عجز على تقديم مشروع مجتمع ؟ كم يوجد في الجزائر من خبراء في الإقتصاد و في الفلاحة و في الإجتماع و في كل قطاع من القطاعات ؟ لماذا تلجأ السلطة دائما إلى فئة معينة من الخبراء لاستشارتهم ؟ لماذا لا تجمع كل الخبراء في قطاع ما ليبلوروا لها مشروعا في ذالك القطاع ؟ لو كانت السلطة صادقة فعلا في الخروج من الضائقة الحالية لوجدت الحل المناسب .
    نحن نتابع دائما القنوات الخاصة الجزائرية التي تستضيف خبراء في مختلف القطاعات و هم يقدمون حللولا واقعية و منطقية ،

  • احمد ع الق

    كل من يتقاضي أجرا أقل من50ألف دينار هو فقير يستحق الصدقة وينظم الي ما تسميه السلطة.بالمعوزين والمحرومين...وهذا يعني أن قطاعات كبيرة من الموظفين سيدخلون ضمن هذا الأطار..فمثلا قطاع التربية ستكون منه التسبة العالية أي ما يقارب 90بالمائة ويبقي أولئك الذين يتعدون المبلغ المحدد بدينار..لا ألي هؤلاء ولا ألي هؤلاء....أما غير العاملين فأكيد أن هذه السياسة تريد توجيههم الي الزبالة أو العنف وامتهان الشرور..وما تزال السلطة تتبجح بأن الأجر القاعدي 20 ألف د ....؟؟

  • حميد

    لا فض فوك أستاذ وفيت وشفيت وكفيت وكأنك تتكلم باسم الشعب وللتمكن من تنطبيق ما قلت أقول لك وللقراء:يجب أن تكون أنت رئيس الدولة وتختار الوزراء الذين تعرفهم أكْفاء وليس أكِفّاءوهكذامن الوزيرالى الميرأما الطغم التي في المسئوليةلن تقوم بذلك مادامت قفةرمضان توزع على موظفي البلديةويعطى للفقراءموادفذائيةمنتهيةالصلاحيةباتفاق مع المموني.

  • فضيل الجزائري

    لو فكرت السلطة في إعطاء منح لدوي الدخل الأقل من 50 ألف دينار جزائري لكانت قبل دلك فكرت في منح الشيخوخة و المعاقين ،ولتعلم السلطة والجميع أن محاربة التهريب لا يتم بهده الطريقة وإنما هناك طرق أمنية عديدة تتولاها المؤسسات الأمنية وليس بيت مال الجزائريين كما قلت واعلم أن الحجز والمتابعات القضائية ستجلب للخزينة أضعافا مضاعفة من العملةالصعبة دون اللجوء الى رفع الدعم ، و إن كانت الفكرة التي دكرت هي المطروحة باليعلم الجميع أن خط الفقر في الجزائر سيتجاول الثمانين بالمائة.

  • فقير في بلاده

    لا بد من مواجهة التهريب بشتى الوسائل و حماية المواطن من خطر الفقر في بلد غني بخيراته و لكن يفتقر بصفة مهولة لمسؤولين أُمناءٍ يخافون الله في خلقه. لقد سرى الفساد في كل الإدارات و الرجل النزيه أصبح من الصعب وجوده سواءا في دائرة القرار أو في دائرة الخدمات. النهب و السرقة هما العملة التي أصبح مجتمعنا يتعامل بها، فقد غاب " من أين لك هذا " و أصبح المجتمع مٌفرغ من الأمانة. لهذا يجب قبل كل شيء رفع الرعاية و " رفع الدّعم" للفاسدين و اللصوص، المشكلة تكمن في كيفية و وسائل تنضيف هذا المجتمع و إدانة الخونة.