الجزائر
أيوب صنع الحدث ببلعباس.. جاء للدنيا مظلوما وفارقها مقهورا

مراهق ينتحر حرقا بعد ما تخلت عنه عائلته بالتبني

الشروق أونلاين
  • 6700
  • 12
أرشيف

صنع الطفل أيوب الحدث وسط سكان ولاية سيدي بلعباس مساء الخميس، عند إقدامه في لحظة ضعف على الانتحار حرقا بشوارع حي الروشي، التي ظلت له مأوى لقرابة السنتين، بعد ما قست عليه الظروف منذ طلاق الزوجين اللذين تكفلا بتربيته، وهو الذي جاء لهذه الحياة بسبب خطيئة أم رمت به بدار الطفولة المسعفة. أيوب البالغ من العمر 17 سنة والذي يناديه أبناء حي الروشي بإسم “وهاب”، كان مساء الحادثة يبدو مكتئبا، وعلى غير العادة لا يكثر الحديث مع أبناء هذا الحي، الذي تنقل للعيش ببيوت ساكنيه لقرابة السنتين من الزمن، ضحكته التي كانت تخفي همه انتهت صلاحيتها، لكن لا أحد ظن أن هذا الطفل الذي استطاع أن يواجه قسوة الحياة بمفرده، سيفكر في طريقة لمفارقتها، وللأسف كان الأمر كذلك.

فاجأ أيوب ليلتها الجميع عندما أضرم النار بجسده ودخل الحي راكضا، ليس لطلب النجدة، وإنما لإعلام من كان لهم الفضل عليه أنه حسم أمر مغادرة هذه الدنيا التي أتعبته، الجميع أسرع لإخماد النيران وإنقاذه من الهلاك، لكن الأمر كان يبدو صعبا، فنقل في حالة حرجة إلى مصلحة الاستعجالات الطبية بالمستشفى الجامعي عبد القادر حساني، أين مكث لليلة واحدة وتوفاه الله بعدها، ليعم الحزن وسط أصدقائه وكل سكان حي الروشي، ويصنع الحدث وسط الرأي العام المحلي، بعد ما علم الجميع بما واجهه وهو طفل، فبعد ما جاء إلى الدنيا نتيجة خطيئة امرأة تجنبت الفضيحة فرمت به إلى دار الطفولة المسعفة، وقام زوجان بإخراجه منها للتكفل بتربيته، ودام الحال إلى أن بلغ سن الرابعة عشر، ليتطلقا ويرفض كل منهما التكفل به، فيجد بعدها الشارع فقط لاحتضانه، فلا أخ ولا أخت ولا أقارب يلجأ إليهم، رغم أن الجيران أدوا الواجب وأكثر بفتحهم لأبواب بيوتهم للأكل والشرب والمبيت بها، إلا أن أيوب كان يجبر في غالب الأحيان على المبيت في العراء، ويلجأ أحيانا أخرى للنوم بالمقاهي التي تضمن الخدمة خلال فترة الليل، حسب ما كشف عنه أحد سكان الحي، الذي قال أن أيوب ورغم صغر سنه كانت له عزة نفس، لا يريد أن يكون عالة على أحد، عاش برفقة أبنائي أزيد من عام، قرر بعدها الذهاب للعيش عند جار آخر قرابة الأربعة أشهر، ثم يعود ليقبل دعوة أحد أصدقائه من أجل المكوث ببيتهم لقرابة الثلاثة أشهر، عاشها كلها على أمل أن يعود يوما من ظل يناديه “بأبي” لينتشله من الشارع، رغم غيابه عن الأنظار منذ أن تزوج ثانية، ورحل إلى إحدى الولايات المجاورة.

أيوب عاش محروما وفارق الحياة وحيدا، لا أم تبكي فراقه، ولا أب يتلقى تعازي وفاته، لكنه أبكى كل من حضر لجنازته بمقبرة سيدي بلعباس، فرغم أنه يكون قد أخطأ لحظة اتخاذه لقرار الانتحار، هروبا من مشاكل قد لا يتحملها حتى الكبار، إلا أن أكبر المذنبين شرعا وقانونا، هو أكيد من أوصله إلى هذا الوضع، وهي المسؤولية التي ينتظر أن تحددها التحقيقات التي فتحتها المصالح الأمنية وبإشراف مباشر من قاضي الأحداث ومديرية النشاط الاجتماعي، ومعرفة من كان سببا في بقاء المرحوم الذي جاء للدنيا مظلوما وفارقها مقهورا، متشردا في الشوارع.

مقالات ذات صلة